https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

التعليم بين من يريد الإصلاح ومن يهدمه حين يسخر الإعلام من الأستاذ ؟

كنال تطوان + / الكاتب : السهلي عويشي أستاذ باحث

 من المؤكد أن هناك شبه إجماع حول الأزمة التي يتخبط فيها التعليم ببلادنا ، ما يفسر هذه الأزمة هو توالي الإصلاحات والمخططات في ظرف وجيز،إذ لم تنته العشرية الأولى من تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين حتى دخلنا في مسلسل المخطط الاستعجالي الذي تميز بتلك الاعتمادات المالية التي خصصت للقطاع ، لكن مرة أخرى وجدنا  أنفسنا بين الحين والآخر أمام حجم الاختلالات الكبرى التي رافقت تنزيل المخطط الاستعجالي وما شابها في بعض الحالات من إهدار للمال العام ،لكن الحلقة المفقودة التي أضحى من الواجب عليها تتبع أي إصلاح ،بل ولعب الدور الحقيقي المنوط بها في جعل المسألة التعليمية من أولوياتها ،من منطلق أن التعليم ليس شأنا خاصا بأطره وهيئاته بل هو شأن مجتمعي بامتياز ،الكل فيه يجب أن يتحمل  مسئوليته التاريخية والوطنية والأخلاقية لتصحيح الوضع والرقي بالشأن التعليمي ببلادنا حتى يتجاوز الأزمة بسلام ،وهنا وجب التنبيه إلى الدور الذي يلعبه وزير التربية الوطنية السيد محمد الوفا في تصحيح ما يمكن تصحيحه منذ أن أسندت إليه حقيبة الوزارة خاصة تلك القرارات الجريئة التي أصدرها لرد الاعتبار للمدرسة العمومية ومحاربته للفساد والمفسدين في بعض النيابات والأكاديميات ،والحد من ظاهرة الريع النقابي التي اكتوى بنارها العديد من رجال التعليم وذلك بحرصه على تطبيق القانون وهو ما ترك آثارا إيجابية في نفوس رجال ونساء التعليم الغيورين على المدرسة العمومية والحريصين على إصلاحها حتى تستجيب لطموحات أبناء الشعب في الحصول على تعليم راق ومتميز وفي اكتساب الكفايات والمؤهلات والطاقات التي تؤهلهم لمعانقة المستقبل بكل أمل وتفاؤل ،لكن الحلقة المفقودة في هذا السياق وفي هذا الطريق الشاق والطويل ،طريق الإصلاح الذي ينبغي أن تتضافر فيه جهود الجميع دون استثناء هي ما يتعلق بالإعلام البصري العمومي وما يسوقه من برامج ومسلسلات تلفزيونية تعمل بشكل غير مباشر في هدم كل محاولة للإصلاح وهو ما يتمثل خصوصا في تلك المسلسلات المدبلجة التي لا تحترم ذوقا ولا أخلاقا ولا قيما تربى ونشأعليها المجتمع المغربي منذ أجيال وأجيال، بل وتضرب في بعض الأحيان هويتنا وخصوصيتنا الثقافية واللغوية في العمق وبشكل فج ،لا تحترمنا كمغاربة نعتز بقيمنا وهويتنا ،أو في تلك المسلسلات الفكاهية التي دون أن تدري تكرس صورة نمطية وسلبية عن رجل التعليم بجعله مادة للفكاهة السخيفة وللنكتة “الباسلة” التي هي قريبة من التهريح منها إلى الفكاهة والفن الذي يحترم ذوق الجمهور ويأخذ على عاتقه رسالة يروم إيصالها إلى المتفرج ،فعوض أن يدخل الإعلام البصري في صلب المشروع الإصلاحي للمنظومة التربوية بل وحتى من باب الفكاهة والفن برد الاعتبار للمدرسة العمومية والمدرس باعتباره الدينامو الأساس لأي إصلاح وباعتباره قدوة وحاملا لرسالة نبيلة يشتغل أحيانا في ظروف أغرب من الخيال خاصة بالمناطق النائية من أجل نشر العلم والمعرفة اللذين هما أساس أي نهضة أو تنمية ،في ظل هذا الواقع يأبى البعض إلا أن يسخر منه ويستهزيء منه بشكل يهدم كل فعل للإصلاح  ،ويهدم فيه روح العطاء والبذل والتضحية، فما معنى أن تسوق لنا سلسلة “دنيا هانية “الرمضانية في إحدى حلقاتها صورة سلبية عن أستاذ ابتدائي همه وطموحه هو الترقي إلى السلم11 وكيف كان يرتعد لما زارته المفتشة التربوية وكيف كان يشتغل وزيد وزيد،أعتقد أن عملا مثل هذا لا يعمل سوى على تنفير أبناء الشعب من المدرسة العمومية في وقت ما أحوجنا فيه جميعا أن نرد الاعتبار لها وللمدرس، وهو أمر لن يتحقق إلا بوقف أمثال هذا التهريج السخيف  والتنكيت الباسل الذي يستهدف رجل التعليم والذي نعرف جميعا أنه جاء في سياق تاريخي وسياسي معين كان المراد منه تشويه رجل التعليم بالمرة خاصة في إعلام البصري بتسكين الصاد، فرجاء لا تعيدونا إلى الماضي ،دعونا نعانق المستقبل ،،،

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.