https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

زوم على تحالفات العدالــة والتنمية

ضمن المحاور التي قد يكون حزب العدالة والتنمية يفتخر بها في “الكواليس”، قدرته على إخراج المؤسسة الحزبية من شبه العزلة التي كان يعيش تحت كنفها، لقد كان الحزب مدركا بكون جانب من العزلة التي يعاني منها، مردها، بنسبة كبيرة، إلى النظرة التي كانت توليها السلطة تجاهه، هذه الأخيرة يبدو أنها كانت قد رسمت مسبقا الإطار العام لتواجد الحزب في المشهد السياسي، يمكن اختزاله في حصر الحزب في لعب بعض الأدوار المحددة “لا أقل ولا أكثر”، من قبيل تأثيث الساحة السياسية، إعطاء نوع من التزكية للانتخابات التي تجرى في البلاد، إظهار أن الديمقراطية المغربية وكأنها تعرف مشاركة الجميع في نوع من “الاستثناء المخدوم”، إدماج جزء من الحركة الإسلامية في اللعبة السياسية…

للأجواء الخارجية نصيبها في ما كان يعيشه حزب المصباح من عــزلة، بالنظر لكون التيار الإسلامي كان يشكل عموما عنصر ممانعة لجزء من الاختيارات الدولية، تجلى ذلك بوضوح وعلى سبيل المثال فقط، إبان وقوف التيار الإسلامي وراء مجموع الحركات الاحتجاجية الرافضة للغزو الأمريكي للعراق، أو أثناء الأحداث الأليمة للحادي عشر من سبتمبر 2001 والخلط المتعمد الذي أبدته أمريكا في مواجهة كل ما يرمز إليه “اللون الإسلامي” من تيارات سواء كانت معتدلة أو متطرفة، بالإضافة إلى دور الإحراج الذي لعبته هذه الحركات تجاه أمريكا والغرب عموما في طريقة التعاطي غير العادل والذي يميل إلى “الكيل بمكيالين” في تدبير قضية العرب والمسلمين الأولى فلسطين، وو…

إذا كان لهذه العوامل بعض الأدوار الهامة في تقوية رصيد الحزب وازدياد شعبيته إلا أنها قد جعلت منه خصما عنيدا يستوجب وضع العراقيل أمامه حتى لا يقلب الطاولة، سيما وأنه كان يحمل مشروعا “غنيا بالشعارات” في تلكم الفترة ويفتقد للكثير من الواقعية كما أنه كان محتاجا إلى تطوير خطابه لاستيعاب عمق المقتضيات المرتبطة “بالدمقرطة والحقوق والحريات”، أكثر من ذلك فلقد كان الحزب يعتقد في قدرته على إنجاز التغيير والإصلاح لوحده من دون الحاجة إلى جزء كبير من الفرقاء السياسيين والذين كان يرى فيهم إما تيارات يسارية يختلف معهم في الأساس الإيديولوجي أو أحزابا إدارية تم صنعها لخدمة أجندة السلطة.

من جهة أخرى، ربما يكون حزب المصباح قد كان “محظوظا” من حيث مساهمة بعض العوامل الإضافية في دفعه للبقاء “والاستفادة من كرسي المعارضة”، فالأوضاع التي عرفتها الجارة الجزائر كان لها دور المنبه للمآل الذي يمكن أن يتجه إليه الوضع في المغرب لو “اكتسح” التيار الإسلامي، ولذلكم فقد التجأ الحزب إلى تقزيم حجم مشاركته في الانتخابات حتى يساهم “بطريقته” في بناء “وعدم الانقلاب” على الصرح الديمقراطي الهش داخل البلد، نفس الأمر ساهمت به الأحداث الأليمة للدار البيضاء في 16 ماي حين تم إعطاء “التعليمات” للحزب لكي يبقى في حدود غير مزعجة وأن ينحني للعاصفة كي لا يُقتلع من الأساس عبر تحميله المسؤولية المعنوية عما وقع.

