كنال تطوان / بقلم : مصطفى مروان
إن الخوض في محاولة فهم الواقع من الزاوية الابستمولوجية و السوسيولوجية خصوصا وما يترتب من النتائج الناجمة عن الظواهر الاجتماعية يتطلب جهدا كبير ووعيا نقيا صافيا , للتدقيق العميق قصد كشف خبايا و جوهر المشكل ومحاولة دراسته دراسة علمية .وقبل هذا الخوض لابد من المرور على جسر مهم و ضروري و المتمثل في تصحيح جملة الاعتقادات التي تكون غالبيته خاطئة أو عبارة عن خليط من الأفكار المتداخلة فيما بينها من قريب أو بعيد , بغية تقديم فكرة واضحة واستنتاج شامل وجامع وبعيد عن الأخطاء المنهجية.
وكما نلاحظ تكاثر وتعدد في الظواهر الاجتماعية التي تعرفها البشرية جمعاء واختلافها وتفشيها حسب العوامل و الظروف البيئة لكل مجتمع على حدا , فإننا سيقنى الحديث عن مشكلة و ظاهرة فكرية بالدرجة الأولى تخص العقل و الوعي الإنساني وثقافته بوجه خاص .و المشخصة في الصورة التي تكونت عن (الفلسفة) في أذهان المجتمع الغير المثقف ,كونه بنى فكره حول “الفلسفة” بطرقة خاطئة ودلك راجع لعدة عوامل وأسباب كانت المساهمة و المتدخلة في تكوين هده الفكرة المغلوطة ,فادا اعتبرنا أن “الفلسفة”هي أم العوم و جميع العلوم سواء الطبيعية أو التجريبية تفرعت عنها واستقلت بذاتها كانت في بدايتها ملفوفة بأجنحة الفلسفة,وهي بحر على خلاف البخور الأخرى يجد راكبه الخطر و الزيغ في سواحله,والأمان و الإيمان في أعماقه بواسطة التأمل الفكري ,وان ما نراه من تقدم في العلوم و تطورها إنما أصله فلسفي…الخ.الشئ الذي يضفي عليها قيمة و مكانة مرموقة وعليا بين العلوم .ادا فالاطلاع على “الفلسفة”وعلومها ودراسة النظريات و الأطروحات و المباحث الفلسفية الكبرى أمر ضروري وحتمي لبناء تصور و فكر راقي..العكس تماما ما نستشفه من تمثلات و أفكار من قبل أفراد المجتمع “العامية”.مخالفة نهائيا للواقع و الحقيقة ,لكنه يبقى واقع و حقيقة بالنسبة لهم لا مفر منه في النظر على كون “الفلسفة”ماهي إلا طريق الفساد و الانحراف من جهة و طريق الكفر و الإلحاد و التخلف من زاوية أخرى الذي يلاقيه من اتبع درب “الفلسفة”…الخ.
وادا تعمقنا أكثر في الأسباب و الدوافع التي جعلت الفكر و الوعي يحمل في طياته أفكار و تمثلات مثل السالفة الذكر, وبالعموم صور سواء كانت صحيحة أو خاطئ فان بالطبع سيفضي بنا البحث إلى وجود مرجع وحيثيات سابقة هي المتحكمة في ترسيخ مثل و قيم و أفكار كيف ما كانت بالوسائل التي يتم استقبالها ومن ثم تصير في نظره الصحيحة .وخصوصا تلك المكتسبات القبلية و التي ينطلق منها العقل و يبني عليها واقع تجاه الشيء , وخير دليل و أصحه على دلك ما بسطناه للمناقشة . ما هو إلا امتداد لصيرورة من النظريات و الأفكار التي امتزجت فيما بينها الخاطئة , كتعارض الدين مع الفلسفة و الإشكالات التي عرفت بها, و مبحث الوجود بشكل عام…الخ. هده الأمور اتخذت كمبررات لطرد و نفي (الفلسفة) من الواقع . بغض النظر على الاطلاع على كنه وجوهر هده الأخير من قبل المجتمع .مما يدفعنا إلى الانتباه ومحاولة إنتاج نمط جديد قائم ومبني بالأساس على فكر سامي متجرد من الاسطورات التي لا أصل محاولا الوصول إلى قيم و معارف سامية.