كنال تطوان / متابعة:د.يوسف الحزيمري
نظم نادي فنون الزجل لجمعية تطاون أسمير بتنسيق مع مندوبية الثقافة لجهة طنجة تطوان يوم السبت 28/12/2013م بمدرسة الصنائع والفنون الوطنية – باب العقلة- تطوان (الملتقى الجهوي الثاني للزجل بتطوان دورة المرحوم “حسن المفتي”) بحضور زوجة المرحوم السيدة “فخيتة حسن المفتي”.
عرفت الجلسة المسائية الأولى تقديم شهادات في حق الراحل حسن المفتي، قدمها أصدقاؤه ومحبيه، وكانت الجلسة من تسيير الكاتب العام لنادي فنون الزجل الأستاذ “عبد الغفور الفتوح”، وكانت الكلمة الأولى للدكتور والناقد “نجيب العوفي” بورقة موسومة بـ(حسن المفتي: نغم الزجل المغربي)، حيث اعتبر هذا النغم بحق وحقيق، نغم أصيل وجميل في قيثارة الزجل المغربي، وكلماته الندية الشجية العالقة بالآذان والنافذة للوجدان شاهدة على ذلك، معتبرا الراحل حسن المفتي أحد المؤسسين الأوائل للزجل المغربي، وأنه أحد المبدعين الأوائل الذين أسسوا لحداثة القصيدة الزجلية المغربية غداة الاستقلال، وأحد الفاعلين الأساسيين أيضا في تحديث وتطوير وإغناء الأغنية المغربية، حيث اقترن اسمه بألمع أسماء ورموز الأغنية المغربية وبأبهى وأزهى عناوينها، فهو بحسب تعبير الدكتور نجيب مرسول حب الأغنية المغربية وفالق حَبِّهَا بامتياز، إن عند حسن المفتي حسب الدكتور نجيب ينعقد قران جميل بين الفصحى والعامية، فإذا بها “فُصْعَاميَّة”…، ولعله في هذا قريب وقرين لأساطين الزجل المصري أمثال: صلاح جاهين، وعبد الرحمن الأبنودي، وأحمد فؤاد نجم، ومرسي جميل عزيز…
والأستاذ حسن عند الدكتور نجيب غاص عميقا في هموم وقته الذاتية والاجتماعية والوطنية وعبر عنها بشفافية ورهافة وبلا جلبة أو ضوضاء، وكان رومانسيا من حيث لغته ورؤيته وإحساسه، وختم الدكتور ورقة بالقول بأن حسن لم يكن زجالا فحسب، وإن كان الزجل نوطة قلبه، بل كان سينمائيا من طراز رفيع، مخرجا وكاتب سيناريو وحوار، ومسرحيا كان بعبارة فنانا من عيار خاص.
بعدها تقدم الأستاذ والمسرحي “رضوان احدادو” بالحديث عن الراحل حسن المفتي من منطلق صداقة الطفولة، وهي المنطلقات التي سماها “مشهديات” اعتمادا على الذاكرة، فذكر معرفته بالراحل حسن منذ أن كان يطوي الطريق من سكناه بالطويلع إلى حيث باب سينما “ناسيونال” بالمدينة، وكيف كان احدادو يضبط ساعة توقيت حسن ومعرفته بهذا الطوي، وما زال أيضا يتذكر أول زجلية التي ألقاها حسن المفتي بحزب الإصلاح الوطني على شرف عبد الخالق الطريس وهي القصيدة التي احتفي بها آنذاك ونشرت في جريدة النهار، وله قصائد زجلية منشورة بجريدة الحديقة حيث كان يوقع باسم”بيرم الصغير”، وكان من أـسرة تحريرها آنذاك كمحرر فني، وذكر رضوان احدادو أن حسن المفتي لم يكتب زجلياته للمغاربة فقط، فإن له زجليات مغناة لفلسطينيين أيضا، وكانت له في قلوب الفنانين المصريين مكانة متميزة، وهو أي حسن أول من أسس للكتابة النقدية السينمائية بمدينة تطوان ومقالاته النقدية لا زالت موجودة بمجلة الحديقة، وهو الذي علمنا كيف نقرأ السينما -يقول الأستاذ احدادو-، إضافة إلى ذلك تحدث الأستاذ رضوان عن جلساته المسائية مع حسن المفتي بمقهى الزهراء حيث كان يعرض عليه تجربته في القصة القصيرة، وأن حسن كان من كتاب القصة أيضا وقد عرض عليه مجموعته القصصية في ذلك الوقت، أضف إلى ذلك أنه مخرج مسرحي متميز…، ولا يزال يتذكر الأستاذ رضوان أيضا إشراف حسن المفتي على تنظيم أول مهرجان مغربي للتراث الشعبي والذي لقى نجاحا منقطع النظير آنذاك (23 غشت 1975م)، وختم الأستاذ رضوان احدادو شهادته بالقول أنه كلما تذكر حسن المفتي إلا وتعتمل في نفسه صورة حزينة وحنين للزمن الجميل.
