https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

معبر سبتة.. هكذا يتعرض المغاربة للحكرة على يد حرس الحدود الإسبان

كنال تطوان / المساء – جمال وهبي

شاب‭ ‬فقد‭ ‬شبكة‭ ‬عينه‭ ‬وآخرون‭ ‬أصيبوا‭ ‬إصابات‭ ‬بليغة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإهانات‭ ‬والسب‭ ‬والقذف

‮ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬عصام‭ ‬هيدور،‭ ‬ضحية‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجسدي‭ ‬العنيف‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الشرطة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬يكابد‭ ‬جراحه‭ ‬وآلامه‮ ‬‭ ‬بمستشفى‭ ‬مدينة‭ ‬سبتة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬الإبقاء‭ ‬عليه‭ ‬للعلاج‭ ‬لمدة‮ ‬‭ ‬عشرة‭ ‬أيام،‭ ‬بعد‭ ‬إصابته‮ ‬‭ ‬بكسر‭ ‬في‭ ‬أنفه،‭ ‬وفقدانه‭ ‬شبكة‭ ‬عينه‭ ‬اليمنى‭. ‬عصام‭ ‬شاب‭ ‬يمتهن‭ ‬التهريب‭ ‬المعيشي،‭ ‬اضطر‭ ‬مثل‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬شباب‭ ‬تطوان،‭ ‬إلى‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬سبتة،‭ ‬فجر‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬عساه‭ ‬يظفر‭ ‬ببعض‭ ‬الدراهم‭ ‬تقيه‭ ‬وأسرته‭ ‬شر‭ ‬الفاقة‭ ‬والعوز،‭ ‬لكن‭ ‬بطش‭ ‬رجال‭ ‬الإسبان‭ ‬كان‭ ‬قدره‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي،‭ ‬ليتعرض‭ ‬لاعتداء‭ ‬شنيع‭ ‬من‭ ‬طرف‮ ‬‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭ ‬الإسبانية‭ ‬العاملة‭ ‬بالمعبر‭. ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬حقوقي‭ ‬مغربي،‭ ‬أو‭ ‬تبني‭ ‬ملفه،‭ ‬قام‭ ‬وفد‮ ‬‭ ‬يمثل‭ ‬جمعية‭ ‬مدنية‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬العهد‭ ‬الجديد‭ ‬للتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬و الثقافية‮»‬‭ ‬بالفنيدق‭ ‬بزيارة‭ ‬ميدانية‭ ‬للضحية‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬بسبتة،‭ ‬لمساندته‭ ‬ومؤازرته،‭ ‬وأصر‭ ‬ضحية‭ ‬الاعتداء،‭ ‬على‭ ‬متابعة‮ ‬‭ ‬المعتدين‭ ‬عليه،‭ ‬فيما‭ ‬‮ ‬اشترطت‭ ‬إدارة‭ ‬المستشفى‭ ‬منحه‭ ‬شهادة‭ ‬طبية‭ ‬تثبت‭ ‬عجزه‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬‮ ‬تجنب‭ ‬المتابعة‭ ‬القضائية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الضحية‭ ‬يندد ويحتج‭ ‬على‮ ‬‭ ‬ذلك،‭ ‬مهددا‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬منحه‭ ‬شهادة‭ ‬طبية‭ ‬تثبت‭ ‬جسامة‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجسدي‭ ‬عليه،‭ ‬فإنه‭ ‬سيخوض‭ ‬اعتصاما‭ ‬مفتوحا‭ ‬وإضرابا‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬داخل‭ ‬المستشفى‮ ‬‭.‬

‭ ‬حالة‭ ‬عصام‭ ‬ليست‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬بالتأكيد‭ ‬الأخيرة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‮ ‬‭ ‬اهتمام‭ ‬الجمعيات‭ ‬الحقوقية‭ ‬‮ ‬بما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬شباب‭ ‬ونساء‭ ‬تطوان،‭ ‬من‭ ‬بطش‭ ‬وتعنيف‭ ‬جسدي‭ ‬وما‭ ‬يطالهم‭ ‬من‭ ‬ابتزاز‭ ‬وظلم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الإسبان‭ ‬أصبحوا‭ ‬في‭ ‬منأى‭ ‬عن‭ ‬المتابعات‭ ‬القضائية،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬حفظ‭ ‬أغلب‭ ‬الشكايات‭ ‬الموجهة‭ ‬ضدهم،‭ ‬بعضها‭ ‬بلغ‭ ‬حد‮ ‬‭ ‬القتل‭ ‬رميا‭ ‬بالرصاص‭.‬

إفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب

لقد‭ ‬لقي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬المغاربة‭ ‬مصرعهم‭ ‬برصاص‭ ‬الشرطة‭ ‬أو‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني،‮ ‬‭ ‬دون‭ ‬أن‮ ‬‭ ‬تتم‭ ‬معاقبة‭ ‬المعتدين،‭ ‬رغم‭ ‬المراسلات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬يوجهها‭ ‬محامو‭ ‬الضحايا‮ ‬‭ ‬للجهات‭ ‬القضائية‭ ‬لتحديد‭ ‬المسؤوليات‭ ‬في‭ ‬وفاتهم،‭ ‬فيما‭ ‬يتم‭ ‬حفظ‭ ‬أغلب‭ ‬الشكايات‭ ‬أو‭ ‬تبرئة‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬القتل‭ ‬العمد‭. ‬فمدينة‭ ‬الفنيدق‭ ‬مازالت‭ ‬تتذكر‭ ‬كيف‭ ‬لقي‭ ‬ابنها‭ ‬بلال‭ ‬أرجاز‭ ‬مصرعه بالجزيرة‭ ‬الخضراء،‮ ‬‭ ‬بست‭ ‬طلقات‭ ‬نارية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬ماي‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2008‭. ‬رفعت‮ ‬‭ ‬أسرة‭ ‬الشاب‭ ‬دعوى‭ ‬قضائية‭ ‬ضد‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬بتهمة‭ ‬القتل،‭ ‬معززة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬‮ ‬إفادات‭ ‬الشهود،‭ ‬لتفاجأ‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬بعدها،‭ ‬بسحب‮ ‬‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬الإسبانية‮ ‬‭ ‬الدعوى‭ ‬المقدمة‭ ‬ضد‭ ‬عنصر‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قيد‭ ‬المحاكمة‭ ‬بتهمة‭ ‬قتل‭ ‬بلال‭. ‬فقد‭ ‬أصدرت‭ ‬‮ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬قرارها‭ ‬بعدم‭ ‬متابعة‭ ‬عنصر‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني‭ ‬بتهمة‭ ‬القتل‭ ‬أو‭ ‬التسبب‭ ‬فيه،‭ ‬بمبرر‮ ‬‭ ‬أن‭ ‬السائق‭ ‬عرض‭ ‬نفسه‭ ‬للخطر،‭ ‬وعدم‭ ‬الامتثال‭ ‬لأوامر‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني،‮ ‬خلال‭ ‬سياقته‭ ‬سيارته‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬‮«‬سياط‭ ‬ليون‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‮ ‬‭ ‬طالب‭ ‬فيه‭ ‬دفاع‭ ‬الضحية رامون‭ ‬كارتيرا،‭ ‬بمتابعته‭ ‬بتهمة‭ ‬القتل‭ ‬غير‭ ‬العمد،‭ ‬مطالبا‭ ‬بالحكم‭ ‬عليه‭ ‬بأربع‭ ‬سنوات‭ ‬حبسا‭ ‬وتعويض‭ ‬عائلة‭ ‬الضحية‭ ‬المغربي‭ ‬بمبلغ‭ ‬مالي‭ ‬قدره‮  ‬482000‮ ‬أورو‭.‬

‮ ‬مازالت‭ ‬عائلة‭ ‬بلال‭ ‬لحد‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تستسغ‭ ‬قرار‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬فعائلة‭ ‬الضحية‮ ‬‭ ‬نفت‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬سابق‭ ‬مع‭ ‬الجريدة‭ ‬‮ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ابنها‭ ‬بلال‭ ‬حاول‭ ‬‮«‬اختراق‭ ‬حاجز‭ ‬أمني‮»‬‭ ‬كما‭ ‬زعمت‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية،‭ ‬أو‭ ‬كونه‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬وذا‭ ‬سوابق‭ ‬قضائية‭. ‬‮«‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تأتى‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭ ‬بهذه‭ ‬المعلومات؟‭ ‬بلال‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬سليم‭ ‬وسجله‭ ‬القضائي‭ ‬ناصع‭ ‬البياض‮»‬،‭ ‬تقول‭ ‬أسرته‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬دواعي‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬راكبي‭ ‬السيارة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬والخبراء‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬أي‭ ‬قطعة‭ ‬سلاح‭ ‬معهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أحد‮ ‬‭ ‬ركاب‭ ‬السيارة‭ ‬الثلاثة‭ ‬له‭ ‬جنسية‭ ‬إسبانية،‭ ‬ويشتغل‭ ‬بنفس‭ ‬الميناء،‭ ‬وهو‭ ‬شخص‭ ‬معروف‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬العناصر‭ ‬الأمنية،‮ ‬‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬أسئلة‭ ‬الأسرة‭ ‬بأجوبة‭ ‬تشفي‭ ‬غليلها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬معاقبة‭ ‬المعتدين‭.‬

