https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

المثليون و المجتمع

ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الأسطر،التي ارتأيت أن أتكلم فيها عن المثلية الجنسية.و قد يكون رأيي حول الموضوع غريبا أو صادما،لكنني أرفض أن أكثمه و أبقيه مكبوتا في داخلي.

قبل أن أستطرد،قد يسأل سائل،لماذا نتحدث عن الموضوع و نناقشه و الدين يحسم في مثل هذه الأشياء؟أجيبه مسبقا بأن هذا رأيي الخاص و لا يعني أحدا،ثم إنني لا أتوجه لكل من يزن الأمور بميزان عقله الخاص به،هو فقط.و أعلم جيدا أن هناك من سيقذفني بالإلحاد و العلمانية في صميم عقله،و لكنني لا أبالي ما دام رأيي قد يحرك مشاعر البعض.و ما دمت مفكرا حرا،فإنني أسعى للانصات للطرفين و الرؤية بكلتا العينين،كي أنتج رأيي الخاص،من منطلق الحياد.

المثليون الجنسيون هم فئة حاضرة في المجتمع العالمي و العربي و يعيشون بيننا رغم أنهم يخفون ميولاتهم في أغلب الأحيان،تجنبا للقدف و السب و الضرب.أغلب الناس يعتبرونهم شواذا خارجين عن الطبيعة،لكن العلم ينتصر لهم و يتبث أن دوافع المثلية الجنسية هي إما وراثية مرتبطة بالجينات،و قد تكون مرتبطة بالمحيط الذي تربى فيه الشخص.و قد سمعت في برنامج “عالموعد” و الذي تبثه قناة “DM” أن المثلية الجنسية “طفرة جينية”،بمعنى أن مثلي الجنس،ذكرا كان أو أنثى،يصبح مثليا بالوراثة.و هناك نظرية أخرى تقول أن المثلية الجنسية متعلقة بالبيئة أولا و قبل كل شيء.و لكن النظرية التي يستعملها العلماء حاليا،هي المزج بين النظريتين.

علينا أن نتجاوز مرحلة التقيد بنمط واحد من التفكير،كي تكون لنا قابلية لمناقشة جميع المواضيع.و يجب أن نمتلك الشجاعة لإخراج الملفات التي صنفناها سلفا في درج المحظورات و الطابوهات.شخصيا عندما علمت بوجود أشخاص يميلون إلى بني جنسهم،استغربت كثيرا لعدم استيعابي للفكرة من أصلها.حاولت أن أبحث في أسباب الظاهرة و جدورها و ما إن كان الأمر اختياريا أم طبيعيا،و خلصت إلى أن هذه الظاهرة تدخل فيها عدة اعتبارات منطلقة من المحيط و الوراثة كما سبق و أشرت له،و طريقة التربية و الفقر أحيانا..نعم “الفقر”.فقد شاهدت روبورتاجا في قناة “فرونس 24” تناول موضوع(تنامي المثلية الجنسية في مراكش).و ظهر شاب يروي الظروف التي قادته لامتهان المثلية من أجل كسب رغيف العيش،و قال أنه تعرض للاغتصاب في الصغر و ظل ذلك المشهد راسخا في دهنه،يقلق منامه،و لم يقوى على نسيان الأمر.حيث ظل يعتقد أنه لا يتمتع بالرجولة الكافية لمرافقة النساء بدل الرجال،و دفعه الفقر فيما بعد لمرافقة المثليين الأجانب و ممارسة الجنس معهم من أجل مقابل مالي يعيل به أسرته.

يتضح من هذه القصة و غيرها من القصص،أن التكتم على الفضيحة مخافة الوقوع ضحية للمجتمع الوحشي القاسي،ساهم هذا بطريقة أو بأخرى في تنامي الظاهرة و لم يعد بالاستطاعة،معالجة هذه الحالات بما أنها تجاوزت سن الطفولة و الذي يتيح إمكانية إصلاح الشذوذ بالعلاج النفسي و الجسدي.إذن فالمجتمع جزء من المشكلة،و يجب الاعتراف بذلك.حتى التصرفات و السلوكات المرتبطة بإهانة المثلي و ضربه أو قتله حتى،لن تجدي نفعا،و لن تزيد الطين إلا بلة.و سواء جهر المثلي بمثليته أو لم يفعل فهو جزء من المجتمع رضينا أو كرهنا.

أنا لا أدعو لفتح الباب على مصراعيه أمام المثليين،أو للتساهل مع “مسيرات الفخر-GAY PRIDE” في الوطن العربي،أو السماح بعقد قران المثليين بالمساجد كما رخصت بذلك بريطانيا مؤخرا.و لكن على الأقل،يجب أن نحاول التواصل معهم و نصحهم و ومحاولة قيادتهم إلى الصواب،ما إذا كان هناك تجاوب أو قابلية لذلك.هناك عبارة تقول “إن لم تكن جزءا من الحل..فأنت حتما جزء من المشكلة”،لذلك فالعنف و الاستفزازات لن تجدي نفعا مع هذه الحالات،و من يقول عكس ذلك فليأتي بمثال لــ”مثلي” غَيَّر ميوله بعد أن تعرض للتعنيف..أنا في انتظار الحجة و الدليل .

 الطيب عيساوي:aissaoui.ta@gmail.com

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.