https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

لنغير سلوكنا

كريم سعيدي

يتحدد السلوك الإنساني بالأفعال والتصرفات التي تصدر عن الفرد من خلال علاقاته بمن حوله، سواءً كانت ظاهرة أم غير ظاهرة. ويعرفه آخرين بأنه نشاط يصدر عن الإنسان كالنشاطات الفيزيولوجية والحركية أو نشاطات أخرى كالتفكير والشك والقبول والرفض…. وغيرها. فخلف كل سلوك دافع فنحن لا نقوم بشيء إلا إذا كان هناك شيء ما يحركنا للقيام بهذا الفعل ونتوقع أن نحصل من خلاله على نتيجة محددة. بما يعني أن السلوك يخدم وظيفة،وقد يخدم سلوك واحد عدة وظائف.

والسلوك يتغير تبعا لبيئة ما، بحكم الاستعدادات والقدرات التي يتوفر عليها الفرد والتي تميزه عن باقي الكائنات الأخرى. وهو بذلك ليس شيئاً ثابتاً ،وقد يحدث بصورة إرادية عندما يكون بشكل مقصود ويعبر عن حضور الوعي وهذا السلوك يمكن تعلمه ويتفاعل بعوامل البيئة والمحيط الذي يعيش فيه الفرد. وقد يكون لا إراديا .

ونحن نعترف أن شعار” لنغير سلوكنا” هو ماركة مسجلة،إن صح التعبير،لوزارة التجهيز والنقل، لكن هنا نعبر عن دعوة لاتخاذه شعارا عاما للجميع، و للفت الانتباه إلى ضرورة إعطاء السياقة والقيادة دلالة أشمل ومعنى أعم، وذلك لكل فرد بحسب موقع مسؤوليته والدور والوظيفة التي يؤديها داخل منظومة معينة. كما أن حوادث كثيرة تغير مسار حياة أسر رأسا على عقب نتيجة سوء إدارة”قيادة” مرفق ما نتيجة سلوك هذا أو ذاك تبعا ل”علامات تشوير” خاصة جدا ومتغيرة حسب الأشخاص والظروف وغير خاضعة لمدونة أو ضوابط قانونية. وترجع “أسباب النزول” إلى واقعة لصديق لي حين توجه إلى إدارة تابعة للتجهيز والنقل بميسور لأداء الضريبة على السيارات. وارتأيت أن يتم ترجمة هذه الواقعة إلى مقال نزولا عند رغبته، على اعتبار هذه السلوكات تحدث غير ما مرة ويمكن اعتبارها مستشرية وتمس بمنظومة القيم داخل مجتمعنا.

فحين ولج هذا الصديق الإدارة عند حدود 10صباحا، كانت الأرقام التي توزعها الإدارة على المرتفقين قد استنفذت بالكامل، وقرر تأجيل هذا الالتزام لوقت لاحق. لكن إكراه اليوم الأخير،اضطره معه إلى العودة في الفترة المسائية ، حيث القاعة فارغة إلا من عدد قليل من المواطنين، فتوالت النداءات على أصحاب الأرقام. بيد أن إقدام المسؤول عن الإدارة على الخروج من مكتبه واصطحاب شخص محدد من بين الموجودين، جعلت صديقي يشعر ب”الإهانة” ليعلن احتجاجه ، ويدخل في نقاش حاد مع من أقدم على هذه المبادرة غير المقبولة. ورغبة منه في استدراك الأمر، شدد عليه مرافقته إلى داخل مكتبه الشئ الذي قابله رجل التعليم هذا بالرفض …لكن المفاجأة غير السارة اقترنت باعتراف المسؤول بأن الشخص الموجود داخل المكتب والذي حظي بهذا الاهتمام التزاماته كثيرة بحكم المهمة التي يزاولها كممثل للأمة…

إن مثل هذه السلوكات لا ترتبط بفئة معينة أو بأشخاص محددين بحسب مهمات أو وظائف، إذ يمكن معاينتها داخل كل إدارة من أشخاص ذاتيين، عند شباك البنك أو عند طابور أداء فواتير الماء والكهرباء… وهو سلوك غير مقبول طبعا يوحي بأن الملتزمين بالصف يتوفرون على فائض لابأس به من الوقت لتزجيته أو أن التزاماتهم ليست بالوفرة التي تدفعهم لحساب وقتهم بالثانية والدقيقة. كما يمكن إدراج هذه السلوكات ضمن التداخل الذي تعرفه منظومة القيم داخل المجتمع حد التعارض، بحيث أضحى اللبيب هو الذي يعرف من تؤكل الكتف،بينما الملتزم بعمله وقيمه متقادم وتفكيره عفا عنه الزمن…..

إن سياق التغيير الذي تعرفه بلادنا يدفعنا إلى ضرورة العمل على تغيير تمثلات المواطنين حول مهام المستشارين بالجماعات القروية أو الحضرية. إضافة إلى الدور الذي ينبغي وأن يلعبه ممثل الأمة في هذه المرحلة بالذات. فقد ساد اعتقاد ،ولفترة طويلة، أن على من يتحمل هذه المسؤولية ينبغي أن يعتني بمطالب شخصية، إن لم نقل طلبات، أهل دائرته التي تتوزع بين مساهمته في “تسهيل”الحصول على وثائق إدارية وتسريع مرور ملفات داخل الإدارات…حيث ترى البعض يستعين بهذا المستشار أو ذاك لتجاوز طابور الحصول على عقد ازدياد أو تصحيح إمضاء، كما ينبغي أن يتدخل في المحاكم ومندوبات الصحة ومديريات التجهيز والنقل… وإذا تخلف فكل النعوت القدحية تلحق به وفي كل مكان. فيتحول دوره بذلك من ممثل لمجلس جماعي يدبر شأنا يرتبط بحدود أوسع من حدود دائرته الانتخابية إلى مدبر لقضايا خاصة، ومن برلماني ترتبط مهمته بالتشريع إلى “مفتاح” من المفروض عليه أن يفتح “الأقفال المغلقة” والى “مهندس”يرسم مسلك للمشاكل العصية عن الحل . وترى الواحد منا قبل وأن يهم بقضاء غرض ما يفكر في ضرورة البحث عن وسيط ، وعندما يدخل إدارة ما فيهيم ببصره عله يجد موظفا يعرفه، كل ذلك لتجاوز طابور الانتظار، لا لأن الوقت له ثمن لكن لأن القاعدة “الخايبة ” التي ألفناها ومن فرط تكرارها كسبت مصداقية مع كامل الأسف.

فلنـــــــــــــــــــغير سلوكــــــــــــنا جميــــــــــــــــــــــعا

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.