نفس‭ ‬الأمر‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬مغربي‭ ‬آخر‭ ‬سنة‭ ‬2003،‭ ‬حين‭ ‬اخترق‭ ‬رصاص‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني‭ ‬رأس‭ ‬جندي‭ ‬مغربي‭ ‬متقاعد‭ ‬كان‭ ‬يدعى‭ ‬مصطفى‭ ‬لحرش‭. ‬كان‭ ‬الضحية‮ ‬لحرش،‭ ‬وهو‭ ‬جندي‭ ‬متقاعد‭ ‬وأب‭ ‬لخمسة‭ ‬أبناء،‭ ‬‮ ‬يمارس‭ ‬‮«‬التهريب‭ ‬المعيشي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬تهريب‭ ‬سلع‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬سبتة‭ ‬وإعادة‭ ‬بيعها‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬أو‭ ‬حمل‭ ‬سلع‭ ‬لمهربين‭ ‬كبار‭ ‬مقابل‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭.‬‮ ‬‭ ‬وفي‮ ‬‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2003،‮ ‬‭ ‬على‭ ‬الساعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬والنصف‭ ‬صباحا،‭ ‬سيطلق‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬لحرش،‭ ‬ليلقى‭ ‬حتفه‮ ‬‭ ‬فورا‭. ‬تصدر‭ ‬خبر‭ ‬الوفاة‭ ‬معظم‭ ‬نشرات‭ ‬الأخبار‭ ‬الإسبانية،‭ ‬وأوفدت‮ ‬‭ ‬حكومة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق،‭ ‬خوسي‭ ‬ماريا‭ ‬أثنار،‭ ‬لجنة‭ ‬تضم‭ ‬مسؤولين‭ ‬مدنيين‭ ‬وعسكريين‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬حلت‭ ‬بمدينة‭ ‬سبتة‭ ‬للتحقيق‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬طي‭ ‬الملف‭ ‬وعدم‭ ‬متابعة‭ ‬أي‭ ‬شرطي،‭ ‬حيث‭ ‬اكتفى‭ ‬بلاغ‭ ‬حكومي‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬القتل‭ ‬غير‭ ‬متعمد‮»‬‭.‬‮ ‬‭ ‬وتوقع‭ ‬المراقبون‭ ‬الإسبان‭ ‬والمغاربة‭ ‬‮ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬الحادث‭ ‬بظلاله‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬ومدريد،‭ ‬لكن‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭.‬

‮ ‬ويستغرب‭ ‬حقوقيون‭ ‬إسبان‭ ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬طي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‮ ‬‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬معاقبة‭ ‬المعتدين،‭ ‬فيما‭ ‬يستشهد‭ ‬محام‭ ‬من‭ ‬سبتة‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬مع‭ ‬الجريدة،‭ ‬بقضية المهاجر‭ ‬المغربي‭ ‬مصطفى‭ ‬حجاج‭ (‬24‭ ‬عاما‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬وهو‭ ‬رهن‭ ‬التوقيف‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬للحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني‭ ‬بمدينة‭ ‬سبتة‭. ‬فالحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني‭ ‬ادعى‭ ‬أنه‭ ‬انتحر‭ ‬شنقا،‭ ‬بينما‭ ‬أصرت‭ ‬عائلة‭ ‬الضحية‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬قتل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أفراد‭ ‬الحرس‭. ‬ويقول‭ ‬المحامي‭ ‬إن‭ ‬مغاربة‭ ‬سبتة‭ ‬المنضوين‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬الجمعيات‭ ‬الحقوقية‭ ‬شكلوا‭ ‬لجنة‭ ‬مراقبة‭ ‬يرابط‭ ‬أعضاؤها‭ ‬في‭ ‬المقبرة‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬دفن‭ ‬جثمان‭ ‬الضحية‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬القاضية‭ ‬الإسبانية‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬إجراء‭ ‬تحقيق‭ ‬يراعي‭ ‬نتائج‭ ‬التشريح‭ ‬المضاد،‭ ‬الذي‭ ‬أظهر‭ ‬أنه‭ ‬قتل‭ ‬بضربات‭ ‬آلة‭ ‬حادة‭ ‬تسببت‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬نزيف‭ ‬داخلي‭.‬

