https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

فاكهة التين الشوكي “الهندي” .. جهود وزارة الفلاحة في القضاء على الحشرة القرمزية !

كنال تطوان / الأخبار

بعدد من أقاليم المملكة، أتت الحشرة القرمزية على محاصيل للفلاحين، بسبب الإهمال وعدم اتباع تعليمات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في تعقيم الأراضي الفلاحية الحاضنة لنبات الصبار.

ارتفاع سعر فاكهة التين الشوكي عند الاستهلاك كانت من بين أسبابه الرئيسية زحف الحشرة القرمزية على المحاصيل وامتصاصها للفاكهة بشكل يجعلها غير صالحة للاستهلاك.. وهو ما دفع وزارة الفلاحة، عبر المعهد الوطني للبحث الزراعي، إلى إخراج أصناف بديلة مقاومة للحشرة القرمزية، تمت زراعتها في عدد من مناطق المملكة ويستعد الفلاحون لجني ثمارها ابتداء من الموسم الفلاحي الحالي.

«الأخبار» رافقت «أونسا» والمعهد الوطني للبحث الزراعي، وكذا عدد من الفلاحين في تعاطيهم مع طمر النبات المريض وتعقيم السليم منه وكذا في إنتاج فاكهة التين الشوكي بالمدن المغربية، وتنقل من خلال التحقيق التالي كيف يسير المغرب في اتجاه القضاء على الحشرة القرمزية بشكل نهائي.

حمزة سعود

بين تضاريس نحتتها الطبيعة بجهة كلميم واد نون، زحفت الحشرة القرمزية على محاصيل الصبار، وحولت هذه الفاكهة إلى عملة شبه نادرة يقتفي أثرها باحثون عن تسويقها في المدن المغربية، لسد خصاص الاستهلاك.

من بين من عانوا زحف هذه الحشرة على محاصيلهم بسبب سرعة الرياح وقوتها بهذه المنطقة، أكزا لوحماد، فلاح من جماعة أملو التابعة لإيمسوي بكلميم. يشير إلى أن سلاحه في مواجهة الحشرة القرمزية، الرش بالأدوية التي يتوصل بها من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

ضيعة أكزا لوحماد، تخضع يوميا للرش بالمبيدات الكيماوية التي يتوصل بها من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وكذا التتبع المستمر. هدير محركات الطائرات يُسمع في سماء مناطق مختلفة بإقليم إمسوي وفوق أرض هذا الفلاح بشكل يومي، لطرد الحشرة القرمزية من حقول الصبار بالمنطقة.

من ضيعة هذا الفلاح، انتقلنا صوب ضيعة أخرى بجماعة مستي تقع بدوار الريفي. الضيعة تعود لفلاح يدعى إدريس قجي، نواحي كلميم دائما، يعتمد هذا الأخير في مواجهته لـ «الكوشني» أي الحشرة القرمزية، على قلع فروع نبات الصبار وتطهير محيط النبتة عبر الحرص على جودة وصول الأدوية إلى عمق «الأشجار».

يستعين عدد من هؤلاء، في حقولهم، على آليات متنوعة للرش وأخرى لطحن الفروع الميتة والمريضة، للتخلص منها، حتى يتم القضاء على الحشرة القرمزية بشكل نهائي، فقطع الفروع وحدها من شجرة الصبار يبقى غير كاف حسب الخبراء في المجال الفلاحي، ومن الضروري الاستعانة بآلات لطحنها، للقضاء على خطر الحشرة القرمزية.

زحف الحشرة القرمزية لم يبق لهؤلاء الفلاحين سوى الاستعانة بالأصناف البديلة على المدى المتوسط من أجل طرد الحشرة القرمزية بشكل نهائي من حقولهم، خاصة أنها تبقى سلاحا فعالا ضد تكاثرها بعدد من الأقاليم وجهات المغرب. وضمنها حقول كلميم وسيدي إفني الأكثر تضررا.

بالنسبة للحسن، أحد الفلاحين من المنطقة، فالمداومة على القلع والاهتمام بمحاصيل نبات الصبار من أنجع طرق التصدي لمخاطر الحشرة القرمزية، وفق نصائح المكتب الوطني للسلامة الصحية لسلامة المنتجات الغذائية وتوجيهاته التقنية، رغم وجود أسباب أخرى تفرضها الطبيعة تساهم في انتشار الحشرة القرمزية أبرزها الرياح، وعدم اهتمام جميع الفلاحين بالأراضي التي تشهد انتشار الحشرة القرمزية فيها بنفس الشكل.

صناديق التين الشوكي غير المعقمة تسرع انتشار الحشرة القرمزية

حينما زارت «الأخبار» جماعة أفركات، التقت بمحمد مبارك بوبانا، رئيس جمعية نشيطة بالمنطقة في مجال مواكبة الفلاحين، في إطار التصدي لخطر زحف الحشرة القرمزية. الأخير أكد أن حالات تم ضبطها لسائقين مهنيين تثير استياء السكان أثناء نقل صناديق من التين الشوكي دون تعقيم أو معالجة من منطقة أفركات صوب مدن مغربية. هذه الآفة بالنسبة لهذا الأخير «تساهم في تكاثر الحشرة القرمزية بسبب نقلها من هنا إلى مناطق قد تكون محاصيلها الزراعية ما زالت سليمة».

