https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

الدكتور “محمد الكتاني” يحاضر في موضوع “مستقبل الدراسات الإسلامية بالجامعة”

كنال تطوان / متابعة: د. يوسف الحزيمري

بمناسبة مرور خمسين سنة على تأسيسها استضافت جامعة القرويين كلية أصول الدين بتطوان في إطار أنشطتها العلمية والثقافية الدكتور “محمد الكتاني” المكلف بمهمة بالديوان الملكي وعضو أكاديمية المملكة المغربية لإلقاء محاضرة في موضوع: “مستقبل الدراسات الإسلامية بالجامعة” وذلك يوم الإثنين 28 محرم 1425هـ موافق 02 دجنبر 2013م.

افتتح عميد كلية أصول الدين الدكتور محمد الفقير التمساني اللقاء بكلمة ترحيبية بالمحاضر والحاضرين، شاكرا للمحاضر مشاركته للكلية في احتفاليتها بالذكرى الخمسين لتأسيسها من خلال نوعية المحاضرة التي سيلقيها “مستقبل الدراسات الإسلامية بالجامعة”، وانطلاقا من خصوصية الحدث عرض العميد لإنجازات جامعة القرويين برئاسة الدكتور محمد الروكي، وعلى رأسها الاتفاق الذي تم توقيعه بين جامعة القرويين ووزارة التربية بالبحرين قصد إنشاء فرع لكلية أصول الدين بالبحرين، بعدها قدم ورقة تعريفية بالمحاضر ليفسح له المجال لإلقاء محاضرته.

بدأ الدكتور محمد الكتاني حديثه بتقديم الشكر لرئيس جامعة القرويين، ولعميد كلية أصول الدين بتطوان، بعدها قام بسرد جملة من ذكرياته في العمادة بمدينة تطوان وعلاقته بكلية أصول الدين، ثم ذكر أن محاضرته موجهة بالخصوص إلى الشباب الذين يتساءلون ما الذي يمكن أن يقدموه لمستقبل الدراسات الإسلامية بالجامعة؛ في زمن اشتغل فيه المدرسون بالكلية بالتكوين؟.

ثم قال: إننا إذا نظرنا إلى الحياة العقلية لكل أمة، نجد ترابط الواقع العلمي والثقافي بالواقع التاريخي، وأن الفكر الذي لا يتصل بالواقع ولا يواكب النظر التاريخي لا يكتب له البقاء، وإذا نظرنا إلى حضارتنا الإسلامية نجد التأثر والتأثير بين الفكر والواقع والتاريخ في جدلية دائمة.

ثم أردف المحاضر بالقول:  إن الفكر الإسلامي في المرحلة الاستعمارية وجد نفسه أمام واقع جديد يملي عليه أفكارا جديدة، من حضارة غربية لم نذهب نحن للإقتباس منها، بل فرضت علينا فرضا وإكراها عبر الاستعمار.

هنا واجهه الفكر الإسلامي تحديا إما الانسجام والملاءمة مع هذه الحضارة، وأخذ ما يفيد منها، أو أن يقبل بالاندحار والزوال. وأمام هذا التحدي وجد الفكر الإسلامي نفسه أمام مطالب يتوجب عليه تحقيقها، وهي:

–  المطلب الأول: إحياء التراث الإسلامي والعودة إليه، أدبا ولغة وتفسيرا وفقها….إلخ، ويؤكد الدكتور المحاضر في هذا الصدد بأن المغرب ظل على تواصل مع تراثه بالمقارنة بالمشرق.

–  والمطلب الثاني: الدفاع عن العقيدة الإسلامية وإحياء علم الكلام بإزاء ما يواجهه العالم الإسلامي من غزو عقدي.

– والمطلب الثالث: الدعوة إلى الاصلاح الاجتماعي والسياسي للواقع المر الذي تعيشه أمة الإسلام.

في هذا السياق – يقول المحاضر – أقبل الناس على التعليم، وفتحوا المدارس والجامعات، قصد تجديد آليات التطور والتقدم، وبناء ذلك على أساس العلم، إذ هو السبيل الوحيد للخروج من التخلف.

وبالرغم من هذا التوجه الذي راكمه الفكر الإسلامي على جميع مستوياته، إلا أن الأمة ظلت متخلفة، وظلت تنظر إلى الغرب على أن اللحاق به في ظل سرعته الفائقة في التطور أمر صعب المنال.

إن اتصالنا بالغرب كما – يقول الدكتور المحاضر- خلق فينا نوعا من الارتباك، حيث توجه البعض إلى دراسة العلم الحديث ونسي تراثه، باعتباره مخرجا إلى التقدم والخروج من حالة التخلف، وبقي البعض الآخر محافظا على التعليم العتيق ومتواصلا مع تراثه، فنتج من هذا توجهان: توجه العلم الحديث، وتوجه العلم العتيق، أو ما يسمى بالتوجه التقدمي، والتوجه الرجعي بحسب تعبيرهم، ونشأ بين هذا التوجهان صراع خلق ارتباكا في المسار الاجتماعي والديني والسياسي.