وكشفت‭ ‬حينها‭ ‬‮ ‬نتائج‭ ‬التشريح‭ ‬‮ ‬الطبي‭ ‬المضاد‭ (‬الثاني‭) ‬الذي‭ ‬أنجزته‭ ‬عائلة‭ ‬الضحية،‭ ‬أن‭ ‬الوفاة‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬ضرب‭ ‬تلقاه‭ ‬الضحية‭ ‬بواسطة‭ ‬آلة‭ ‬حادة‭ ‬أصابته‭ ‬في‭ ‬الرأس‭ ‬والصدر‭ ‬والقدمين‭ ‬وأجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الجسم،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬نزيف‭ ‬داخلي‮»‬‭. ‬كما‭ ‬انتقد‭ ‬محامي‭ ‬الأسرة‭ ‬موقف‭ ‬القاضية‭ ‬الإسبانية‭ ‬التي‭ ‬نظرت‭ ‬في‭ ‬القضية،‭ ‬عند‭ ‬رفضها‭ ‬استدعاء‭ ‬الشهود،‭ ‬لكونه‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬إجراءات‭ ‬البحث‭ ‬النزيه‭ ‬في‭ ‬التهم‭ ‬الموجهة‭ ‬لجهاز‭ ‬الحرس‭ ‬المدني،‭ ‬ليتم‭ ‬طي‭ ‬الملف‮ ‬‭ ‬دون‮ ‬‭ ‬معاقبة‭ ‬أي‭ ‬طرف‭.‬

‭ ‬اعتداء وبطش‭ ‬حدودي

لا‭ ‬تتوقف‭ ‬آلة‭ ‬البطش‭ ‬والتعنيف‭ ‬اللذان‭ ‬يطالان‭ ‬شبابا‭ ‬ونساء‭ ‬يتحدرون‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬تطوان‭. ‬يكفي‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يتوجه‭ ‬فجر‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬معبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة‭ ‬ليعاين‭ ‬المعاملة‭ ‬المهينة‭ ‬والسب‭ ‬والضرب‭ ‬الذي‭ ‬يطال‭ ‬المغاربة،‭ ‬سواء‮ ‬‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬المغربي‭ ‬أو‭ ‬الإسباني،‭ ‬فهراوات‭ ‬الإسبان‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‮ ‬‭ ‬عن‭ ‬ضرب‭ ‬شباب‭ ‬ونساء‭ ‬وكهول‭ ‬ساقتهم‭ ‬الأقدار‭ ‬إلى‭ ‬تعاطي‭ ‬حمل‭ ‬رزم‭ ‬السلع‭ ‬أو‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬التهريب‭ ‬المعيشي‭.‬

‭ ‬عديدة‭ ‬هي‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬وقفنا‭ ‬عليها،‭ ‬وشهادات‭ ‬مصادق‭ ‬عليها‭ ‬تم‭ ‬تحريرها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬العديد‭ ‬‮ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجسدية،‭ ‬التي‭ ‬تعرضوا‭ ‬لها‭ ‬بمعبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الأمن‭ ‬الإسباني‭ ‬أو‭ ‬المغربي‭.‬‮ ‬‭ ‬فخلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬ارتفعت‭ ‬وتيرة‭ ‬الاعتداءات‭ ‬بشكل‭ ‬ملفت‭ ‬وخطير‭. ‬فسجل‮ ‬‭ ‬المعبر‭ ‬حافل‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الحالات،‭ ‬بعض‭ ‬منها‭ ‬تتوفر‭ ‬الجريدة‭ ‬على‭ ‬نسخ‭ ‬منه،‮ ‬‭ ‬كحالة‭ (‬عبد‭ ‬السلام‭. ‬ح‭)‬،‭ ‬المزداد‭ ‬سنة‭ ‬1946،‭ ‬والذي‭ ‬تعرض‭ ‬لاعتداء‭ ‬جسدي‭ ‬بمعبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬رجل‭ ‬أمن‭ ‬مغربي‭. ‬ويسرد‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬حكايته‭ ‬حول‭ ‬تعرضه‭ ‬للضرب‭ ‬والجرح،‮ ‬‭ ‬كيف‭ ‬تعرض‭ ‬لاعتداء‭ ‬جسدي‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬رجل‭ ‬أمن‭ ‬بمعبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة،‮ ‬‭ ‬يوم‭ ‬28‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬صباحا‭. ‬كان‮ ‬‭ ‬الشرطي،‭ ‬حسب‭ ‬شكاية‭ ‬عبد‭ ‬السلام،‭ ‬يحمل‭ ‬سوطا،‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬سلك‭ ‬كهربائي،‭ ‬انهال‭ ‬به‭ ‬عليه‭ ‬ليصيبه‭ ‬بأضرار‭ ‬بليغة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأذن،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬إصابته‭ ‬بعجز‭ ‬صحي‭ ‬لمدة‭ ‬13‭ ‬يوما‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الشهر،‭ ‬سيتعرض‭ ‬مغربي‭ ‬آخر‭ ‬لاعتداءات‭ ‬جسدية‭ ‬مماثلة،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جمركي‭ ‬مغربي‭ ‬بمعبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة‭. ‬يحكي‭ (‬جمال‭ .‬ب‭)‬،‭ ‬البالغ‮ ‬‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬41‭ ‬سنة،‭ ‬والقاطن‮ ‬‭ ‬بحي‭ ‬المرجة‮ ‬‭ ‬بمدينة‭ ‬الفنيدق،‮ ‬‭ ‬كيف‭ ‬حجز‭ ‬منه‭ ‬الجمركي‭ ‬بعض‭ ‬الأغطية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يشبعه‭ ‬ضربا‭. ‬وحرر‮ ‬‭ ‬بدوره،‭ ‬وهو‭ ‬أب‭ ‬لخمسة‭ ‬أبناء،‮ ‬‭ ‬شكاية‭ ‬تمت‭ ‬المصادقة‭ ‬عليها‭ ‬بمصلحة‭ ‬إثبات‭ ‬الإمضاء‭ ‬ببلدية‭ ‬المدينة،‮ ‬‭ ‬يطالب‭ ‬فيها‭ ‬بإنصافه،‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المعتدي‭. ‬ويقول‭ ‬فاعل‭ ‬جمعوي‭ ‬بمدينة‭ ‬الفنيدق،‭ ‬إن‭ ‬أغلبية‭ ‬ضحايا‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجسدية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬أو‭ ‬الجمارك،‭ ‬يتراجعون‭ ‬إلى‭ ‬الخلف‭ ‬بعد‭ ‬تحرير‭ ‬شكاياتهم،‭ ‬ولا‭ ‬يوجهونها‭ ‬إلى‭ ‬النيابة‭ ‬العامة،‭ ‬بسبب‭ ‬تعرضهم‭ ‬لضغوطات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين،‭ ‬أو‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الانتقام‭ ‬منهم‭ ‬بعدها‭ ‬بمعبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة،‭ ‬وحجز‮ ‬‭ ‬رزم‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬يحملونها،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬مورد‭ ‬رزقهم‭ ‬الوحيد‭. ‬ويستشهد‭ ‬بحالة‭ ‬امرأة‭ ‬تدعى‭ ‬لبنى،‭ ‬تعرضت‭ ‬لاعتداء‭ ‬جسدي‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬شرطي‭ ‬بالمعبر‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬آزرتها‭ ‬جمعية‭ ‬مدنية‭ ‬بمدينة‭ ‬الفنيدق،‭ ‬وحررت‭ ‬شكاية‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيداعها‭ ‬لدى‭ ‬النيابة‭ ‬العامة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬التراجع‭.‬‮ ‬فالعشرات‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬يتحملون‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬السب‭ ‬والإهانة‭ ‬والضرب،‮ ‬‭ ‬وبشكل‭ ‬شبه‮ ‬‭ ‬يومي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يجرؤوا‭ ‬على‮ ‬‭ ‬الاحتجاج،‮ ‬‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬تقديم‭ ‬شكاية‭ ‬رسمية،‭ ‬سيكون‭ ‬نهاية‭ ‬حتمية‭ ‬لكسب‭ ‬قوت‭ ‬يومهم‭ ‬من‭ ‬معبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة‭.‬

