https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

صيف تطوان.. اصطياف ومناسبة للأفراح والأعراس…

كنال تطوان / الشمال بريس – متابعة

فصل الصيف بكل ما يميزه من حر وعطلة، واصطياف وسفر، فهو كذلك مناسبة للأفراح والأعراس..

فبحلوله تشهد كل المناطق والجهات المغربية، مدن وقرى، انتشارا واسعا وتنافسا كبيرا في إقامة حفلات الأعراس، التي تختلف عاداتها وتقاليدها من منطقة إلى أخرى، بحسب طابع سكانها و خصوصياتهم، مما يضفي على كل عرس شكلا خاصا وتنوعا في أنماط الزي واللباس، وطريقة التجميل والأهازيج الشعبية التراثية، وحتى المدة المخصصة تختلف من منطقة إلى أخرى…

وتعتبر مدينة تطوان، من أكثر المدن ازدحاما في حفلات الأعراس خلال فصل الصيف، حيث تتميز العرس التطواني بخصوصيته ومكانته الإستثنائية في تقاليد وثقافة المنطقة ككل، لأنه يتميز بتقاليد عريقة تتمثل في “الملاك”، “الحنة”، “النبيتة” الظهور” والبوجة” ثم “الصباح”.

فالعرس التطواني حافظ على الكثير من تقاليده وخصوصياته، فجل الأسر سواء التطوانية العريقة أو تلك التي نزحت لتطوان لاحقا أصبحت متأثرة بشكل كبير بالعرس التقليدي، وأصبحت تحتفظ بتراتبية الأمور، انطلاقا من “يوم الحناء، النبيتة، الظهور ثم البوجة “، كما ظلت أعراس تطوان ملتزمة بخصوصيتها المحافظة، حيث لازالت تعتمد على الأجواق النسائية في الحفلات الخاصة بالنساء، كما يتجنبن الجلوس في الحفلات المختلطة،  ويجلسن في ركن منزوي ومظلم بعض الشيء، حتى لا ترمقهم عيون الرجال، خلال ليلة “البوجة” التي تكون هي آخر فقرة في أيام العرس.

عادة ما يبدء الزواج في تطوان بيوم “الملاك” الذي يتم خلاله “عقد القران”، وينشطه الجوق النسوي وتلبس العروس خلاله “التكشيطة” المغربية المعروفة، وتقوم “المزينة” بإلباسها وتزيينها، قبل أن يأتي العريس برفقة أخواته وإخوانه ووالديه وفي أيديهم ما أتى به العريس لعروسته من هدايا، وتتمثل أساسا في الذهب والأثواب وما شابههما من نفائس..

كل ذلك يسبق ليلة الحناء، التي تكون إعلان حقيقي عن بداية مراسيم العرس والزواج، حيث العروس ترتدي القفطان الأبيض المتميز الذي يشير لعذريتها، وتنزل عليه الرداء الأبيض رمز الوقار والحشمة، لتقوم النقاشة بنقش الحناء في يديها ورجليها، تحت ابتهالات وأمداح وأغاني نسائية شجية، كما يستفيد من تلك الحناء أيضا أقاربها وأصدقائها وكل من يريد من الحاضرين المتجمعين معها.

في اليوم الذي يلي الحناء وهو “النبيتة” كما يسمى بتطوان، تستدعي العروس كل صديقاتها ونساء الحي وبناتها، إنها أمسية خاصة لتوديعها العزوبة، واستعدادها لتلج الحياة الزوجية، وتقوم خلال هذا اليوم بارتداء القفطان و”الردا” هكذا يسمى، وهو شبيه بحجاب يغطي وجهها وهو من الثوب الأبيض الخفيف، يمكنها أن ترى من خلفه. وتقوم “المشطة” بتزيينها فيما يضع لها أحد كبار العائلة “الفال” وهو وضع حناء على أظافرها.

“النبيتة” مناسبة تحضرها النساء والفتيات، إنها احن جزء من العرس بالنسبة لهن، يحضرنها بدون حرج ولا أي تحفظ، حيث يغيب عنها الرجال تماما ويمكنهن أن يرقصن وأن يرتدين ما شئن، وحتى المتحجبات منهن يمكنها أن تزيل الحجاب، لكونهن نسوة فيما بينهن. وحتى الجوق الحاضر والذي يتحفهم بنغماته، هو جوق نسائي إما للأمداح النبوية، أو الحضرة، وهي مجموعات تطوانية معروفة، ولهن غناء متميز مرفوق بأمداح نبوية وبعض الوصلات من الطرب الأندلسي وما شابهه. وخلال تلك الأمسية، ترتدي العروس بعض البدل التقليدية بتنسيق مع مزينتها “المشطة” وأهم تلك الألبسة “سبنية دلبحار” والتي تزين بالعصابة و”الموانس” و”الخلايل”..

