https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

منير الحدادي … اتركوه يحقق حلمه !

كنال تطوان / فلاش – بقلم : إقبال إلهامي

مته في بورصة الكرة تناهز 35 مليون يورو، وقيمته في بورصة مسؤولينا الكرويين صفر في الوطنية. بهذا الفارق الصارخ تختزل النظرة إلى اللاعب الشاب منير الحدادي بين إسبانيا التي يحمل جنسيتها والمغرب الذي تسري دماؤه في عروقه. وهي نفس النظرة التي تجعل الفارق أيضا صارخا بين الكرتين المغربية والإسبانية.

فهذا اللاعب الذي أبهر عشاق الكرة المستديرة وتهافتت عليه أندية دولية بينها ريال مدريد وأرسنال وباريس سان جيرمان وبايرين ميونيخ ومانشستر سيتي الإنكليزي، ودول بينها قطر التي سعت إلى تجنيسه بأي ثمن، لا يعدو كونه خائنا للوطن في نظر القائمين على شأن كرة القدم المغربية. حيث لم يجد الناخب الوطني بادو الزاكي ما يرد به على رفض الحدادي دعوته للمشاركة مع المنتخب المغربي في نهائيات «كان» المغرب 2015 سوى القول إن الوطنية «مكتشراش»، أما فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم الذي يعدنا خيرا بتنظيم المغرب لكأس العالم 2026، فعلق ساخرا من الحدادي بالقول «نرجو ألا يكون مثل أولئك اللاعبين الذين قضوا 25 دقيقة في منتخب لم يسبق له أن ضم لاعبين لا يمتلكون أزيد من مائة مباراة «فرجليهم»!

ولا يعرف مصدر هذه الهجمة التخوينية ضد هذا اللاعب الذي لم يطرق بابه من قبل أي مسؤول لسؤاله حول ظروف نشأته في إسبانيا التي وصل إليها والده واسمه محمد الحدادي مهاجرا سريا وعمره 18 عاما بعدما ركب أحد قوارب الموت رفقة عشرين فردا منطلقا من سواحل قريبة من مدينته الفنيدق ليكمل سباحة إلى أن وصل للجزيرة الخضراء ليهيم في الشوارع بائعا متجولا، كما يفعل كل المهاجرين السريين الذين يجربون كل شيء سعيا وراء توفير لقمة العيش وسد الأفواه الجائعة التي تركوها وراءهم في المغرب .

هذه التفاصيل لم نكن لنطلع عليها كمغاربة لولا نجومية هذا اللاعب التي أماطت اللثام عن تاريخ والده الذي نجا من التشرد بعدما احترف الطبخ وتعرف على زوجته التي كانت تغسل الصحون في أحد المطاعم الإسبانية، ليرزقا بأربعة أطفال بينهم لاعب برشلونة الواعد الذي بلغ من العمر ثمانية عشر سنة، دون أن يأتيه مسؤول كروي مغربي يمد له يد العون.

ولولا شهرته ما كنا سمعنا عنه أبدا مثله مثل كثير من المهاجرين وأبنائهم الذين يعيشون ظروفا صعبة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تضرب أوروبا، بعضهم تشرد والبعض الآخر انتحر بعدما عادوا للمغرب حيث لم يستطيعوا مواجهة ضيق ذات اليد.

كنا سنفهم ردود فعل الزاكي ولقجع لو أن الرجلين سئلا عن منير الحدادي منذ بداياته الأولى، أما وقد صنع نفسه بنفسه فلا أحد يملك حق تخوينه من عدمه. ولو قلب الاثنان دفاتر التاريخ لوجدا أن الملك الحسن الثاني اتصل شخصيا بوالد نجم رياضي في المهجر وتمنى عليه إن كان بوسعه أن يفرض سلطة الأب على ابنه لإقناعه بحمل العلم الوطني. لكنه ترك له حرية الاختيار التي انتهت برد بالإيجاب.

منير الحدادي فتى يريد أن يحقق حلمه، فاتركوه يفعل ولا تعيقوا سيره. وأيا كانت المكانة التي سيصل إليها، فأي احتفاء به لا بد وأن يعيد أصوله المغربية وحتى العربية إلى واجهة التشريف. لكن الإمعان في تخوينه لن يزيد سوى في الشرخ الذي قد يكون نما مع ولادته خارج أرض الوطن.

وبدل الرد بعنف على رفضه الانضمام للمنتخب المغربي، كان على المسؤولين الكرويين البحث في خلفيات ذلك الرفض، خصوصا أنه ليس الأول من نوعه، فقد سبق الحدادي لاعبون بارزون آخرون رفضوا دعوات مماثلة.
لذلك من حق هذا اللاعب أن يفرح لأنه حقق حلمه.

طبعا كان المغاربة سيكونون سعداء برؤيته يحمل القميص الوطني، ويردد نشيد بلاده بعدما يكون تمرن على حفظه باللغة العربية التي لا يتقنها، لكن غيابه لا يعني تجريده من الوطنية، فلا يزال «الوطن غفورا رحيما» حتى في حق من اعتقلوا وعذبوا مغاربة في مخيمات تيندوف، فما بالك بهذا اللاعب الذي لم يفعل غير رفع اسم المغرب بأدائه المبهر حتى وإن لم يحمل القميص الوطني.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.