العمر بين الطول والقصر

كنال تطوان / بقلم : زاد الخير أزيدان

عندما نقدم لأحدهم جميلا أو معروفا يقابلنا بدل الدعاء قائلا : (الله يطول عمرك ) ( أو أطال الله عمرك) ، ويقولون أيضا : (فلان كان عمره قصيرا فلم يعش إلا كذا سنة) ، والناس في الغالب يقيسون الطول والقصر بحسب السنين والأيام ، والحقيقة أن العمر إذا قسته بهذا المقياس ، فهو قصير دائما وأبدا ، مهما امتدت السنين وبلغت الآلاف بله الأعوام والقرون ، ولذلك لا بد من البحث عن مقياس آخر لحساب العمر ، ولنضرب على ذلك مثلا ، لو أن إنسانا عاش العمر كله بعيدا عن الله لا يعرفه ولا يؤمن به ، ثم خرج من الدنيا على هذا النحو ، فهذا إنسان لم يعش عمره أبدا فقد خسر الحياة الدنيا والآخرة معا ، ولو أن إنسانا عاش تسعين عاما ، وهو غير مسلم وفي صباح التسعين أسلم وتشهد شهادة الحق ، وبعد النطق بالشهادة بساعة ، انتقل إلى دار القرار ، فالحق أن هذا العبد عاش في الدنيا ساعة ، ولكن الساعة هذه ستكون سببا له في الخلود الأبدي.

إذا هناك مقياس آخر لحساب الأعمار ، لا بد أن ننتبه إليه ، هذا المقياس يتجلى في الأعمال، فهي التي تبارك العمر فتزيد فيه ، حتى أن الإنسان ليدوم في الدنيا إلى فنائها ولا يمحى اسمه من صفحة الوجود ، وخذوا سيدنا رسول الله صلى الله عليم وسلم نموذجا ، كم يعيش من السنين ؟ سيبقى ما بقيت الدنيا ، بل هناك أشخاص من عامة الأمة ، بارك الله في أعمارهم فعاشوا دهورا طويلة ، بسبب أعمالهم ، وخذوا الإمام أبا عبد الله البخاري ، سيبقى صاحب الصحيح ما بقي في الدنيا إسلام صحيح ، والكل يترحم عليه ، والإمام النووي لم يعش إلا حوالي أربعين عاما ، ولكنه بمقياس الأعمال عاش دهورا طويلة ، والخلاصة أن طول العمر ، أو البركة في العمر على الأصح تقاس بمقدار الأعمال الصالحة التي يقوم بها الإنسان في هذه الحياة القصيرة.

توقيع : زاد الخير أزيدان / أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي

 

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.