https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

لحسن الجيت يكتب: الملك والشعب في مواجهة الظلم والفساد

كنال تطوان /بقلم : لحسن الجيت

ليس من الصدفة ولا من الطارئ أن نسجل في المشهد المغربي غضبتين متزامنتين: غضبة ملك أمام البرلمان نبه فيها الإدارة المغربية وحذرها من مغبة التمادي في تعاملها الرديء وخطورة ذلك على المواطن والنيل من كرامته وحقوقه، وغضبة شعب جاءت مباشرة بعد الخطاب لتلتقي مع الإرادة الملكية في ذات الانشغالات وفي ذات الانتظارات المطلوبة والتي يجب أن تعيد للمواطن كرامته وعزته المفقودين. وكأن الملك وشعبه متخندقان في خندق واحد وعلى عهد واحد في مواجهة اللوبيات التي تتحكم في دواليب السلطة والإدارة المغربية. ولسان الحال ينادي بثورة ملك وشعب من صنف جديد في مواجهة الفساد وقطع دابر المفسدين الذين يستخدمون مواقعهم ونفوذهم في خدمة مصالحهم وفئاتهم وأحزابهم، ولا يهمهم إن كان في ذلك خطر على النظام وعلى أمن واستقرار البلاد. إنهم من الفئات المتآمرة على الوطن وعلى مليكه وشعبه.

هذه اللوبيات ترفض الإصلاح وتمقت من يدعو إليه حتى ولو كان ملك البلاد، بل أنها تحاول تغليط رئيس الدولة بتقارير كاذبة لا علاقة لها بالواقع والإيهام بأن الأوضاع على ما يرام وأنها تحت السيطرة، بل ولتعزيز نفوذها وتغلغله تمهد الطريق لأتباعها ولمن يخلفها من الأقارب في مراكز القوة المتحكمة في الإدارة المغربية لتضمن استمراريتها وضمان مصالحها في البقاء حتى ولو بعد رحيلها عن تلك المراكز والمواقع الحساسة والمؤثرة. وفي هذا السياق المريب والمخطط المقيت يمكن فهم حقيقة المؤامرة على مصلحة الوطن والمواطن والمؤامرة على النظام المغربي بوجود هذه الكيانات الخطيرة التي تنعدم فيها أبسط مقومات الوطنية.

ملك البلاد لم يترك منذ توليه مقاليد الحكم أية مناسبة تمر من دون أن يسجل اختلالات في هذا القطاع أو ذاك كما جاءت في العديد من خطبه سواء تعلق الأمر بالقضاء أو الإدارة في مختلف تشعباتها أو القطاع الدبلوماسي والقنصلي. ولم يكتف الملك بخطب بل وجه رسائل ترمي إلى الإصلاح بمفهومه الشامل. ولكن االلوبي الجاثم والمتربص والعابث بمصالح الناس لا يضع تلك الخطب أو التوجيهات في صلب اهتماماته، يتفاعل معها في حيتها لكن سرعان ما يضعها في الرف لتنال قسطها من النسيان. الملك قالها بصريح العبارة في خطابه أمام البرلمان عندما أتى على ذكر الرسالة التي وجهها إلى وزيره الأول عام 2002 في موضوع الاستثمارات. فبقيت توجيهاته بدون تفعيل ولا تنزيل.

وحينما يغضب اليوم الشارع المغربي بسبب مقتل السماك محسن فكري فلأن تلك الحركة الاحتجاجية لم تكن سوى ترجمة للإحساس “بالحكرة” التي فاضت مع مقتل هذا السماك بعد تراكمات سلبية للإدارة المغربية في حق المواطن. عديدة هي تجليات الحكرة وعديدة هي سياسات الإقصاء التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم. وعديدة هي القوانين التي صدرت ولا يتم تفعيلها أو تنزيلها. فالملك لعب دورا كبيرا في دسرة اللغة الأمازيغية والفضل في ذلك يرجع إليه وعلينا نحن الأمازيغ أن نعترف بذلك وألا نفرط فيه في لحظة غليان، لكن الجهاز التنفيذي تكالب وما يزال يتلكؤ في إصدار قانون تنظيمي . واللوبي المناوئ لا يريد بتاتا أن تعرف هذه اللغة طريقها نحو الانطلاق والتألق. مازال القانون التنظيمي حبيسا ومعتقلا في أيدي من أوكل إليهم الاستعمار السلطة ونقلوها لأبنائهم وأحفاذهم، وكذلك يفعلون. قطاع المال والمصارف ورثوه من الاستعمار لكي يبقي الاستعمار على مصالحه بعد الاستقلال. كبريات الشركات ورثها لهم الاستعمار كشركات التأمين والنقل وغيرها. وكم هي القطاعات الحيوية والمؤسسات المالية والاستثمارية التي توجد بين أيديهم ومن خلالها يتحكمون في اقتصاد البلاد باطنه وسمائه وبحره، وفي لقمة العيش يبقى الانسان البسيط محاصر من قبلهم. وكل من سولت له نفسه أن يخرج عن طاعتهم طحنوه وسحقوه أو جعلوا منه كبش الفدى .

مضت الأيام آخذة بأعناق الليالي، وازداد الوعي عند الناس مع ازدياد الفقر والحكرة. واليوم يقف الجميع على مفترق الطرق وجاءت لحظة الحقيقة إما أن نكون أو لا نكون. وفي لحظة الحسم يجب أن يصطف الملك إلى جانب الشعب وكذلك فعل، وعلى الشعب أن يكون في مستوى الملك الثائر. ونحن اليوم في حلة جديدة من ثورة الملك والشعب، الأولى كانت ضد الاستعمار، والثانية ضد ورثة الاستعمار. ثورة لا نريد بها الهلاك نريد بها طرد المفسدين والواقفين ضد الإصلاح . بلدنا أغلى ما نملك، علينا أن نصونه في سويداء قلبنا. ورسالتي إلى المغاربة الأحرار أمازيغ أم عرب يهودا أو مسلمين من شمال المغرب إلى تخوم صحرائه:

لا للفساد لا للحكرة لا للإقصاء نعم للإصلاح نعم للكرامة نعم للاعتراف بالآخر. ولن يتحقق ذلك إلا بالوسائل السلمية وفي ظل الاستقرار المعين. والحركات الاحتجاجية أبانت عن نضج لا مثيل له في العالم العربي في ما تميزت به من طابع سلمي وانضباط مسؤول لكل الفعاليات المشاركة في الحركة الاحتجاجية، وأعطت النموذج المثالي للتغيير المنشود. فلنحافظ على هذا النهج ولنحافظ على المكتسبات ولا ننسى أن نجعل من هذه المحطة محطة للوقوف مع ذواتنا لا نخاصمها ولا تخاصمنا ونقطع الطريق في وجه من أرادوا أن يشمتوا فينا كمثل ذلك البرلماني التونسي الذي سولت له نفسه المريضة أن يحرض أسياده المغاربة بتظاهرة بئيسة أمام سفارة بلدنا. ونصيحتنا له أن يهتم ببيته أما بيت المغاربة فسقفه من حديد.

ejjitlah@hotmail.fr

رأي واحد حول “لحسن الجيت يكتب: الملك والشعب في مواجهة الظلم والفساد”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.