https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

محمد مولود مازغ يكتب: المعطل بين الحق و الهامش .

كنال تطوان : بقلم محمد مولود مازغ

 الالتزام والانتهاك

تنص المادة 23 من الميثاق العالمي للحقوق الانسان  في فقرتها الاولى ((لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.)) اما المادة 25 ،الفقرة الاولى تنص ان  ((لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.)) اما المادة 6 و 7 للعهد الدولي الخاص بالحقو ق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية  فهما صريحتان الفقرة الاولى من المادة 6 تنص((تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق)) وفي المادة 7 السطر الاول يصرح((تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية))وبمقتضى الاعتراف بالحق في العمل باعتباره حقا من حقوق الانسان فان العطالة انتهاكا لهدا الحق والدولة مسؤولة عن هدا الانتهاك .ما لم تلتزم لا بكفالة هدا الحق ولا بحمايته او الاداء عنه..

المعاناة المزدوجة

 معاناة المعطل مزدوجة ..اجتماعية ونفسية . فالرؤية السياسية التي تتشكل عن المعطل ، لا توضح وضعه ، ولا تبرز مأساته..فهي تحاول افرازها كظاهرة طبيعية تفرضها الحياة الراهنة. وعليه ان يقبل بوضعه  ،كما وكيفا. وان يستكين قابلا  بالمعطيات والارقام السياسية ..لا بفضاعة وضعه المتأزم.

المعطل صاحب قضية ، صاحب حياة . وصاحب حق. وايضا صاحب معاناة  اجتماعية  ونفسية . ينشد وبأشكال مختلفة ، وبدرجات متفاوتة ، داتياوموضوعيا ، ان يحمل همه ومعاناته وحده . وان يجهر بها ،بصحة وصدق مطالبا  معالجتها . فالحق سيد والحقيقة مرة.

لا أ دري متى قرأت عن  كاتب اغريقي قديم ، يوصي ابنه  بأن يتفوق في تحصيل العلم والمعرفة ، ليتبوأ المكانة اللائقة في مجتمعه. فهي السبيل الوحيد امامه ليكون  له مركز  في سلم الهرم الاجتماعي …ترى لو عاش بيننا اليوم ، ستجده يوصي ابنه بتعلم السباحة  ، و ان يجيدها ..لكي يعرف كيف يهرب الى الضفة الاخرى ، و يجتاز المحيط ، او البحر المتوسط لينجو من البطالة والعطالة . ويبحث عن عيش كريم .

فكما يعاني المعطل اليوم ، تعاني الاسر . اسر كافحت وناضلت ، وقدمت ماتملك  ، من اجل ان يتغير حالها  ،ووضعها بتغير أحوال أبنائها ووضعهم ..فحصل الابناء على الشهادات العليا.  لكنهم يواجهون واقع سيء  متازم لا يرحم ..فالابناء انتهوا من دراستهم ليجدوا بين أنياب العطالة ..فالعمل ان كان لا يعني غير الكرامة .فالهامش لا يعني  غير الاقصاء ، والمعاناة .

لا استطيع ان اكون مترجما للمعاناة  التي يعانيها المعطل ..نفسيا واجتماعيا..ولا يمكن ان اكون ذاته، وهو يحاول ان يرسم واقعه  الرديء ، ويرسم تطلعاته واحلامه ورغباته المضمرة في النفس.لكن يمكن ان ارى حبه في التغيير ..ان ارصده فيه. يتوق اليه . من خلال كفاحه،  وهو يصرخ عاليا. اراه يواصل نضاله اليومي وحده .يفقع الحضيض وظروفه القاسية …هم شباب من دم ولحم . دم حار ،  ولحم حار .. على الرصيف في الساحات.. في الشارع ، يجهرون بحقهم في الحياة ..فالى الجحيم كل المواعظ والامثال التي تدعو ا للاستكانة والرضوخ. هنا الوطن ضائع ، هم فيه ضائعون ..يستغيثون..اراهم يصرخون ..حناجرهم مشدودة الى اليقين بالحق المغتال فيهم . يصرخون بعزم ويرفعون اصواتهم .يبرزون تفاؤلا لا نحس به احيانا ..يكافحون  معاناتهم صبرا وشجاعة ..انهم يواجهون الظلم والجوع والشقاء المدمر .  و يشكل غريب ، عجيب قادرون على  الصمود ، والارتقاء بالممارسة اليومية ، الى الابتسامة  والفرح المؤلم .صادقين يكشفون  عن اللا مبالاة التي تحصدهم ، تسيجهم .. انهم احياء ، اصحاب قضية .

