https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

لمياء تشكيلية من تطوان تتحدى إعاقتها الحركية وتبدع لوحات آسرة تثير الاعجاب

كتال تطوان / و م ع  ـ عبد العزيز حيون

تشق لمياء الخمليشي ابنة 31 سنة طريقها بحنكة واقتدار في عالم الفن التشكيلي، ولم تمنعها إعاقتها الحركية في أن تتفنن وتبدع لوحات آسرة وجميلة تثير إعجاب المتلقي، حتى وإن كان لا يلم بعوالم التشكيل.

ورغم أن لوحات الفنانة التشكيلية لمياء الخمليشي ترقى الى مستوى جدير بالاهتمام والمتابعة، فهي لا تعتبر نفسها تشكيلية بالمفهوم الأكاديمي للكلمة، بل ترى أنها بإبداعها الفني تحاول، عبر الفرشاة والألوان، التعبير عن ما تختلج دواخلها من أحاسيس تارة مفرحة وتارة محزنة، وهي كلها أمل في أن توصل شعورها الى محيطها الاجتماعي وتتلقف ليس العطف لكونها من ذوي الاحتياجات الخاصة بل تتطلع الى دعم موهبتها التي تزداد نضجا مع مرور الوقت.

ولا تخفي لمياء الخمليشي شوقها وتطلعها الى أن تبلغ ذلك اليوم الذي تصبح فيه إبداعاتها التشكيلية محط انبهار وتقدير من طرف المجتمع، وترسم بذلك طريقا للمجد في عالم الفن التشكيلي ليس من منطلق ذاتي أناني، كما تقول، وإنما لكي تبلغ رسالتها الى العالم مفادها أن الشخص ورغم إعاقته يمكن أن يبدع ويفجر طاقاته إسوة بباقي الأشخاص الذين يحملون نفس الاهتمام ونفس القدرات.

ورغم طول مسارها الفني، الذي انطلق في سن 12 سنة بدعم من أسرتها وأطر جمعية حنان، إلا أنها بقيت بعيدة عن أضواء الشهرة، واعتبرت أن ذلك لا يحبطها بتاتا أو يجعلها تتخلى عن حبها للفن، بل يشكل لها حافزا يوميا لصبر أغوار الإبداع التشكيلي، حتى تجد لها مكانا في الوسط الفني المحلي والوطني عن جدارة واستحقاق.

ويعكس هذا الأمل الرمز الذي تتبناه في لوحاتها التشكيلية، وهو عبارة عن “حمامة بيضاء “تخترق كل رسوماتها التي تختلف زوايا معالجتها، إلا أنها تلتقي في حب الطبيعة الخضراء والسماء الزرقاء واصفرار الشمس الساطعة ولعب الأطفال الصغار.

وتقول لمياء الخمليشي، التي لا تحرك أناملها إلا لماما، موضحة ان كل لوحة على حدة مما أبدعته على مدى نحو 20 سنة باختلاف موضوعاتها وألوانها بين الزاهية والقاتمة  وأحجامها وأشكالها، هي بمثابة المنارة التي تعكس عوالمها الداخلية التي تتأرجح بين الفرحة والحزن والسرور والمرارة، وهي أحاسيس لا تخصها وحدها وإنما هي تعبير وإيحاء عن عالم الشخص المعاق ومعيشه اليومي ونظرته الى المستقبل والآفاق التي لا يمكن أن تحدها أية عوائق.

وترفض لمياء أن يؤطر فنها التشكليي في خانة “الفن الاعتباطي ” معتبرة أن فنها “فن فطري” و” تعبير صادق عن دوافنها الخاصة” و لا يحتاج الى دراية خاصة بالفن التشكيلي لاستنباط تعابيره الجمالية، وتفضل ان تسميه “الفن الروحي ” لانه يحمل بين طياته إرادة الشخص المعاق وعزيمته وقدرته على تخطي العوائق والصعوبات، وهو كذلك “فن واقعي” له دلالات واضحة فيه انسجام بين الظاهر والمستتر.

وتؤكد لمياء الخمليشي أنها لا تسعى من خلال فنها الى استجداء الآخر وإنما تسعى الى الاعتراف المعنوي والتقدير، داعية فناني تطوان الى الالتفاتة الى مواهب الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وتخصيص حيز مكاني لهم  في مختلف المعارض والأروقة، حتى يطلع المجتمع على هذا الابداع الذي يمكن أن يشكل مرجعا للأجيال القادمة ونموذجا حيا لمجتمع يضمن تكافؤ فرص كل مكوناته.

وتتطلع لمياء الى جعل مرسمها الكائن بمركز جمعية حنان بتطوان ورشة مفتوحة لصقل مواهب اطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وتلقينهم أبجديات الفن التشكيلي انطلاقا من معرفتها العميقة بعالم المعنيين، ورغبتها في جعل هذا الفن وسيلة أساسية لتلقين المعارف لدى الشخص المعاق حركيا وذهنيا وإبراز قدراتهم على التعبير وتبليغ أحاسيسهم.

وتعتبر لمياء الخمليشي أن سعادتها لا توصف حين ترى في عين المتلقي الإعجاب بلوحاتها ويزيدها ذلك إيمانا بقدراتها وإصارار على المضي قدما في مسارها الفني حتى تتبوأ موقعا خاصا في عالم الفن التشكيلي المغربي إسوة بفناني تطوان احمد بن يسف وعبد الكريم الوزاني وبوزيد بوعبيد والمكي امغارة والعلمي البرتولي وسعد بن سفاج.

ولا تخفي لمياء عزيمتها وإرادتها من أن تبلغ يوما ما مجد التألق حتى يكون اسمها اسما بارزا في فضاء مدرسة تطوان التشكيلية وتصبر أغوار عالم الفن ،الذي لا يعترف إلا بالمجتهد والمجد والطموح والمحب للمعرفة والتعلم ،وهي خاصيات بارزة في شخصيتها التي لم تزدها الأيام إلا قوة وثباتا.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.