دخل اليوم الخميس 22 غشت 2025 القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ، بعد مرور سنة على نشره في الجريدة الرسمية. ويعد هذا القانون محطة مفصلية في مسار إصلاح المنظومة الجنائية، إذ يمنح القضاء إمكانية استبدال بعض العقوبات السالبة للحرية بتدابير بديلة تراعي إعادة الإدماج وتساهم في الحد من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
بدائل متعددة للعقوبة الحبسية
يوفر القانون الجديد مجموعة من البدائل، أبرزها:
-
العمل لفائدة المنفعة العامة: إذ يمكن للمحكمة إلزام المحكوم عليه، إذا كان عمره فوق 15 سنة، بالقيام بأعمال لفائدة مؤسسات الدولة أو الجماعات أو الجمعيات ذات النفع العام، لمدة تتراوح بين 40 و3600 ساعة. ويتم اختيار هذه الأعمال بما يتناسب مع سن وجنس ومؤهلات الشخص، على أن تتحمل الدولة مسؤولية أي ضرر قد ينجم عن تنفيذها، مع إمكانية الرجوع على المحكوم عليه.
-
المراقبة الإلكترونية: تتيح للقضاء متابعة تحركات المحكوم عليه إلكترونياً كبديل عن السجن، مع مراعاة خطورة الفعل وظروفه الشخصية والمهنية، وضمان سلامة الضحايا.
-
التدابير التأهيلية والرقابية: وتشمل مزاولة نشاط مهني محدد، متابعة الدراسة أو التكوين، الالتزام بأماكن إقامة معينة، منع ارتياد أماكن أو التردد عليها في أوقات معينة، الخضوع لعلاج نفسي أو ضد الإدمان، التعهد بعدم الاتصال بالضحايا، أو تعويض الأضرار الناجمة عن الجريمة.
-
الغرامة اليومية: حيث تحدد المحكمة مبلغا مالياً يتراوح بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية، وفق الإمكانيات المالية للمحكوم عليه، وخطورة الجريمة، مع اشتراط وجود صلح أو تعويض للضحايا.
الجرائم المستثناة
رغم طابعها الإصلاحي، يستثني القانون عدداً من الجرائم من تطبيق العقوبات البديلة، مثل الجرائم الماسة بأمن الدولة والإرهاب، والاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ، وتبديد الأموال العمومية وغسل الأموال، والجرائم العسكرية، إضافة إلى الاتجار الدولي في المخدرات والمؤثرات العقلية والأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو للأشخاص في وضعية إعاقة.
خطوة في مسار الإصلاح القضائي
يأتي إقرار العقوبات البديلة ضمن توجه يروم التوفيق بين حماية المجتمع وضمان حقوق الأفراد، من خلال تقليص الاعتماد على العقوبات السجنية القصيرة الأمد، وفتح آفاق جديدة أمام المحكوم عليهم لإعادة الاندماج في المجتمع بشكل سليم. ويمثل هذا التحول جزءاً من رؤية شمولية لإصلاح العدالة الجنائية بالمغرب، قوامها الإنصاف، والفعالية، والبعد الإنساني.