https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

هذه هي الفتنة الحقيقية بطنجة وتطوان !

كنال تطوان / متابعة 

بقلم : توفيق بوعشرين 

الفتنة لم تكن نائمة في طنجة وتطوان والرباط والبيضاء ، وغيرها من المدن التي يوزع فيها الماء والكهرباء من قبل شركات أجنبية. الفتنة كانت مستيقظة في البيوت وفي جيوب المواطنين طيلة 20 سنة، ولم تنفجر إلا أخيرا عندما وصل السكين إلى العظم، وعندما تمادت «أمانديس» في جمع البيض من تحت دجاجة التدبير المفوض، لهذا على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي اتهم منشطي تظاهرات «طفي الضو» بأنهم يوقظون الفتنة ويهددون الاستقرار، أن يراجع نفسه، وأن يقرأ 71 صفحة من تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي قام بدراسة مهمة جدا بطلب من البرلمان حول سياسة التدبير المفوض في المغرب على مدى 20 سنة وأكثر، وإليكم أبرز خلاصاتها الصادمة التي تكشف حجم الفوضى المنظمة التي نعيشها، وتعطيكم فكرة عن حجم الفساد في دولة لا تعرف كيف تحمي مواطنيها ولا سيادتها ولا سمعتها في الداخل والخارج.

يقول التقرير: «إن المغرب شرع في العمل بعقود التدبير المفوّض قبل أن يضع أي نصّ قانوني لهذا المجال، ورغم صدور القانون عام 2006، فإن النصوص التنظيمية الضرورية لتفعيله وتوضيحه لم تصدر حتى الآن، فيما بقيت آليات المراقبة، التي تنصّ عليها عقود التدبير المفوَّض في مجالات النقل وتوزيع الماء والكهرباء والنظافة، مفتقرة إلى الاستقلالية عن الشركات المدبّرة، ومجرّدة من الحد الأدنى من الخبرة والكفاءة. الدولة تخلت عن صلاحيات سيادية لخواص مغاربة وأجانب دون نص قانوني، ودون ضمان ولوج متكافئ وشامل إلى المرافق العمومية، مع ما يهدد ذلك من مخاطر اجتماعية تمس حقوق المواطنين».

الله أكبر.. وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، ومعه طاقمه، وحولهم ممثلو السكان الذين لا يمثلون شيئا، وقعوا مع شركتي «ليديك» و«ريضال» عقد تدبير الماء والكهرباء والتطهير السائل سنة 1997 في الدار البيضاء والرباط وسلا وتمارة والمحمدية، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء وضع قانون يعطي الشرعية لهذا التفويض ويضبطه، ويحمي حقوق المرتفقين، ثم جاء السيد إدريس جطو في سنة 2002 وفعل الشيء نفسه مع «أمانديس» لتزويد طنجة وتطوان والعرائش بالماء والكهرباء دون إطار قانوني ولا نص تنظيمي، أما القانون فلم يصدر إلا سنة 2006، بعد أن ملأ الكثيرون جيوبهم من أموال المواطنين فقراء وأغنياء، أفرادا وشركات، وحتى عندما وضع قانون التدبير المفوض بعد تسع سنوات من توقيع عقد «ليديك» بالدار البيضاء، لم تضع الحكومات المتعاقبة (حكومة جطو وحكومة الفاسي وحكومة بنكيران) النصوص التنظيمية الضرورية لتفعيل ما جاء في القانون الناقص أصلا.

إننا نتحدث اليوم عن 13.5 مليون مغربي ضحايا التدبير المفوض لسلعة استراتيجية هي الماء والكهرباء، وعن 40 عقدا وقعتها الجماعات مع شركات أجنبية ووطنية لتدبير مرفق النقل خارج القانون. إننا نتحدث عن رقم معاملات سنوي يتجاوز 15 مليار درهم.
الدولة تخلت عن صلاحيات سيادية للخواص، مغاربة وأجانب، خارج القانون، هذا أولا، ووضعت دفاتر تحملات لا تلزم أحدا بشيء، هذا ثانيا، وأحدثت لجان مراقبة لا تراقب شيئا.. لجان لذر الرماد في العيون، هذا ثالثا، وكل هذا بتواطؤ سياسي ومالي مع أصحاب هذه «الهمزة»، هذا رابعا.

تأملوا الملاحظات التي أبداها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول لجان مراقبة شركات التفويض التي وضعتها الداخلية في «ليديك» و«ريضال» و«أمانديس». ما يوجد بين قوسين تعليق من عندي وليس كلام المجلس الاقتصادي الاجتماعي.

1- هذه اللجان المكلفة بالمراقبة توجد في وضعية تضارب مصالح واضحة (الشركات الأجنبية هي التي تؤدي أجور وتعويضات المراقبين، وبالتالي، هي التي تتحكم فيهم. هل يوجد نموذج في التدبير في العالم يكون فيه المراقِب أجيرا عند المراقَب؟).
2- لجان التفتيش الموضوعة في شركات التدبير المفوض ينحصر عملها في فحص الوثائق التي تقدمها لها هذه الشركات. لا يقومون بزيارات ميدانية (إنهم يفتشون ما تريد لهم الشركات أن يفتشوه).

3- الشركات المكلفة بالتدبير المفوض هي التي تحدد الموارد البشرية والإمكانات المادية ووسائل العمل الموضوعة في يد لجان المراقبة هذه (هذا له اسم واحد: الضحك على الذقون).

هذا أحد أوجه الفساد الكبيرة في المغرب، وللأسف، لا توجد على الطاولة الحكومية جرأة سياسية لوقف هذا النصب والاحتيال المنظم على سيادة الدولة أولا، وعلى جيوب المواطنين ثانيا، وعلى المصلحة العامة ثالثا.

الأسبوع الماضي جاء رئيس الحكومة إلى البرلمان ليقرأ ما كُتب له من أجوبة حول مشكلة «أمانديس» وتظاهرات طنجة وتطوان الحاشدة التي وصل عدد المشاركين فيها كل سبت إلى 40 ألفا، وهذا ما كان يهدد الاستقرار الاجتماعي، لكن ليس بين كل ما قرأه بنكيران في البرلمان حلول جذرية لهذا المشكل. «حزب فرنسا» لا يزعجه الكلام، ولا حتى الاتهامات التي وجهها رئيس الحكومة إلى الشركات الأجنبية من أنها تهرب أرباحها بطرق غير قانونية خارج المغرب لتتملص من دفع الضرائب.

حزب فرنسا في المغرب يهاب الفعل والقرار والقانون، وسلطة قوية لتطبيقه، أما التصريحات في الهواء فإنها تنفس الاحتقان الشعبي، وتعطي الانطباع بأن التغيير آتٍ، في حين أن المصالح والامتيازات حول الكعكة محروسة بعناية.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.