https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

ثلاثون ليلة و ليلة

 كنال تطوان / بقلم : الزهرة حمودان

 ثلاثون ليلة و ليلة

ثلاثية المرأة و الحب و الشعر

تبرعمت أيام شهر مارس ، ليالي مقمرة بيضاء ، تناثرت في سماواتها نيازك و شهب ، تومض بأسس وجود ، في صلبه تتعايش كينونة إنسانية ، متناغمة مع الكون. لمعت في فضائها نجوم سيارة ، راكمت في رحلتها ، معرفة إنسانية شدت وثاق كل من الرجل و المرأة بالعالم . و كواكب كرست تلك المعرفة، فاكتسبت بها الطاقة التي مكنتها من التحرر. استمدت وجودها الفعلي ، داخل الوجود العام للحياة بالفن و الإبداع ، و نحت قيم الجمال قناعة ، و سلوكا ، و ممارسة .

هل شهر مارس ، و هلت معه تباشير ولادة جديدة للعالم…رغم كل ما يسود هذا العالم من وحشية و دموية…و رغم كل ما أسبغ على شهور العام من ربيع كاذب…يظل شهر مارس متمسكا بحقيقة هويته الربيعية ، و بصك امتلاكه لفعل اللقاح و الإزهار والولادات المتجددة.

يقول الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا في آخر حوار له ، قبل رحيله سنة 2004 : ” إن تعلم فن العيش يعني النضج و التربية أيضا” .و في هذا الصد ، يمكن القول إن التجارب التي راكمتها الإنسانية ، سواء في مجال علاقة الرجل بالمرأة ، كنقطة انطلاق أولية للحياة البشرية ، أو في جانب التعليم و المعرفة ، و مستويات الأداء الأنثوي في المرافق العمومية خارج المطبخ و السرير، جعل شهر مارس هذه السنة ، يقبل علينا بحلة حداثية ، و بخطاب يتكلم لغة ، تقترب من لسان عصره . و هو تبلور حتمي ، لمجموعة من المفاهيم و العلاقات ، هي أساس استمرار الوجود الانساني فوق كوكب الأرض، من حيث كونها تمثل أعمدة ” فن العيش” ، كأسلوب راق للتعايش البشري، و تمظهر جلي لسمو الحضارة التي أنشأها الانسان. تلك الأعمدة التي هي نواة المجتمعات، كالأسرة و العلاقات المتشابكة التي تربط الرجل بالمرأة ، و بالتالي الآباء بالأبناء…و قد أضاف دريدا في نفس هذا السياق :” كل سنة هي درس بيداغوجي موجه لتكوين الأجيال.

و سنقتصر على رصد بعض من الثلاثين ليلة و ليلة لشهر مارس . مارس ذلك الحكواتي المجسد لقصص الولادات الجديدة ، و ملاحم التواجد بلقاحات الحب ، و مزامير تشدو بها الحياة للجمال . ليال من شهر مارس ، صدحت بحكي أيام لها صيرورتها التاريخية ، و مساراتها النضالية ، و مسوغاتها الإنسانية ، كاليوم العالمي للمرأة ، و اليوم العالمي للأم ، و اليوم العالمي للأسرة ، و اليوم العالمي للشعر ، و هي أيام لا تنفك عن ” الأنثى” ، في شتى مواقعها ، و علاقاتها ، ووظائفها الإنسانية البيولوجية و العاطفية و الروحية.

ليال تلألأت ، بحكي أنثوي يرنو إلى تصالح مرتقب ، مع ذاته ، و مع الآخر . حكي بإيقاعات متنوعة ، يمثل حضورا لجانب من العلاقات الإنسانية ، يؤثر ـ بشكل كبير ـ في عملية التطور البشري ، و ذو حمولة باذخة من العطاء. لأن ” المرأة ” هي الأكثر تجليا و حضورا في احتفاليات شهر مارس، إلى جانب أيام أخرى كاليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري ـ اليوم العالمي للأرصاد الجوية ـ اليوم العالمي للمياه ـ اليوم العالمي للسل.

في وسع بعض الناس أن يصبحوا معاصرين، في سياق آخر للتاريخ . قد يحفرون بعصرهم، مسارات جديدة للتفكير و الممارسة، بعيدا عن كل تحقير للآخر ، أو تسطيح للقضايا الهامة في حياة ” الإنسان” ، هكذا بين مزدوجتين. كما أن مواصلة تكريس تجارب الاحتفاء بالمرأة ، بقدر ما يلقي الضوء على التصورات الحديثة حول منجزاتها الجديدة، و دورها المحسوس و الملموس داخل بنية الوجود الانساني ، بقدر ما صار يساهم في بناء مفاهيم حديثة ، تشكل منعطفا نحو تغيير جذري في مسار التفكير الإنساني العام.

لقد بدا حضور المرأة خلال هذه السنة، مبشرا ب “المرأة الجديدة”، بعتاد ليس بالهين في ساحة الوجود بالفعل. حضرت نون النسوة المشددة ،تبكت تاء التأنيث الساكنة ، كي تستقطع من النجاح ، مكانها من الإعراب و التبيان، و تنكأ استدارة تاء التأنيث في انغلاقها القهري. أمسكت أنثى ” شهرمارس” هذه السنة ، بمحور الحديث ، و لم تسكت عن الكلام المباح. فجاء حكيها تراتيل شعر ، يقتحم العتمات ، و يبشر ببوادر تغيير في المفاهيم و الممارسات.

يتبع

رأي واحد حول “ثلاثون ليلة و ليلة”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.