https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

امحمد الراجي يكتب: تفاعلات مقتل بائع السمك بالحسيمة !

كنال تطوان / الكاتب : امحمد الراجي

على إثر مقتل الشهيد فكري بائع السمك داخل طاحونة شاحنة أزبال وهو يحتج على رمي الشرطة بضاعته داخلها ويحاول التقاطها فتم طحنه حتى الموت رحمه الله ظهرت تفاعﻻت للحادث ذات أبعاد نفسية واجتماعية وسياسية.

بغض النظر عن معرفة المواطنين لما وقع بالضبط خرج عدد ﻻ يستهان به منهم إلى الشارع اﻷحد الماضي تضامنا مع عائلة الفقيد وتعبيرا عن الغضب تجاه السلطة التي لها يد طولى في الحادث بأي شكل من اﻷشكال. وقد لوحظ مشاركة أطياف مجتمعية عديدة في اﻻحتجاج باﻹضافة إلى أقلية من التيارات المعارضة التي استغلت الحدث لترفع السقف في مطالبها تحت رايات خارجية خارج السياق اﻻجتماعي للحادث؛ كما ظهر في الساحة بعض اﻷعضاء من شبيبة العدالة التنمية وعدد كبير من المتعاطفين رغم توجبه اﻷمين العام بعدم الخروج.

يمكن النظر إلى تفاعل المواطنين المحتجين بتلك اﻷعداد التي ﻻ يمكن اﻻستهانة بها من زوايا عديدة أهمها:

أولها الصورة البشعة التي قتل بها الشهيد فكري صاحب السمك أثارت حالة عامة من الصدمة سادت جميع قطاعات المجتمع المغربي بجميع اتجاهاتهم الفكرية والسياسية. وهي حالة نفسية يصعب التحكم فيها. ويمكن اﻹشارة هنا إلى أن توجيه السيد بنكيران ﻷعضاء حزبه والمتعاطفين معهم له اعتبار من حيث ضبط حدود التعبير عن آثار الصدمة والتخوف من اﻻستغﻻل السياسي للحادث؛ لكن الواقع أنه ﻻ يمكن تجاهل الأهمية النفسية للتسامح مع ردات الفعل والسماح للتعبير عن الصدمة في مجتمع أثقلت مشاعره اﻷخطاء الفادحة والمتكرر المتتالية للمحسوبين على اﻻدارة.

ثانيا: إن الحادث جاء في ظرفية سياسية حساسة جدا وهي ظرفية المشاورات لتشكيل الحكومة التي تبدو للرأي العام متعثرة وهي تجري في أجواء مشحونة بآثار ممارسات تحاول إفشال المسار الديموقراطي منذ اﻹعداد لقوانين اﻹنتخابات إلى إعﻻن نتائج اﻻقتراع ثم المناورات التفاوضية لتشكل الحكومة؛ فكان الحدث مناسبة سانحة لقطاع عريض من المواطنين لﻻحتحاج على الفساد اﻹداري.

هناك رسالتان أساسيتان يريد المواطنون المحتجون إيصالها إلى المعنيين باﻷمر:

اﻷولى تقول، بكل وضوح ومن خﻻل شعارات المحتجين، إن سلوك إلسلطة اﻹدارية مع هذا الحادث المفجع واﻷليم ﻻ يمكن فصله عن سلوكها العام تجاه المواطنين في مختلف اﻻدارات.

الرسالة الثانية هي التعبير عن القدرة على تحريك الشارع وتأطيره في سياق الربيع العربي ومطالبه المشروعة وأنه اختيار مازال واردا وممكنا؛ وهي رسالة تحذيرية للدولة تفيد أن مصير فشل اﻹصﻻح وقطع اﻷمل في التجربة الديموقراطية الحالية هو الحراك الشعبي، وهو اختيار مازال واردا في المخيال الشعبي بقوة كحل أخير ﻻنتزاع الحقوق اﻻجتماعية والسياسية.

انطﻻقا من هذا التحليل يتوقع أن تلتقط الدولة، كعادتها وحسب تجاربها الطويلة، الرسائل التي تحملها التفاعﻻت المرافقة للحادث، فﻻ تكون للحادث امتدادات من قبيل ما عرفه الربيع العربي في عدد من دوله؛ فيكون المستفيد اﻷول من هذا القدر اﻹلهي هو تيار اﻻصﻻح في الدولة والمجتمع المدني حيث سيضطر تيار قوى التحكم إلى التراجع عن مخططات عرقلة اﻻصﻻح وتأجيلها على اﻷقل إلى مراحل ﻻحقة؛ كما سيعزز هذا الحادث الحاجة إلى أولوية إصﻻح اﻹدارة للحد من هيمنتها وتسلطها على المواطنين.

*دكتوراه في العلاقات العامة

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.