مع بالغ الأسف على التعليقات والمقالات الكثيرة التي تفضل بها عدد من الكتاب والمفكرين، أود لفت انتباه القراء الكرام أن الكارثة والجريمة التي وقعت في فرنسا لا علاقة لها بالإسلام من عدة أوجه وكأني بالجميع يدافع عن الإسلام لإبعاد الشبهات عنه والدفاع عنه,، مع أن الدين لله وهو كفيل بحفظه، أما الأفعال الإجرامية التي ارتكبت فهي أفعال سياسية مدبرة تدبيرا محكما من قبل ساسة العالم وحكامها عن طريق المخابرات لخدمة أجندات معروفة يتم تنفيذها بنظام محكم وهو امتداد للحروب الشرسة التي تخوضها النخبة التي اختطفت السلطة الشعبية في الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الأوروبية قصد السيطرة على خيرات الشعوب والتحكم في مصيرها.
ربط كثير من الناس هذه الأحداث بالإسلام والمسلمين لسهولة اقناع الرأي العام العالمي ببشاعة أفعال ما يطلقون عليهم المتطرفين والتنظيمات التي اخترعوها لبلوغ مآربهم.وقاموا ايضا بتجنيد المتطرفين من ذويهم لزيادة الزيت على النار لتأجيج العواطف والارتباك لدى شعوبهم لأجل مباركة حروبهم وتمويلها دون محاسبة. فاللعبة السياسية مستمرة ويدركها المنصفون في الدول الإسلامية والدول الأوروبية وفي بقية دول العالم. خيرات العالم وخصوصا تلك التي توجد في البلدان المتخلفة التي باركوا فيها الاستبداد وتسلط الحكام على رقاب شعوبها هي التي على المحك وهي السبب الرئيسي في كل ما يجري وما تقوم به ‘القاعدة و’داعش’ وجميع المنظمات المتطرفة التي تقوم بأدوار مرسومة لها.
المتغير الذي لم يدخله كثير في الحسبان ،أيضا، يتعلق بمواقف الدول النامية والمنافسة للشركات العالمية المتمثلة في: الذي حذر منه ) )MILITARY INDUSTRIAL COMPLEX( الرئيس إيزنهاور منذ عقود من الزمن. روسيا، الصين، الهند، البرازيل، ايران وبعض الدول التي تثمن استقلالها السياسي مثل بعض دول أمريكا اللاتينية كلها مقصودة لدرء مخاطرها على نفوذ الساسة المتسلطين على العالم. وما الإسلام إلا عنصر من عناصر اللعبة التي أتقن الصهيو- المسيحيون حبكها بإتقان، ولا يستغرب أحد نزول المسيح يوما من الأيام على جبل الزيتون وهو الذي ينتظره جل المومنين من كل الأديان السماوية وهم يعملون على تكوينه وتجهيزه للوقت المناسب. ‘شارلي إبدو’ عنصر قاموا بتشجيعه وتسامحوا معه حتى بلغ وصفه للقرآن بالبراز وأنهوا دوره بالقضاء على خدمه بعدما أصبح الكثير يعتبرون أنفسهم كلهم تشارلي وبلغ المقصود منتهاه وشرعنة وتبرير القيام بما هو مرسوم منذ زمن طويل الأمد قصد الامتداد والتوسع والسيطرة، ومن ذا الذي لا يتفق مع مبدأ محاربة التطرف الإسلامي الذي هيئوا له الأرضية الخصبة والتوسع في السيطرة على مصادر الطاقة والخيرات ومع تتوسع إسرائيل دون محاسب والمحافظة على المصالح المشتركة واعتماد مصدر منطلقها الديني الذي يتبنونه ويعتمدون عليه وعلى معتقداته التي تخدمهم في خاتمة المطاف؟ ألا يرى ذووا البصيرة أن كل الكوارث التي تبرر سياسات المؤسسة العسكرية الصناعية في العالم يربطونها بأعمال فردية وجماعية من قبل من يحملون أسماء إسلامية، بالرغم من ادعائهم أنهم يحاربونها؟ وهل فعلا يصعب ويستحيل القضاء على المتطرفين في اليمن وسوريا والعراق وباكستان وشمال افريقيا وعلى داعش والقاعدة وبوكو حرام وغيرهم؟ ايستهبلون الناس عندما قضوا على المجرمين حتى لا يحاكموا؟ بن لادن، والبغداذي ودواعشه، وزعماء المجموعات الإرهابية في كل مكان يتحدون دولا في غاية التنظيم والقوة العسكرية والمخابرات التي لا يفلت من قبضتها ولو ذرة مما يقوم به كل كائن حتى من الحشرات؟ أيعقل أن لا تستطيع أن تضع يدها على المجرمين والقيام بمحاكمتهم بالقوانين التي يسيرون عليها؟ ثم لو اعتبرنا فرنسا والدول الأوربية ،فإنها قد ألغت عقوبة الإعدام، فلماذا قامت بإعدام الأخوين وكل من قام بتنفيذ الجرائم المؤلمة وضحوا بذلك بنفوس مواطنيهم دون اعتبار لألم بقية البشر الذين يقدسون الحياة ويصارعون من أجل المحافظة على بقائهم؟ فهل نطالب بجمالنا المسروقة كما فعل عبد المطلب مع أبرهة وندع الإسلام لرب يحميه ومن يشك في قدرته على ذلك؟
تلك أفكار للاعتبار يا أولي الألباب والله الموفق إلى سواء السبيل.
– باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية