تسريب 40 طنا من المخدرات من الميناء المتوسطي وسط شاحنتين مغربيتين

كنال تطوان / اليوم24 : عمر بن شعيب

في الوقت الذي لازال التحقيق جاريا حول فضيحة تسريب أطنان من الثوب المهرب إلى المغرب، تفجرت فضيحة أخرى بالميناء المتوسطي، هذه المرة كانت الفضيحة ثقيلة بكل المقاييس. نحو أربعين طنا من المخدرات سربت من داخل الميناء، ليلة الجمعة، داخل شاحنتين مرقمتين بالمغرب، وتم حجزهما بميناء الجزيرة الخضراء.

انتشر الخبر صباح يوم السبت بالميناء ولم يصدقه أحد، نظرا للكمية الكبيرة وغير مسبوقة في تاريخ التهريب داخل الميناء. في ذلك الوقت، كانت عناصر الحرس المدني لا تزال تحصي كمية المخدرات.

في منتصف النهار، توصلت الأجهزة الأمنية ببرقية من نظيرتها الإسبانية، تقول البرقية إن نحو 40 طنا من المخدرات حجزتها فرقة محاربة المخدرات التابعة لعناصر الحرس المدني الإسباني، عند بوابة الخروج بميناء الجزيرة الخضراء، كانت داخل صناديق خشبية وتحملها شاحنتان قادمتان من ميناء طنجة المتوسط.

كيف عبرت الشاحنتان؟ ومن سمح لهما بالعبور؟ وأين كان عناصر الجمارك والأمن؟ أسئلة وغيرها ستكون ضمن لائحة طويلة من الأسئلة التي سيوجهها عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي من المتوقع أن يكونوا حلوا بالميناء صباح أمس، إلى الجمركيين والأمنيين الذين كانوا يعملون في الميناء لحظة عبور الشاحنتين.

الرواية الحالية التي تتداول على نطاق واسع بين الجمركيين ومهنيي النقل الدولي داخل الميناء تفيد بأن الشاحنتين دخلتا إلى الميناء يوم 24 يونيو، وتوجهتا إلى محطة الصادرات، إذ كانت الشاحنتان تتوفران على الوصل النهائي للعبور، وهو الوصل الذي يؤكد أنهما عبرا جهاز «السكانير».

«كل الوثائق التي كانت الشاحنتان تتوفر عليهما مزورة، لذلك تم خداع الجمركيين وكافة أجهزة المراقبة داخل الميناء»، يقول مصدر مهني وصاحب شركة للنقل الدولي بالميناء المتوسطي، قبل أن يضيف: «بعد محطة الصادرات، قام سائقا الشاحنتين بتمويه غريب، إذ توجها إلى محطة الواردات وكأنهما عادا لتوهما من أوروبا».

ولما تهيأت الظروف، صعدت الشاحنتان إلى الباخرة، بيد أن المثير في الأمر، يقول المصدر المهني، أن سائق الشاحنة قبل الصعود يدلي بوصل للجمركي يفيد أنه اجتاز جهاز «السكانير»، ومن بين الأمور التي تكون مسجلة في الوصل هو توقيت اجتياز «السكانير»، وإذا تجاوز 30 دقيقة، فإنه من المفروض على الجمركي أن يعيد الشاحنة إلى جهاز المراقبة، لأنه بمجرد ما تجتاز الشاحنة هذا الجهاز عليها أن تتجه إلى الباخرة ولا تتجاوز المدة 15 دقيقة، إذا تعدت هذا التوقيت تكون الشاحنة محل شبهة ولا يعرف أين كانت؟ ولا ماذا حملت بعد انتهائها من إجراءات «السكانير»؟

المثير في القصة أن الشاحنتين مكثتا في الميناء لأزيد من 48 ساعة، ولم يسأل أحدد عنهما، وعندما هما بالمغادرة لم يسألهما الجمركي أين كان طيلة هذه المدة، ولم يطلب من السائقين العودة إلى جهاز «السكانير».

لدى وصول الشاحنتين إلى ميناء الجزيرة الخضراء، نجحت في العبور. وفي الوقت الذي كانتا تهمان بالمغادرة، تمكنت فرقة تتكون من ثلاثة عناصر تابعين للحرس المدني الإسباني من توقيفهما، وهو ما أصاب السائقين بصدمة، لأنهما كانا مطمئنين لاعتقادهما أنهما مرا بسلام من الميناء الإسباني.

أعادت عناصر الحرس المدني الإسباني الشاحنتين إلى الميناء وشرعوا في إفراغ حمولتها، وتبين أنها تحمل صناديق محملة بالمخدرات، قبل أن يتم إيقاف السائقين ووضعهما تحت الحراسة النظرية.
على المستوى المغربي، وإلى حدود كتابة هذه السطور، لم يفتح تحقيق قضائي في الموضوع لمعرفة الطريقة التي مرت بها هذه المخدرات، ومن شأن كاميرات المراقبة المزروعة داخل الميناء أن توضح كافة تفاصيل هذه العملية المثيرة.

جدير بالذكر أن هذه الكمية تعتبر هي الأولى من نوعها التي نجح مهربو المخدرات في تسريبها من الميناء المتوسطي بعد العملية الأولى التي جرت وقائعها سنة 2012، والتي بلغت كمية المخدرات المهربة نحو 32 طنا، وتوبع على إثرها جمركيان، أحدهما اعتقلته الشرطة الدولية.