انتهى بروتوكول اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط اليوم الإثنين، لتبدأ السفن الأوروبية بشكل رسمي في مغادرة السواحل المغربية خلال أوقات متأخرة من يوم أمس الأحد، وسط توقعات بـ”حصد خسائر عديدة في أوروبا خاصة من قبل الجانب الإسباني”.
تعد بروكسيل بحسب أرقام منظمة الأغذية والزراعة ” الفاو” من ” أكبر المستهلكين للحوم الأسماك إلى جانب كل من الصين، ودول أوقيانوسيا، ويعد المغرب من أبرز مصادر الأسماك لدى القارة العجوز”، فضلا عن كون بروتوكول الصيد الموقع سنة 2019، يشكل “مصدر دخل مستقر لدى العديد من العائلات البحرية بإسبانيا”.
مع خروج السفن الأوروبية من السواحل المغربية، تستعد أوروبا لإقرار مساعدات مالية للصيادين المتضررين، وسط مخاوف من “زيادة العبء المالي على الخزينة الأوروبية في حالة استمرار سيناريو عدم التجديد، في وقت يشكك فيه مهنيو الصيد بإسبانيا من فعالية المساعدات، مطالبين بالتجديد مع المغرب في أقرب وقت”.
أمام ذلك تحرص الحكومة الإسبانية على ضرورة تجديد بروتوكول الاتفاق مع المملكة المغربية، إذ جاء على لسان وزير الفلاحة والصيد البحري والأغذية، لويس بلاناس، دعمه الكامل للاتفاق مع الجار الجنوبي، كما أفرج اليوم فرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، على أن “الاتفاق سيتم تجديده في المستقبل وبكل هدوء”.
تضرر القدرة الشرائية
هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية، يرى أن “تأثير عدم تجديد بروتوكول اتفاق الصيد مع المغرب يصل أيضا إلى القدرة الشرائية للمواطنين الأوروبيين، وليس فقط على القطاع الصناعي المشتغل في الصناعات السمكية”.
يضيف معتضد أن ” بروتوكول الصيد كان ورقة بحرية استراتيجية للدول الأوروبية، خاصة الاسبانيين حيث أن المساحات المخصصة للصيد والمسموح بها من أجل الاستفادة من الثروات السمكية المغربية كانت تتيح للسوق الاوروبية العديد من المنتوجات بأثمان جد تنافسية، وجودة عالية، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي المخصص للصيد الذي ساعد الشركات الاوروبية العاملة في هذا القطاع على زيادة ارباح مهمة نظرًا للقرب الجغرافي”.
” بدون شك أن عدم تجديد البروتوكول سيكبد الاتحاد الأوروبي ليس فقط خسائر تجارية، واقتصادية، ولكن سيكون له أيضاً تداعيات وانعكاسات سياسية على المستوى الأوروبي بين الدول الأوروبية فيما يخص بناء التعاون الاستراتيجي مع المغرب، وكذا داخل الحكومات في مواجهتها مع مهنيي قطاع المنتوجات السمكية، والصناعات البحرية، وقطاع التجارة السمكية” بحسب المتحدث.
يشير الخبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية، إلى أن ” عدم تجديد البروتوكول هو نوع من الإشارات السلبية على لوحة القيادة السياسة في العلاقات الخارجية بين الاتحاد الاوروبي والمغرب، إذ صحيح أن هذه الإشارة لا تخدم الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبروكسيل، لكنها لن تؤثر على العلاقات الثنائية بين العاصمة المغربية ونظيرتها الاوروبية، باعتبار أن السياسية الخارجية للمغرب تفصل بين علاقة الدولة بالاتحاد الأوروبي، وعلاقة المغرب بالبلدان الاوروبية في بناء العلاقات الخارجية”.
يخلص المصرح إلى أن ” تجديد البروتوكول هي مسألة وقت سياسي، كما أن توفير الصيغة المناسبة للبروتوكول، مرتبط بخلق سياقه الاستراتيجي، و في هذا الصدد الاوروبيين مطالبين بتجاوز نظرتهم التقليدية اتجاه الرباط و بناء مقاربة أكثر تقدمية في علاقتهم الاستراتيجية مع المغرب من أجل خلق ديناميكية مربحة، وبناء مشترك تنموي للمنطقة يحترم التوجهات الاستراتيجية للشركاء بعيدًا عن عقد الماضي السياسية، و كذا التطلعات السياسية المستقبلية الغير مسؤولة، والغير متوازنة”.
وضوح المواقف
سجل محمد الغواطي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بسلا، أن ” أي تجديد مستقبلي للبروتوكول الاتفاق يجب أن يأتي من وعي أوروبي بضرورة شمول الاتفاق لجميع المناطق السيادية للمملكة”.
يورد الغواطي في تصريح أن ” المواقف الأوروبية تجاه المملكة المغربية يجب أن تكون جد واضحة، وليس فقط في قضايا معينة، بل يجب أن تشمل كل المجالات”.
“جميع المراحل السابقة للتعاون في مجال اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط كانت مرضية للطرفين”، يتابع المتحدث عينه، موضحا أن ” ذلك يعكس وجود تفاهم كبير بين الطرفين، ما يعني أن عدم تجديد بروتوكول الاتفاق اليوم لا يعني وجود خسائر سياسية بين الطرفين”.
يشدد أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بسلا على أن ” هنالك دول أخرى في أوروبا لم تسفر بعد عن وضوح تجاه العلاقات مع المملكة المغربية، ويمكن أن يكون لها دور في استمرار عدم التجديد”.