إن هذا الانقسام حسب المحاضر ما زال  مستمرا إلى اليوم في صور متعددة، وسيظل ما لم نوفق بين العقل والنقل، هذا التوفيق الذي ينبغي أن يكون مؤسسا على أسس علمية متينة.

والمغرب وجامعته لم تكن بمعزل عن التأثر  بالصراع الحاصل بين هذين التوجهين، في هذا السياق تم إنشاء شعبة الدراسات الإسلامية سنة 1978 لتقابل في رأي السلطة العليا تيارات الشعب الفلسفية، لخلق توازن داخل الجامعة.

ومن ثم حققت الدراسات الإسلامية منذ تأسيسها مزيدا من التواصل مع التراث في شتى مجالاته، وظهرت فيها محاولات عديدة للمقارنة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي، لكن هذه المحاولات الدراسية ظلت حسب الدكتور سطحية وغير عميقة.

ويواصل الدكتور محمد الكتاني حديثه بالقول أنه: اليوم المفروض لا أن نحقق التراث فحسب، بل أن ننتقل إلى مرحلة الاستعياب والاجتهاد…لخلق مضامين فكرية جديدة توافق العصر، ويتساءل بهذا الخصوص، كيف يمكن للفكر أن يصنع مضامين جديدة؟

يجيب قائلا: في نظري و تجربتي الشخصية  أننا كلما قرأنا الثقافة الغربية بتمعن ،كلما تنبهنا إلى المواطن التي ينبغي البحث فيها في تراثنا، وهنا يسوق مثالا من تجربته في البحث في منظومة القيم في الإسلام، وكيف أنها تشكل منظومة قيمية متكاملة  تتفاعل فيما بينها لتخلق الفاعلية والتجديد، وكيف أنها تترابط فيما بينها عبر سلالم للقيم، وقد توصل في بحثه هذا أن قيمة الحق هي التي تولد كل القيم.

وهنا يوجه المحاضر الخطاب إلى الشباب الطلبة بضرورة العودة إلى التراث لا ليخبروه فقط، بل ليستوعبوه ويتدبروه من أجل خلق مضامين فكرية جديدة، لأن العلوم النظرية الآن أصبحت تتوارى وترجع إلى الوراء، وأن كلية الآداب تعرف تراجعا، ويذكر المحاضر في هذا المقام بملتقى رؤساء الشعب الإسلامية حول موضوع: أي مستقبل للدراسات الإسلامية؟ سنة 2007م، وأن ما خلص إليه الملتقى هو أن الدراسات الإسلامية تسير إلى طريق مسدود.

ويتسائل المحاضر؛ كيف نخرج الدراسات الإسلامية من هذا الطريق المسدود؟

والجواب كان عبر مقترحاته الآتية:

– ضرورة تصحيح نظرتنا إلى متطلبات الإنسان وحاجياته، فحصر الإنسان في حاجاته المادية عند الغرب مما ينبغي أن لا ننساق إليه، ومهمتنا أن نعلن ونتحدى أن الإنسان في منظورنا مادة وروح، ومهمة فكرنا الإسلامي الرد على الوضع الغربي وتصحيحه.

وفي عملية التصحيح هذه سيجد العالم الإسلامي حسب المحاضر مجالا رحبا في العلوم الإنسانية، لتزويد الإنسان المسلم بالعتاد الروحي والفكري لمقاومة التحديات (شيوع الإلحاد، الأوبئة النفسية،…) وتحمل المسؤولية الكونية (=أمانة الاستخلاف).

والعمل هنا ينبغي أن يكون مشتركا بين مؤسسات الدولة والمجتمع، للحفاظ على الهوية والشخصية المسلمة وبنائها على القيم.

– ضرورة تحقيق مزيد من التواصل بين التراث، بانتهاج الأسلوب العلمي الرصين وغربلته مما لم يعد يوفي بحاجيات العصر، أو ما يزيد في تعميق الهوة الفكرية، كالتراث الذي يعمق الجبرية والتواكل، فالمطلوب هو الدراسة والتواصل والغربلة.

– ضرورة ممارسة القراءة العلمية للتراث من منظور اجتهادي، وأن لا نكون مجرد إمعات أو منقادين أو مرددين، وكذا إعمال آلية الاجتهاد في قراءة الفكر الآخر الذي يهددنا.

– ضرورة تنقية صورة الإسلام مما أصابها من تشويه بالنسبة لحقائقه ومبادئه الكلية وأساسياته، وذلك بأسلوب علمي رصين، والعمل على ترجمته بلغة الآخر وإيصاله إليه، خصوصا أن هناك في الغرب من هو تواق إلى معرفة الصورة الحقيقية عن الإسلام.

– ضرورة إعداد دراسات إسلامية لتكون مادة للحوار بين الأديان والحضارات، إذ مسؤوليتنا ومن الأمانة الملقاة على عاتقنا، الدعوة لهذا الدين وإيصاله إلى كل بقاع العالم.

فتفعيل هذه الضرورات حسب المحاضر هو السبيل للخروج بالدراسات الإسلامية  من الطريق المسدود، وجعلها قادرة على تسنم الريادة في حل إشكاليتنا الحضارية.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.