اليوم الحاسم في العرس هو “الظهور” إنه العرس الحقيقي بالنسبة للعروس، وقد كان يتم بشكل منفصل تماما، حيث يحتضنه منزل العروس، ويسبق يوم الزفاف بيوم كامل أو أكثر أحيانا، لكنه اليوم تغير الوضع، فأصبح “الظهور” يتم في نفس يوم “البوجة” أي “الرواح”. وغالبا ما يتم في مكان واحد وهو قاعة الحفلات المعروفة بـ”القصور” في تطوان. فالعروس والعريس يكتريان نفس القاعة لـ “الظهور والبوجة”، حيث تحتفل هي بالشق المتعلق بها نهارا، ويكون للعريس الحق في “البوجة” ليلا. إلا أن تأخر النساء في “النبيتة” جعل “البوجة” تتقلص مدتها في كثير من الأعراس مؤخرا.

“الظهور” أي أمسية عرس المرأة، فيتم في ظروف خاصة ولا تحضره بدوره إلا النساء، وينشطه أيضا الجوق النسائي يطرب الحاضرات بأغاني تقليدية وعصرية، ومعزوفات أندلسية، إلا أن هذا الأمر بدأ يتقلص، إذ تكتفي العروس بالجوق النسوي عادة في أمسية النبيتة، فيما هناك تغيير جوهري أصبح ساري المفعول، بحيث يتم التعامل مع أجواق رجالية معروفة بالمنطقة، فلم يعد الجوق النسوي هو الجوق الوحيد المسموح به في ظهور العروسة، بل أصبح الجوق الرجالي، وحتى بعض الفرق الفلكلورية أيضا لها الحق في التواجد داخل قاعة الحفل.

وتظهر العروس أول ما تظهر برفقة “المشطة” وهي لابسة التكشيطة عادة ما تكون ذهبية، ويزين صدرها بالجواهر العديدة المصففة بطريقة بديعة، فيما تضع على رأسها “التاج” و”خيط الروح” ويزين شعرها بـ”الخلايل” و”الجواهر” و”الشطبات” المرصعة بالأحجار الكريمة و”البيلو” وهو رداء شفاف مطروز بشكل دقيق، و بعد ذلك تلبس العروس لبسة الأميرة أو السلطانة وتجلس في العمارية و تقوم النكافات برفعها و الدوران بها.

أما في “البوجة” وهو اليوم الأخير أو “ليلة العمر”، تذهب العروس إلى بيت الزوجية، ويبدأ الحفل في المساء ويستمر الى حدود الصباح بحضور الرجال والنساء من أسرة العروس، على نغمات الطرب الأندلسي والشعبي والشرقي، كما تنشط الحفل فرق “الطقطوقة الجبلية” و”الغياطة” و”الدقة المراكشية” هاته الأخيرة التي أصبحت جزءا من العرس التطواني لم تكن من العادات القديمة، لكنها أصبحت ضرورية اليوم.

وترتدي العروس خلال تلك الليلة، لباس يسمى “سبنية البحر” و تجلس في “البوجة” وهو مقصورة من الخشب شبيه بمحمل الأموات لكنه مرتفع عنه يمكن العروس من الجلوس فيه، كان يستعمل في نقل العروس من دار والدها لدار العريس، في جو محافظ جدا، ليتحول لتقليد لازال ساريا لدى العديد من الأسر التطوانية وحتى للعائلات  التي حلت بتطوان لاحقا. لكنها أصبحت اليوم فقط جزءا من العرس، بحيث يتم وضع العروس بها وأخذها في جولة لأقرب مسجد، إذ يضرب الباب سبع مرات بحمالات المقصورة، ويتم الدعاء للعروسة والعريس هناك. قبل أن يعود الجميع للقصر لإتمام الليلة.

وتكون “البوجة” مزينة بأقمشة نفيسة والجوهر و الورد وخلال هذا الحفل يرتدي العريس جلبابا أبيض من “السوسدي” أو “البزيوي” و”الفرجية”، و قميصا مطرزا بـ”الرندة” وفوقه “البدعية” و”الجبادور” و”السروال العربي” المعطرين برائحة “العود”، وبعد الاستمتاع بألوان من الطرب الأندلسي والمواويل وأنشودة “الهناء والسرور” المشهورة لدى العائلات التطوانية. وكان الموكب في السابق يخرج ويتوجه الى منزل العروس لاصطحابها إلى بيت الزوجية.

وفي هذه اللحظة يودع والد العروس ابنته بقراءة آية الكرسي تعبيرا عن خروجها من كنفه ودخولها كنف زوجها، بينما تستعد عائلة العريس لاستقبال العروس وأفراد أسرتها وصديقاتها. وعند مرور الموكب أمام المسجد أو ضريح الحي يقف وتتم قراءة الفاتحة ثم تضرب “البوجة ” ضربا خفيفا على باب المسجد وسط زغاريد النساء.

وبعد وصول العروس إلى بيت الزوجية تستقبلها أم العريس وتقدم لها التمر والحليب تعبيرا عن ترحيبها وفي صباح اليوم الموالي تتم دعوة الأقارب لتناول وجبة الفطور التي تشتمل على ” الحريرة ” و “المسمنة” والشاي والقهوة والحلويات على نغمات مجموعة “الطبالة” و”الغياطة” و”كناوة.”  لكن هاته العادة تغيرت، واصبحت العروس تخرج في السيارة الفارهة المزوقة بدورها وتتوجه لأحد الفنادق في الغالب.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.