https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

الوزاني الشاعر التطواني الذي سافر مع الابداع الفني لما يزيد عن 40 سنة

كنال تطوان / و.م.ع

يوصف عبد الكريم الوزاني ب”شاعر الألوان ” ،وهو التشكيلي التطواني من جيل الرواد الذي سافر مع الابداع الفني لما يزيد عن 40 سنة ،وتفنن في المزج بين الواقع والمتخيل بقوة تعبيرية روضت الألوان بلمسات شعرية مرئية قل نظيرها في الفن الحديث .

     وبنفس الاهتمام والجهد التربوي والفني احتضن عبد الكريم الوزاني جيلا كاملا من الفنانين لهم بصمات واضحة في مسار التشكيل المغربي منذ توليه إدارة المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان سنة 1998 خلفا لرائد آخر من نفس الطينة وهو المرحوم محمد السرغيني .

    ولم يدخر الفنان المتألق عبد الكريم الوزاني ،كما يشهد بذلك كل الفنانين الذين واكبوا مساره الفني الناجح ،جهدا في تكوين وحث طلبته على الاجتهاد والمثابرة وطلب المعرفة ،انطلاقا من فلسفته التربوية التي يلخصها في أن “من لا يفكر في الشباب لا يهمه المستقبل ” ،معتبرا أن الاهتمام بالمواهب الصاعدة هو “واجب أخلاقي وتربوي والتزام معنوي قبل أن يكون واجبا فنيا ” ،خاصة مع وجود كم محترم من المبدعين الشباب الذين يحتاجون الى الصقل والمواكبة لإبراز مؤهلاتهم وفرض ذاتهم في الخريطة الفنية العالمية .

  وفي هذا السياق ،يعتبر “المعلم” عبد الكريم  الوزاني ،الذي  ازداد بتطوان سنة 1954 وحصل على دبلوم مدرسة الفنون الجميلة وهو لم يتجاوز بعد 21 سنة ، ان “الديبلوماسية الفنية لا تقل أهمية عن باقي الممارسات الديبلوماسية المؤسساتية والبرلمانية والجمعوية لخدمة المغرب وتعزيز حضوره الدولي ” ،مضيفا ان الاهتمام بالشباب في المجال الفني التربوي هو اهتمام بحاضر ومستقبل المغرب ،الذي يحتاج الى كل سواعده على اختلاف أشكال إبداعاها ومجال عملها واهتماماتها الفكرية والمهنية  “.

   ويرى عبد الكريم الوزاني ان صقل المواهب ليس “عملا ميكانيكيا مجردا” بل هو عمل بيداغوجي وسيكولوجي يعطي الثقة للمتعلم من أجل إبراز مواهبه ويفتح له المجال المؤطر للتجديد والابتكار والإبداع بنسق علمي ،قبل أن يبلغ الشاب المبدع مرحلة النضج ومرحلة متقدمة من العطاء تغلب فيها الذاتية وتسطع خلالها نجم التألق والحضور الفني المتوازن .

   ويؤكد الفنان التطواني بوزيد بوعبيد ،الذي رافق الوزاني طيلة مساره الفني الى اليوم ، أن عبد الكريم الوزاني ورغم ما بلغه من مستوى عالمي وحظي بتقدير وتكريم داخل المغرب وخارجه آخره تكريم الأكاديمية الفرنسية للاستحقاق في أكتوبر الجاري ، ” إلا أن همته لم تفتر لمواصلة مهام تربية الأجيال ،والرغبة في اكتشاف جديد الفن التشكيلي على مستوى آليات الابداع والتجديد “.

  ويرد ذلك الوزاني نفسه ،الذي سبق وان حصل على وسام الجمهورية الفرنسية من درجة فارس ووسام المملكة البلجيكية من درجة فارس أيضا ، الى أن الفن التشكيلي شأنه في ذلك شأن كل الأشكال الإبداعية الإنسانية “عالم مرئي وفلسفي متحول لا يفتر عطاؤه ولا يمكن الإحاطة بكل جوانبه ،خاصة وأنه يستحيل اختزال الفن التشكيلي في المدارس المعروفة على اعتبار أن حدود الفن أوسع من أن تؤطر في ممارسات إبداعية محدودة العوالم والآفاق ” .

    واستطاع الفنان المبدع عبد الكريم الوزاني أن يزاوج خلال مسيرته الفنية الطويلة بين الصباغة والنحت ،كما انه يعد ،حسب العارفين بالفن التشكيلي المغربي ،أول من استخدم تقنية “الأكريليك” في المغرب منذ سنة 1975 ويشتغل على فن الاكواريل والديزاين، ويرجع الوزاني كثرة اهتماماته الفنية الى كون الفن عامة ” يتأسس على نفس التصور الفلسفي وإن اختلفت طريقة الإبداع التي ليست إلا وسيلة من وسائل التعبير التي قد تجتمع عند شخص واحد “.

  وتتميز إبداعات عبد الكريم الوزاني النحتية بإيقاعات حلزونية بسيطة ،يقول انها موجهة للصغار كما للكبار ،لان “كل إنسان  يحوي في أعماقه طفلا يتوق للفطرة ويحن الى طبيعته الأولى ويسافر الى عالم عجائبي تختلف مقارباته ويشكل العمق الإبداعي الإنساني الحقيقي “.

  وعلى عكس العديد من الفنانين التشكيليين العالميين الذين يستعملون كل التلوينات في إبداعهم التشكيلي ،يرى عبد الكريم الوزاني ،الذي حصل سنة 1978 على دبلوم الفنون الجميلة من باريس على خلاف أقرانه من شمال المغرب الذين اتجهوا الى المدارس الاسبانية ،أن الملونات الطبيعية كالشاي والزعفران وغيرهما كثير ومختلف ،لم توجد إلا لتعطي نكهة للطعام وليس لتلوين الأعمال الفنية ،وهو أمر حير متتبعي إبداعاته ،على اعتبار أن الوزاني وجه اختياراته الإبداعية منذ الوهلة الأولى نحو الطبيعة ،إلا أن ذلك ،على ما يبدو ،يقتصر على الغاية التعبيرية ولا يصل الى إشراك الطبيعة في مرسوماته .

   ورغم  أن أول معرض فردي للفنان يعود الى سنة 1978 وأول معرض جماعي الى سنة 1976 إلا أن انفتاحه على الفضاء العام ومشاركاته في مختلف المعارض تبقى “محدودة وشحيحة نسبيا “،وهو ما يعترف به عبد الكريم الوزاني شخصيا ،و يرجعه الى انشغالاته الكثيرة في تعليم الأجيال الفنية الصاعدة ،قبل أن يؤكد أن عطاءه لم يفتر أبدا ولم ينزو بفنه الى زاوية مغلقة ، وخير دليل على ذلك أن إبداعاته تعد “مزارا دائما ويوميا لتلامذته وعشاق فنه ومحيطه الأسري ،وهؤلاء هم نافذتي على الآخر وقناة تواصلي مع العالم الخارجي الواسع “.

  وإذا كان عبد الكريم الوزاني قد شارف على التقاعد من مهامه الإدارية كمدير للمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان ،فإن فنه سيبقى خالدا لا محالة وسيبقى مرجعا تراثيا مغربيا يلج به الفن التشكيلي المغربي الى متاحف العالم شأنه في ذلك شأن رواد الفن ،من أمثال المكي امغارة وسعد بن سفاج وأحمد بن يسف وغيرهم من جاد بهم الزمن المغربي الجميل .

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.