وجه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، دورية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات بالأقاليم، يدعوهم من خلالها إلى وضع مخططات للتنقلات الجماعية بالمدن، من أجل تحسين ولوجية المواطنين إلى وسائل نقل عمومية ذات جودة عالية وفي ظروف ملائمة لتلبية حاجياتهم.
وأوضح وزير الداخلية أنه في إطار تنفيذ المخطط الاستراتيجي للمديرية العامة للجماعات الترابية، الذي يهدف إلى مواكبة الجماعات في ممارسة اختصاصاتها في مجال التخطيط عامة، وتخطيط التنقلات الحضرية وتحديث منظومة تدبيرها على وجه الخصوص، بالنظر إلى كونها من بين المجالات الحيوية لعلاقتها الوطيدة مع الحاجيات اليومية للمواطنات والمواطنين، ودورها في تنشيط الاقتصاد الوطني من خلال مساهمتها في دينامية النمو وتقليص الفوارق الاجتماعية، تعمل مصالح وزارة الداخلية على اتخاذ عدة تدابير وإجراءات على المستوى التنظيمي والمؤسساتي، من خلال وضع آليات فعالة للتخطيط، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لتطوير منظومة مندمجة للتنقل المستدام.
وتروم هذه التدابير والإجراءات، حسب الدورية، تحسين الولوجية إلى وسائل نقل عمومي ذي جودة عالية وفي ظروف ملائمة لتلبية حاجيات المواطنات والمواطنين ذات الصلة، سيما الأشخاص المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة نقل آمنة وشاملة ومستدامة، وتشجيع أنظمة تنقلات تأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي كالمشي وركوب الدراجات الهوائية، وتقليل الاعتماد على السيارة الشخصية، وكذلك إدراج مقاربة النوع في مختلف السياسات المتعلقة بتطوير عروض النقل العمومي.
وذكر وزير الداخلية أن التجربة الأولى للممارسة الفعلية لتخطيط التنقلات أفرزت رزنامة من التدابير والإجراءات المواكبة ذات الأهمية، توجت بالعديد من الإنجازات الميدانية الغنية، كما أسفرت عن مجموعة من الخلاصات والاستنتاجات القيمة التي همت مجالات إعداد وتنزيل مخططات التنقلات، وفقا لمنهجيات متعددة وطرق إعداد مختلفة.
وأضافت الدورية أنه تثمينا لكل هذه التراكمات بما يخدم أهداف التعميم التدريجي لنهج التخطيط في مجال التنقلات الحضرية، وفي طليعتها ترسيخ آليات التخطيط المستدام، تقوم مصالح وزارة الداخلية كلما اقتضى الأمر ذلك بتقديم الدعم المالي والتقني لإعداد وإنجاز الدراسات المتعلقة بمخططات التنقلات، وكذا إبداء الرأي بشأن الاختيارات والمشاريع المدرجة بها، وذلك لتحفيز الجماعات الترابية على إنجازها، حيث تصل مساهمة وزارة الداخلية إلى 50 في المائة من تكلفة الدراسات المتعلقة بالمخططات المذكورة آنفا في حدود 10 ملايين درهم، مع إعطاء الأولوية للتخطيط المستدام كجيل جديد في نهج التخطيط.
وسعيا منها إلى مواكبة تطور هذا القطاع وبناء منظومة تنقلات حديثة وعصرية، أصدرت وزارة الداخلية دليلا منهجيا يُتَوَخَّى من وراء وضعه توضيح مسطرة إنجاز مخططات التنقلات الحضرية المستدامة، كمخططات تنقلات من الجيل الثاني للجماعة أو المؤسسات المنبثقة عنها، وكذا تحديد كيفيات وشروط تفعيلها وتتبعها وتقييمها وكذا تحيينها، واعتبر وزير الداخلية هذا الدليل مرجعا شاملا موجها إلى الجماعات والمؤسسات المنبثقة عنها وجميع الفاعلين في القطاع، بما من شأنه أن يسهم في تعميم وترسيخ نهج جديد لتخطيط التنقلات، وفق مقاربة تشاركية تستهدف بالدرجة الأولى تحقيق الانسجام والتقائية السياسات والبرامج والمشاريع العمومية ومخططات توجيه التهيئة العمرانية وبرامج التنمية المحلية.
ويؤكد هذا الدليل على تبني مقاربة تشاركية تروم تجويد آليات ومساطر إعداد مخططات التنقلات الحضرية المستدامة، مع إعطاء الأولوية لمرحلة إجراء التشخيص والتقييم لوضعية التنقلات داخل النفوذ الترابي للولايات والعمالات، وذلك باعتماد منهجية أكثر دقة لتحديد الحاجيات واختيار السيناريوهات وتفصيل أهدافها، بما يتماشى وتوجهات برنامج عمل الجماعة، وكذا تطلعات السكان، مع الأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي.
ودعا وزير الداخلية إلى وضع مخطط تنقلات من الجيل الجديد، وتهدف الدورية إلى تحديد إطار ومنهجية إعداد مخطط التنقلات الحضرية المستدامة، وذلك من خلال ضبط مختلف مراحل إعداده وتتبعه وتحيينه، وفقا للمقاربة المبينة في الدليل. ومن أجل ضمان نجاح هذه العملية، دعا الوزير إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتقديم كل أشكال الدعم والمساندة لمجالس الجماعات أو المؤسسات المنبثقة عنها، وكذا حثها على استثمار المنهجية المعتمدة في هذا الدليل، من آليات مرجعية والمعايير الواجب اعتمادها أثناء إعداد المخططات وتتبعها وتقييمها وتحيينها.
وأشار لفتيت إلى أن وزارة الداخلية من خلال المديرية العامة للجماعات الترابية، ستواصل دعم ومواكبة الجماعات لبلوغ حكامة جيدة في تدبير وتخطيط التنقلات، وذلك بإطلاق ورشات خاصة تهدف إلى شرح وتبسيط محتوى هذا الدليل المنهجي لإعداد مخططات التنقلات الحضرية المستدامة للجماعة، وكيفية بلورة جيل جديد منها يأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي (خاصة التقليص من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري)، ومقاربة النوع وكذا التوصيات المنبثقة عن النموذج التنموي الجديد.