حكرة‭ ‬وإهانات‭ ‬وإحراق‭ ‬للذات

في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬6‭ ‬شتنبر‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬خرج‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬مدينة‭ ‬تطوان‭ ‬لتشييع‭ ‬جنازة‭ ‬الشاب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬الشيخ،‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‮ ‬23‮ ‬سنة‭. ‬وفاة‭ ‬الضحية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عادية،‭ ‬حيث‭ ‬لفظ‭ ‬الشاب‭ ‬أنفاسه‭ ‬بعدما‭ ‬أضرم‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬جسده‭ ‬بمعبر‭ ‬‮«‬باب‭ ‬سبتة‮»‬‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬تعسفات‭ ‬بعض‭ ‬رجال‭ ‬الجمارك‭. ‬تحولت‭ ‬مراسيم‭ ‬تشييع‭ ‬الجنازة‭ ‬إلى‭ ‬مسيرة‭ ‬شعبية‭ ‬غاضبة‭ ‬نحو‭ ‬مقر مديرية‭ ‬الجمارك‭ ‬بتطوان،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬استنفار‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية،‭ ‬التي‭ ‬سارعت‭ ‬إلى‭ ‬‮ ‬تطويق‭ ‬المقر بحاجزين‭ ‬أمنيين‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬العناصر‭ ‬الأمنية‭ ‬بلباس‭ ‬مدني‭ ‬‮ ‬وفرق‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬اقتحامهم‭ ‬لها‭. ‬عمت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬العارم‭ ‬مشيعي‭ ‬جنازة‭ ‬الهالك‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬الشيخ،‭ ‬‮ ‬بعدما‭ ‬رفض‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمنيون‭ ‬السماح‭ ‬لهم‭ ‬بالاحتجاج‮ ‬‭ ‬قبالة‭ ‬إقامة‭ ‬أحد‭ ‬عناصر‭ ‬الجمارك‭ ‬بالحي‭ ‬الإداري،‭ ‬الذي‭ ‬يتهمونه‭ ‬بحجز‭ ‬سيارة‭ ‬الهالك‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬متنها،‭ ‬حيث‭ ‬اكتفوا‭ ‬برفع‭ ‬شعارات‭ ‬قوية‭ ‬ضده‭ ‬واصفين‭ ‬إياه‭ ‬بـ‭ ‬‮« ‬المسؤول‭ ‬المباشر‭ ‬وراء‭ ‬دفع‭ ‬الشاب‭ ‬إلى‭ ‬إضرام‭ ‬النار‭ ‬في‮ ‬ذاته‮»‬،‮ ‬وضد‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الجمركيين‭ ‬بمعبر‭ ‬باب‭ ‬سبتة،‭ ‬فيما‭ ‬رفع‭ ‬آخر‭ ‬لافتة‭ ‬كبيرة‭ ‬كتب‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬اللي‭ ‬عندو‭ ‬الدرهم‭ ‬يفوت‭ ‬واللي‭ ‬ما‭ ‬عندوش‭ ‬يموت‮»‬،‭ ‬واصفين‭ ‬ما‭ ‬يجري‮ ‬‭ ‬بالنقطة‭ ‬الحدودية‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الفساد‭ ‬والرشوة‭ ‬والحكرة‭ ‬والظلم‮»‬‭.‬‮ ‬

 

تحولت‭ ‬مراسيم‭ ‬التشييع‭ ‬إلى‭ ‬جنازة‭ ‬لإدانة‭ ‬الإهانة‭ ‬والظلم،‭ ‬والاعتداءات‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬ممتهني‭ ‬حمل‭ ‬البضائع‭ ‬المهربة‭ ‬من‭ ‬سبتة‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬كما‭ ‬طالب‭ ‬آخرون‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية بالحد‭ ‬من‭ ‬اعتبار‭ ‬تطوان‭ ‬وشبابها‭ ‬المعطل‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬المغرب‭ ‬غير‭ ‬النافع‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬ضرورة‭ ‬إحداث‭ ‬معامل‭ ‬ووحدات صناعية‭ ‬تنتشلهم‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬والتعاطي‭ ‬للتهريب‭ ‬المعيشي‭ ‬بباب سبتة،‮ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سد‭ ‬رمقهم‭ ‬وإعالة‭ ‬أسرهم،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬المدينة‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مركبات‭ ‬صناعية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬بقية‭ ‬المدن‭ ‬المغربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعرضهم‭ ‬للإهانة‭ ‬اليومية‭ ‬والعنف‭ ‬و»الحكرة‮»‬‭ ‬والضرب‭ ‬بالمعبر‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬البديل‭ ‬الوحيد‭ ‬لعيشهم‭.‬‮ ‬

جمال وهبي

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.