يشير في حديثه مع «الأخبار» إلى أن جماعة أفركات، أقامت دوريات للمراقبة عند مداخلها، من أجل ضبط السائقين المهنيين المخالفين، في نقل الفاكهة نحو المدن المغربية، وتعقيم الصناديق ضد الحشرة القرمزية، التي يتم عبرها نقل التين الشوكي حتى لا تتضرر مناطق أخرى من الحشرة، بسبب انتشارها السريع عبر الرياح.

من أجل تجاوز زحف الحشرة القرمزية على باقي المحاصيل في سائر المدن التي تنطلق إليها منتوجات التين الشوكي من المنطقة. خصص المكتب الوطني للسلامة الغذائية للمنتوجات الغذائية معالجة دقيقة وتعقيما جيدا للصناديق الفارغة قبل دخولها وبعد ملئها بالسلع، كما يوضح ذلك حسن عابيدي واحد من المهنيين في مجال النقل الفلاحي.

يشير عابيدي إلى أنه حريص على تعقيم الصناديق عند الدخول والخروج من جماعة أفركات، لنقل فاكهة التين الشوكي، من المنطقة صوب باقي المدن المغربية، معتبرا أن عدم تعقيم الشاحنة والصناديق لن يسمح بنقل الفاكهة من المنطقة إلى باقي المدن المغربية، وفق دفتر يتوفر عليه كل سائق مهني متخصص في نقل الفاكهة من المنطقة نحو باقي المدن المغربية.

حقل التجارب بتساوت

وسط كل المخاطر التي يشكلها خطر انتشار الحشرة القرمزية من حقل إلى آخر في معظم المدن المغربية. آمال تلوح في الأفق بشأن أصناف بديلة مقاومة للكوشني. «الأخبار» زارت حقل التجارب بالمعهد الوطني للبحث الزراعي والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، بتساوت. استراتيجية أُطلقت منذ سنوات من هنا، لإنتاج أصناف بديلة للصبار المقاوم، للحشرة القرمزية.

الاستراتيجية التي اتبعها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، والمعهد الوطني للبحث الزراعي، بدأت تعطي ثمارها على الصعيد الوطني، باعتماد 8 أصناف بديلة، يتم اعتمادها في الحقول المغربية، نظرا لنجاعتها في التصدي للحشرة القرمزية، في الوقت الذي طلبت عدد من الدول العربية على رأسها تونس الاستفادة من التجربة المغربية في هذا المجال.

حسب ما عاينته «الأخبار» داخل حقل التجارب بتساوت، فالمعهد الوطني للبحث والزراعة و»أونسا» اعتمدا تقريب حقول زراعية مريضة وزحفت عليها الحشرة القرمزية من حقول زراعية تتوفر على أصناف بديلة، لمعاينة حجم الأضرار التي يمكن أن يتسبب فيها زحف الحشرة، إلا أن النتيجة كانت ناجعة من حيث جودة وشكل الفاكهة عند النضج، وعدم التأثر بالحشرة القرمزية، وهو ما شجع على تعميم الشتلات ونبات الصبار المقاوم في مختلف المدن المغربية.

يشير الدكتور محمد الصباغي، وهو مدير بحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي ومنسق البرنامج الوطني لتطوير الأصناف المقاومة للحشرة القرمزية، في حديث مع جريدة «الأخبار» إلى أن هذه الأصناف البديلة بدأت تغادر منذ حوالي سنة حقل التجارب في اتجاه مختلف المدن والأقاليم، لتجدد آمال الفلاحين في جني فاكهة موجهة للاستهلاك بكميات وفيرة ابتداء من الموسم الفلاحي الحالي.

الصباغي اعتبر أن ظهور الحشرة القرمزية، نواحي سيدي بنور سنة 2014، وانتشارها في باقي الأقاليم المغربية المجاورة، ارتأت من خلاله الوزارة إلى وضع خطة استعجالية لمحاربة الحشرة القرمزية، ارتكزت على أسس مهمة، يتعلق جانب منها بإيجاد المواد والأدوية للتصدي للحشرة في حقول الفلاحين، والجانب الآخر بالبحث العلمي لتطوير أصناف بديلة، تم تسجيلها في السجل الرسمي للنباتات بالمغرب.

الخطة الاستعجالية لوزارة الفلاحة في التصدي للحشرة القرمزية، قادت المعهد الوطني للبحث الزراعي إلى ابتكار أصناف مقاومة بديلة. يتعلق الأمر بمرجانةMarjana، وبلارة Belara، وكرامة Karama، غالية Ghalia، أنجاد Angad، شراطية Cherratia، أكريا Akria، وملك زهار Melk Zhar. وجلها تقاوم وتتصدى للحشرة القرمزية.

