https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

من عبق السيرة (2) نحو اعادة القراءة

كنال تطوان / بقلم : كريم التايدي الوهابي

سيرة الرسول عليه السلام ، معين لا ينضب ، وسر لا يخفى ، تشفى به النفوس ، ويروي به ظمأ الروح ، هو الحبيب فاهنأ إن كان في قلبك تعلق منه بسبب ، أكرم الخليقة على الله ، بلغ ما السمو ما وقف عنده الملك ، فقال له تقدم ، ومن التواضع ما جعله يقف للدابة العجماء حتى تشكي له من أمرها ، وبلغ من الحكمة أن جمع له الكلام واختصر اختصارا ، فكان من معجزاته جوامع الكلم.

في سيرته عليه السلام ، متعة لا تنتهي ، كيف لا …. وقد أوتيت بركتها وسرها من متعلقها، فكأن الله ألبسها ثوب الجلالة والوقار ، فكان القارئ لها يعيش زمن النبوة ، فيستضيء بضيائه ، ويرتوي من علله بعليل الزمن الطاهر

وكيف لا ، ونبينا مثال الإنسانية الكاملة ، والرحمة الشاملة ، ومجمع الأخلاق الفاضلة ، فكانت إنسانيته فطرة فيه ، وجبل منذ كان على الرحمة ، شهد له بذلك قاصي القوم ودانيهم، وكان برحمته وسط قوم غلاظ القلوب ، شديدي الطباع، فكان بينهم كالشجرة الباسقة المثمرة ، في صحراء قاحلة ، أما عن الأخلاق … فيكفي فيه قول ربه “وإنك لعلي خلق عظيم” قسم من عظيم في حق عظيم بوصف عظيم.

من كانت هذه سيرته ، وسريرته ، أفلا يستحق منا أن نخصص له وقتا

للقراءة عن حياته

للاطلاع على أحواله

للتشبه بأفعاله

للاقتداء بأقواله والامتثال لأوامره

كان مثال الصدق والوفاء ، والمودة والإخاء ، والجود والعطاء ، لا يرد سائلا ، ولا يقهر مسكينا ، ولا ينهر فقيرا ، مصداقا لقول الحق “ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ، ووجدك عائلا فأغنى ، فأما اليتيم فلا تقهر ، وأما السائل فلا تنهر ، وأما بنعمة ربك فحدث” وهذه الأيات ، إنما هي تعليم لأمته ، أما هو عليه فقد كان مثالا المتمثل بمعانيها ، وكأن ربنا يقول به : إن حمدك لربك ، يكون بفعلك تجاه من هم مثلك من الناس ، وقد كنت وكنت … وأنعم عليك ربك فلا تنس ما مر بك ، وكن رحيما ، تمثل بهذا في نفسك يانبي الرحمة ، حتى يصل إلى أمتك من بعدا ، واضحا جليا.

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله

من هنا إذن وجب التنبيه ، إلى أن المقصود بقراءة السيرة ، ليس مجرد رواية الأخبار ، والاستمتاع بعنصر السرد فيها ، والافتخار بما فعله الجيل الأول ، ومن ثم الترضي عليهم، دون الخوض في أعماق الأحداث ، بفكر متنور ، وعقل مستبصر، دراسة للأسباب والنتائج ، ألم يكن النبي عليه السلام قائدا ناجحا للدولة الإسلامية ؟

ألم يكن عليه السلام أفضل من طبق معاني القرآن الكريم ؟

ألم يكن عليه السلام الوحي الموحى من عند الله في كل أفعاله وتصرفاته ؟

بلى ، وهنا سؤال بسيط: هل سيرته عليه السلام كافية لأن تعطي صورة واضحة عن دار الإسلام ، وتنظيم الحياة داخلها ؟

لقد ظل عليه السلام يدعو إلى الله مدة 23 سنة ، بين مكة والمدينة ، بمنهج واضح ، وأسلوب رفيع ، وفي هذه المدة نزلت آي القرآن ، حسب الوقائع والأحداث ، وكان عليه السلام ، الرسول المؤيد ، ذو الرأي المسدد ، في تنزيل هذه الآيات ، وفق واقعه وما يقتضيه، مما أعطى الانطلاقة لمن يأتي من بعده أن يرجع إلى هذه النصوص مع ما يتوافق مع الزمان والمكان والظروف والأحوال … فكانت سيرته بذلك مثل القاعدة الأساس التي يرجع إليها في فهم حيثيات تنزيل أوامر الله على الأرض.

فإذن سيرته عليه السلام بمثابة مصباح منير ، به نتلمس طريقنا إلى ربنا ، بخطى وئيدة ، في سبيل الوصول ، وعليه ؛ فلا فائدة منها إن ظلت حبيسة قراءة تروم الاستمتاع بها وفقط، بل السيرة النبوية ليست ككل سيرة … بل هي النموذج الأروع لتطبيق معاني القرآن الكريم .

3 رأي حول “من عبق السيرة (2) نحو اعادة القراءة”

  1. إلى كل من قرأ هذه الكلمات القلائل ، رغم أنها لا يمكنها أن توفي الموضوع حقه ولا أن تتطلع إلى تلبية رغبات القراء الأعزاء تلبية كاملة ، فاليد قاصرة والنفس بصيرة ، إلا أنه من الواجب التلميح إلى أن تعليقاتكم النقدية ستفيدني كثيرا أحبابي فلا تبخلو جزاكم الله خيرا

    رد
  2. أعذب من الشهد مكتوبك وأحلي من الورد أسلوبك.
    (من ذا سيحصر فضله بقصيدة وبحار فضله ما لهن سواحل صلي عليك الله يا علم الهدي صلي عليك المولي وسلم)

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.