بعد أن كان أحد أبرز المواعيد الثقافية والفنية بمدينة تطوان وشمال المغرب، يواجه مهرجان “أصوات نسائية” في نسخته الـ13 موجة انتقادات واسعة بسبب ما اعتُبر تراجعاً ملحوظاً في مستوى التنظيم والإشعاع، مقارنة بالدورات السابقة التي طبعتها الحيوية والابتكار والعمل الجاد.
ورغم ميزانينته الضخمة التي قدرها فاعلون بأكثر من 6 مليون درهم، اتسمت دورة هذا العام بإلغاء الأنشطة الموازية التي لطالما راهن عليها المهرجان كرافعة أساسية بمهرجان أصوات نسائية.
لقد طبعت التعددية نسخ الدورات السابقة، فكان بالموازاة مع فقرات المهرجان الموسيقية تنظيم أنشطة اجتماعیة ومعارض للأعمال اليدوية كسوق “على مر الزمان” على امتداد أسبوع المهرجان، الذي كان يضم معرض للمنتوجات المجالية والصناعة التقليدية التي أبدعتها أنامل نساء عضوات تعاونيات نشيطة بمختلف مناطق شمال المغرب، مما يشجع المرأة على الإنتاج والابتكار خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها إقليم تطوان، علاوة على مبادرات نسائية تضامنية بتنسيق مع فعاليات مؤسساتية ومجتمعية كبرنامج “الصحة للجميع” لفائدة الأشخاص المنحدرين من الأحياء الهامشية لمدينة تطوان ونواحيها.
وسجل متتبعون فتورا ملحوظا في الحضور الجماهيري وضعف التفاعل، وهو ما أثار استياء المتتبعين ورواد المهرجان على حد سواء. ويعزو كثيرون هذا التراجع إلى غياب أسماء فنية بارزة عن برمجة المهرجان، إضافة إلى افتقار الفقرات الثقافية والفنية لروح الإبداع والتجديد التي ميّزت الدورات السابقة، كما سُجل ضعف كبير في التغطية الإعلامية المحلية والجهوية، وهو ما أفقد التظاهرة بريقها وأثر على إشعاعها الوطني والدولي.
في السياق ذاته، وجّهت أصابع الانتقاد إلى اللجنة المنظمة، حيث عبّر عدد من الفاعلين المحليين عن استيائهم من غياب رؤية واضحة لإدارة المهرجان وضعف التنسيق والتواصل مع المؤسسات الإعلامية والثقافية والفنية بالمدينة.
ويرى مراقبون أن هذا الارتباك التنظيمي انعكس سلباً على صورة المهرجان الذي كان يشكل منصة للاحتفاء بالمرأة وإبراز الطاقات الإبداعية المحلية والوطنية.
ويطرح هذا الوضع أكثر من سؤال حول مستقبل “أصوات نسائية”، خاصة في ظل التحولات الكبيرة التي تعرفها الساحة الفنية والثقافية بالمغرب، والتنافس المتزايد بين المهرجانات الوطنية على استقطاب الجمهور والنجوم.
ورغم كل الملاحظات، لا يزال الأمل قائماً لدى ساكنة تطوان وزوارها في أن تستعيد الدورات المقبلة من المهرجان مكانته كإحدى أبرز التظاهرات الفنية بالمغرب، وأن يعود إلى لعب دوره الريادي في دعم الإبداع النسائي وتسليط الضوء على التجارب الفنية المتميزة، بما يعيد له بريقه ويعزز مكانة تطوان كوجهة ثقافية رائدة.