آلاف الهكتارات من الأصناف البديلة

عاينت «الأخبار» زراعة الأصناف البديلة للحشرة القرمزية بمنطقة الفيجة بجماعة مستي، بعد أن غادرت كميات وفيرة من هذه الأصناف البديلة، حقل التجارب بتساوت في اتجاه كلميم وتحديدا بمنطقة الفيجة.

ردود فعل الفلاحين بالمنطقة إيجابية، خاصة أن جني الثمار سينطلق من الموسم الفلاحي الحالي، وسيتسلمون بالمجان مئات الشتلات من نبات الصبار المقاوم، تمت زراعتها في حقل التجارب، بعد ظهور نتائج إيجابية بهذا الحقل النموذجي بمنطقة الفيجة على أمل تعميم كميات إضافية من نبات الصبار على باقي الفلاحين بمختلف المناطق المتضررة بالمملكة.

الحاج حاجي، المنسق العام لخلية محاربة الحشرة القرمزية التابعة لـ  «أونسا»، يشير إلى أن مجهودات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، ستتواصل إلى غاية وصول الفلاحين إلى مستويات جيدة من الرضا على جودة ونوعية الإنتاج الفلاحي لديهم، الموجه نحو الاستهلاك، مع تعويضهم عن الخسائر التي سجلوها منذ انتشار الحشرة القرمزية على أراضيهم الفلاحية.

برنامج عمل زراعة الأصناف البديلة لنبات الصبار يهدف، إلى تعميم أزيد من 1.300 هكتار سنة 2021 من نبات الصبار المقاوم على الفلاحين بالمغرب، وأزيد من 6000 هكتار من هذه الأصناف سنة 2022 وحوالي 20 ألف هكتار خلال سنة 2023 و36 ألف هكتار سنة 2024 وحوالي 46 ألف هكتار سنة 2025، مع مضاعفة الرقم على أساس سنوي ابتداء من سنة 2026.

وعلى أمل القضاء على الحشرة القرمزية خلال السنوات القليلة المقبلة اعتمادا على هذه الأصناف البديلة المقاومة، يضع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والمعهد الوطني للبحث الزراعي، كافة مجهوداتهما لمواكبة الفلاحين في جني محاصيلهم بأقل الأضرار في ظل اجتياح الحشرة القرمزية، اعتمادا على رش المحاصيل واعتماد الأدوية الموصى بها.

مجهودات «أونسا» للحد من انتشار الحشرة

تصيب الحشرة القرمزية نبات الصبار فقط دون غيره، ظهرت أواخر سنة 2014 بالمغرب بمنطقة سيدي بنور، ولونها أحمر داكن، تفرز سائل الكرمن، واستوطنت عدد من الضيعات الفلاحية المغربية قادمة من المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية. نمت بالتحديد في الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية.

آلية تكاثر «الكوشني» تعقد طرق التصدي لها، فذكور الحشرة القرمزية تتوفر على أجنحة، بينما تضع الإناث بيضها بعد التزاوج، والذي سرعان ما يتحول إلى حوريات دقيقة تفرز مادة شمعية بيضاء على أجسامها لحمايتها من ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه.

من أولويات المواكبة التي يخصصها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لفائدة الفلاحين. جعل الأدوية بكميات وفيرة رهن إشارتهم بشكل مستمر ودون انقطاع في التصدي لزحف الحشرة القرمزية.

وللمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، مجموعة من التدخلات في إطار التصدي للـ«كوشني» عبر الطائرات لرش الأراضي الزراعية بالأدوية اللازمة والمقاومة للحشرة القرمزية، طائرة يضعها المكتب رهن إشارة الفلاحين بالمنطقة من أجل رش محاصيلهم الزراعية والأراضي بالأدوية المقاومة، للحد من امتصاص الحشرة لسوائل نبات الصبار وجفافها وموتها بعد ذلك، مما يجعل الفاكهة غير صالحة للاستهلاك.

مجهودات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، لا تتوقف عند إقامة دوريات للمراقبة عند مداخل الضيعات الفلاحية بالجهات. بل تواكب الفلاحين خلال عمليات القلع والردم الموصى بها لإيقاف زحف الحشرة والحد من خطرها على باقي الأراضي الفلاحية المجاورة، مع طمر الأشجار المريضة التي أتت عليها الحشرة القرمزية.

ويوصي المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بالإبلاغ الفوري حال رصد الحشرة القرمزية ومعالجة وقلع وردم الصبار الموبوء كلما كانت الإصابة في بدايتها مع تفادي تنقل الأشخاص بين الحقول المصابة وخارجها.

رأي واحد حول “فاكهة التين الشوكي “الهندي” .. جهود وزارة الفلاحة في القضاء على الحشرة القرمزية !”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.