الهامش

يبقى الهامش هامشا ..يعني  لغة -اسم لمفعول – من همش ، وهو صيغة توحي بوقوع الفعل على المفعول به . اي التسليم بوجود ذات مهمشة .وهنا يفترض سلفا وجود من قام بفعل التهميش ..اي صاحب سلطة او نفود او اداة اكراه. حائز على الاليات التي من شأنها ان توقع المفعول به الى التهميش..وتحوله الى ذات خاضعة سلبية ،فاقدة القدرة ،على تحويل موازين القوى لمصلحتها .

في برامج التنمية ، في بلد ما. تهدف بالاساس الى محاربة الاقصاء ، والتهميش. وتسعى الى  اعطاء مزيد من الفرص للفئات المحرومة . كي تتمكن من كسر طوق التهميش. كأن الامر  مجرد نظرة اخلاقية  تجاه هده الفئات ..وكأن مجرد هده النظرة ، كفيل ان يجعلها تتجاوز وضعية التردي .عجيب امرنا ..نتحدث عن الديمقراطية ، وحقوق الانسان ، وحقوق النساء ، وحقوق الاطفال  ..نتحدث عن الحرية والمواطنة  والحق فبعيدا عن المعاني والمفاهيم ..ومايحصل لتلك الدوات من معاناة ..توظف السياسات القائمة ، كل هدا وداك ، للاستهلاك ..تحول الأمر الى مادة استهلاكية وتجعلها في متناول الجميع ..نلوكها كاللبان ..فسرعان ما تفقد طعمها وحلاوتها ..ويضعف الجميع امام الحالات  ..لاحلو للأباء ولا للامهات  ولا للمجتمع بكل مكوناته ولا للحكام والمسؤولين . فيفيض الشارع شعارات.

 انهم مجبرون ان ينزلوا الى الشارع.. وهدا النزول يكتسي طابعا خاصا. فهم لا يوظفون الشارع لهدف او مطلب واحد . هم مرتبطون بالشارع ايما ارتباط.  ارتباط شبه وجودي .اذ من خلاله  يعبرون عن حقهم المشروع . ويستعرضون ذواتهم،  ويوجهون رسالتهم المباشرة . الى من يهمه الامر و الى الناس اجمعين.

 صرخة معطل

أيها الامل المقتول فينا .انتظرناك.. القوة فارقتنا .هنا دمنا على هده الارض ، يدق الحياة فينا. ويصنع منا شعارا نصدح به يملأ الأذان. اسمع صراخنا ،  أصعدنا أيها الوطن اليك، أصعدنا من قعرك ومن جب الأثام . لا تجعلنا شعب بكاء ، فقد كبرنا على التطاول  لأخد القمر لعبة . نحن في الهامش  ،فمتى تخرجنا من المحنة ؟ تركتنا أيها الوطن للعراء المخيف. تركتنا لظهيرة تشوي أجسادنا ، تركتنا للركلات والصيات والرصيف .نبحث في السياسات عن من يحمي ظهورنا . ووجوهنا معرضة للهيب نار الألم الصامت ، عيوننا تراك ولا ترانا. اسناننا تصطك ، مفاصلنا ترتعد .كانه الجليد يجمد أوصالنا .لنصمت عن أوجاعنا …لنخبو. ..أزرع فينا السداد والقوة ، كاننا على خطوط النار ، نفتت أيامنا. علنا….اصواتنا متارسا لنا ..وحيث لا نريد الا خبزا وماء، وقليلا من الكرامة، ان بقيت  ،حماية لدمنا. ايها الوطن الجاحد ،شجت رؤوسنا الطريق اليك ، والملصق يحمل صورتك خرابا بداخلنا ..ها هي حناجرنا خربتها صلوات الصبر والغضب. نحن وحدنا، ولا ظل لنا ..الا ماتبقيه شارة النصر .بين أصابعنا .. ادمت قلوبنا هده الحياة ، ولم نرى منها أحلاما لنا .تأكلنا..أبسط يدك لنا ، وارتفع بنا الى أدميتنا ، ارتفع بنا الى غمامك القرمزي ..أرنا نورك ، كي نرى . وكي نرى…

 

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.