بفضل موقعه الإستراتيجي، وتكاليف العمالة، وبالإضافة إلى التعريفات الجمركية الأقل، بات المغرب يشكل تهديدا خطيرا لإنتاج السيارات بالجارة الشمالية إسبانيا، حيت تعمل المملكة على تعزيز مكانتها كوجهة رئيسية لمصنعي السيارات حول العالم من خلال تقديم مجموعة من الحوافز لتشجيع الإستثمار في هذا المجال الحيوي.
في هذا السياق، استعرضت مجلة “أوطوبيستا” الإسبانية تأثير صناعة السيارات في المغرب على نظيرتها بالجارة الشمالية، مشيرة إلى أن الصناعة الأوروبية لا تمر بأفضل لحظاتها، موضحة أن “لوائح مكافحة التلوث والانتقال إلى السيارات الكهربائية لم تتوافق بشكل جيد مع الشركات المصنعة الأوروبية، ما دفع بروكسل الأسبوع الماضي إلى حد تمديد خططها لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أساطيل السيارات والشاحنات الصغيرة حتى عام 2027 حتى لا تفرض المزيد من العقوبات على العلامات التجارية”.
يزداد القلق في أوروبا بشكل عام وإسبانيا بشكل خاص، بشأن الإمكانات الصناعية التي بدأت بعض الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل تركيا والمغرب على وجه الخصوص في استغلالها، وفق المجلة المتخصصة، لافتة إلى أن مدريد “تراجعت إلى المرتبة التاسعة في ترتيب الدول المصنعة للسيارات في جميع أنحاء العالم العام الماضي، مع توقع أن تنخفض بنسبة 15 في المائة مرة أخرى”.
وفي المقابل، تضيف “أوطوبيستا” تزداد نسبة إنتاج السيارات في المغرب بمعدل 12 في المائة، أي بمقدار نصف مليون وحدة سنويا، مؤكدة أن المملكة “تنتج أكبر عدد من السيارات، بتجميع الجيل القادم من “Citroën C4” بمصنع القنيطرة، لتنضم إلى طرازات مهمة أخرى تم إنشاءها أيضا في المملكة، مثل “Dacia Logan” و “Jogger” بالإضافة إلى “Sandero” و “Renault Express” و “Peugeot 208” إلى جانب “Citroën Ami” و “Opel Rocks Electric” أو “Fiat Topolino”.
من بين الأسباب التي تقود الصناعة المغربية، بحسب المجلة المذكورة، العمالة الرخيصة في صناعة السيارات، وهو ما أكدته دراسة دولية أجرتها شركة “أوليفر وايمان” الاستشارية لإدارة المخاطر.
في مقارنتها لتكاليف العمالة في خطوط الإنتاج والتجميع في قطاع السيارات، أكدت الشركة أن تكاليف العمالة المباشرة وغير المباشرة في المغرب تعد من بين أدنى المعدلات، حيث تبلغ 173 دولارا فقط لكل مركبة، وهو رقم أقل بكثير من رقم بلدان مثل المكسيك (414 دولار) أو الصين (585 دولار) أو كوريا الجنوبية (769 دولار).
وخلصت الدراسة إلى أن ظهور دول ناشئة مثل المغرب في صناعة السيارات يشجع مصنعي السيارات على إعادة النظر في هيكل التكلفة ومواقع الإنتاج.
ووفق “أوطوبيستا” الإسبانية، هناك أسباب أخرى ساهمت في نهوض صناعة السيارات في المغرب، مثل انخفاض تكلفة الطاقة بالمملكة مقارنة بالدول الأوروبية الرئيسية، ناهيك عن التشريعات البيئية للاتحاد الأوروبي الأكثر تقييدا، مما يستلزم جهودا أكبر في المنشآت.