مع الربيع العربي سيتغير الوضع بشكل كلي، سيصبح الحزب الإسلامي جزء من الحل بعد أن كان جزء من المشكلة، سيسعفه الوضع الجديد في استقطاب عدد من الحساسيات السياسية التي رأت فيه هذه المرة “حزب المرحلة”، والذي يتعين الاقتراب منه ما أمكن، وهو ما جعل هذه الأحزاب تضع جانبا جزء من خطاباتها السابقة تجاهه وصارت مستعدة “قبل أي وقت مضى” لتشكيل التحالف الحكومي معه مادامت صناديق الاقتراع قد أعطته الأولوية في ظل الدستور والأوضاع الجديدة.
عبر طريقة تدبيره للمرحلة وعدم الانجرار إن لم نقل “الانخداع” بالأجواء الساخنة التي عمت المنطقة العربية، جعلت الحزب يحافظ على رجله في الأرض، حتى أنه غالبا ما كان يُلام لكونه لم يمض بعيدا في تطبيق ما تسعفه إياه المقتضيات الواردة في الوثيقة الدستورية، عوضا عن ذلك فلقد اختار الحزب نوعا من “التواضع والواقعية” ومحاولة تعزيز أجواء الثقة بينه وبين دوائر القرار في البلد، نفس المنطق يمكن أن نسحبه على القرارات والخيارات التي تم الإقدام عليها والتي اعتبرت وكأنها تسير في خدمة الدولــة لكونها كانت قاسية وامتلك الحزب شجاعة تحمل تبعات كلفها الاجتماعية والشعبية، كعدم الركون إلى التوظيف عبر منطق الاحتجاج، أو إصلاح صندوق المقاصة، أو الطريقة المقترحة في معالجة ملف صندوق التقاعد..

مع “انتهــاء موسم الربيع”، وأساسا بفعل الانقلاب على الأوضاع خصوصا في مصر، سيجد الحزب الإسلامي نفسه وقد أسس “منطقا استثنائيا” مع الوضع هنا في المغرب، وهو ما أسعفه في الحفاظ على الحكومة سيما إبان خروج حزب الاستقلال منها وبقاء الحزب حائرا ينتظر صيغة التعامل معه، ليلتحق بالركب الحكومي أحد الأحزاب المعروفة بقربها من دوائر السلطة في إشارة إلى حزب الأحرار، وهو ما اعتبر عربون ومؤشر رضى عن الحزب من الأوساط التي تملك فن إدارة خيوط اللعبة بالبلد.

وربما أيضا بفعل الحصيلة “شبه الإيجابية” وبفعل احترام الميثاق المنسوج بين الأغلبية وبفعل ما أفرزته وتفرزه استطلاعات الرأي عن نوع من الرضى النسبي على الأداء العام للحكومة، فقد دفعت كل هذه العوامل، مجموع فرقاء الأغلبية لكي يتجهوا صوب تعزيز وتجديد الثقة في بعضهم البعض لدخول غمار معترك الانتخابات القادمة، وهو ما يعطي الانطباع بأن المقولات التي كانت مرتبطة بالأقطاب وبالإيديولوجيا التي سادت في فترة من الفترات في الوسط الحزبي المغربي قد انتفت “مؤقتا” لكي تفسح المجال لتحالف من نوع جديد يستند هذه المرة على منطق “لا تفريط في الفريق الذي يحرز النتائج “، مما يؤشر إلى أن كون التحالفات قد بدأت تتجه صوب البراغماتيا والواقعية السياسية وتأمين المصالح، وليس غريبا أن يتم تغليف ذلك أيضا مع الخطاب القائل بتأمين مصالح البلد واستكمال أوراش الإصلاح التي تمت مباشرتها.

بهذا التحالف إذن يكون حزب العدالة والتنمية قد أخرج نفسه من عنق الزجاجة وأوجد لنفسه حلفاء جدد، كما أنه قد تمكن من “تكسير” جبهة الحلفاء التقليديين كما هو حاصل مع الكتلة أو مع حلفاء الأحرار رغم قيمتهم وعيارهم كما هو الشأن مع الأصالة والمعاصرة، وعوض أن يشكل المصباح كما كان يجري في السابق، ذلك الحزب الذي تُرسم من وراء ظهره و ربما في “الخفاء” “استراتيجيات التحالف” إن لم نقل توزيع المناصب والكراسي اعتبارا لكونه كان يشكل الخصم العنيد الذي “من المفروض ويجب أن يهزم”، تمكنت سياسة الحزب هذه المرة من رمى الحجر في المكان المناسب، ومن يدري فقد يكون “في منطق الحزب” تحقيق واقع الانفراج ونوع من التطبيع لنفسه والقبول به كفاعل سياسي من داخل الساحة السياسية، أحد الإنجازات الهامة التي ما فتئ الحزب ُيراهن عليها مرحليا والتي قد لا تقل أهمية عن الحصيلة التي يظهر بأن الأستاذ بنكيران حريصا على تحقيقها ليستمر في قيادة الحكومة.

-باحث في المشهد السياسي

رأي واحد حول “زوم على تحالفات العدالــة والتنمية”

  1. نعم حزب العدالة والتنمية حزب قوي في غسل الاضمغة المواطنون البسطاء والكدب عليهم باستعمالهم باانهم حزب إسلامي وسط وهو بارع في النفاق

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.