بعدها قدم الأستاذ الكاتب “حسن بريش” تقديما رائعا وبهيّا في حق الراحل حسن المفتي وسمه بـ(رسالة مفتوحة إلى المستقر في ملكوت الجمال)، ومما ورد فيها قوله: أيها الباقي في رحاب الذاكرة…لن أتحدث عنك بضمير الغائب، لأن حضورك يهزم القواعد، أنت لم ترحل بل مارست الغروب ثم تشرق من جديد…، تَسمعنا من أقاصيك ونحن لا ندري، فعد إلينا ليزهر الياسمين في أغانينا، عد إلينا ليعود الذوق إلى كلماتنا، كنا نقرأ لك فيزداد الجمال رسوخا، كنا نسمعك فينمو الحب في حبق أرواحنا…كتبت بحب الحبر إلى حد أنك لم تشرك به سواك، كيف للكلمة أن تتحمل سفرك أيها المستقر في ملكوت الجمال، ألا ترى أن الحبر أصبح يتيما بعد أن سكت صوتك عن القصيدة، من يأخذ بالقصيدة إلى أفق الإجادة بعد أن رحل ومضك، أيها الراقد في حضن الكلمات…آه يا سيد الزجل لو كنت مصريا…؟ أمّا وأنت مغربي فقد رشحوك للنسيان، يا أب الزجل المغربي، لقد عشت أكثر مما مت، وبقيت أكثر مما رحلت…فسلام لك سلام عليك حتى مطلع القصيدة.
بعد هذا تقدمت السيدة “فخيتة” زوجة المرحوم حسن المفتي بكلمة عبّرت فيها عن سعادتها بهذا التكريم الذي له طعم خاص، حيث يحتفى بالمرحوم حسن في مدينته مسقط رأسه ومثواه، وبين أصدقائه ومحبيه من أهل مدينته، وقالت بأن المرحوم كان متعددا في أعماله وثقافته، فهو زجال وصحفي وشاعر ومخرج وكاتب قصصي، كما كان قارئا نهما للكتاب ومشاهدا لأفلام السينمائية، كتب للفنانين المغاربة أغنياتهم وصنع معهم باقة متنوعة من الأغاني المغربية الرائعة والخالدة، فقد كان بحق سفيرا للأغنية المغربية آنذاك، ومن ثم فهو اسم مشرف لهذه المدينة…، وفي الختام قرأت قصيدة من ديوانه بعنوان (الشاعر والبحث عن الآتي…).
وبعد أن تم عرض شريط وثائقي عن المرحوم حسن المفتي مع تعليق صوتي مرافق لكريمته السيدة “فخيتة” ختمت الجلسة الأولى بمقطوعة موسيقية للموسيقي المقتدر محمد مصطفى من تلحينه لإحدى قصائد المرحوم حسن المفتي.
وفي الجلسة المسائية الثانية والتي كانت مخصصة للقراءات الزجلية، قام بتسييرها الدكتور عبد الواحد بنصبيح، ألقيت في قصائد زجلية متنوعة لزجلي تطوان والجهة، افتتحها الزجال مصطفى مشبال بقصيدة في حق المرحوم حسن المفتي سماها (نجمي اللّي ما لقيتو) من مقطوعتها الختامية:
ومن فوق السحاب هناك في العالي نور شاع
مرسول الحب، بلباس بيض وعنق حمامي
قال:نجمك بعثلك شلا اوراق واقلام يراع
لي أنا، اللي سبق لي تخليت على كل وراقي واقلامي
بلغ لك سلامي يقولك: الكلام الخاوي ما ينفع
والكلام الجميل ياخذ حقو بحقو، ما يحتاج محامي.
بعده ألقى الزجال التطواني “محمد القيرواني” زجليتين بعنوان (زجل تطوان) وأخرى (ورّك على أوكّي)، بعدها ألقت الزجالة جميلة علوي مريبطو قصيدة بعنوان (سعد الزين)، تلتها المواهب الشابة لنادي تطاون أسمير لفنون الزجل في شخص الشابة “صفاء احسيسن” بقصيدة (موسيقى) نالت استحسان الحضور بتعبير جميل جميل…، ثم بعدها ألقى الزجال “عمر البقالي” (فنان تشكيلي أيضا) من طنجة زجلية بعنوان “عبدك طالب”، تلته الزجالة التطوانية ذات الحرف القح “نبيلة المصباحي” بقصيدة (ذاك المقال)، بعدها قدم مستشارو نادي فنون الزجل بطنجة الشاعر “سعيد الأندلسي” قصيدة شعرية، و الزجالة “حياة شفراو” بقصيدة (يا داك الهواو)، ثم محمد حصحاص من مدينة وجدة قصيدة بعنوان (زجل زجال)، لتختم القراءات الزجلية بزجلية للكاتب العام لنادي فنون الزجل بتطاون أسمير السيد عبد الغفور الفتوح بقصيدة في حق حسن المفتي سماها (هو حسن…)،و الثانية عن مدينة تطوان بعنوان (قصة مدينة) منها:
الكلام على تطوان طويل
وشحال ما قلت فيها قليل
هذا وقد اختتم (الملتقى الجهوي الثاني للزجل دورة حسن المفتي) بكلمة ختامية لناديفنون الزجل لجمعية تطاون أسمير، وتقديم هدايا رمزية لكريمة الراحل السيدة “فخيتة” مع توزيع شواهد الحضور على المشاركين.