كنال تطوان / متابعة
احتضنت مدينة تطوان عرساً فكرياً و حدثاً علمياً مهماً في إطار الرقي بالسياسة العامة المتعلقة بموضوع الهجرة و ذلك في إطار اليوم الدراسي المنظم من طرف جمعية الأيادي المتضامنة حول موضوع: “حقوق المهاجرين الأجانب بالمغرب: الواقع و التحديات“. هذا اللقاء اكتسى المواصفات الدولية من حيث حجم المتخصصين و الخبراء الحاضرين و من حيث التنظيم المحكم و التأطير العلمي المدقق لكافة التدخلات.
و قد حضر في هذا اليوم الدراسي أكثر من 130 مستفيداً قادماً من مدن فاس، مكناس، وجدة، الناظور، الحسيمة، شفشاون ، العرائش، الرباط، أصيلا، سلا، مرتيل، و تطوان، إقتسموا جميعهم الإهتمام بالسياسة الجديدة للهجرة و التحديات التي تطرحها أمام المشرع المغربي و أمام الجهاز التنفيذي الذي يتكلف بوضع الآليات الكفيلة بالتنزيل التشريعي و تطبيق السياسات الوطنية.
و قد أكد الخبير المغربي الأستاذ محمد الخشاني في محور تدخله على أهمية وضع القطيعة مع المقاربة الأمنية المتبعة سابقاً في تدبير ملف الهجرة و ضرورة اتباع سياسة قائمة على حقوق الإنسان متماشية مع الرؤيا المتقدمة للموضوع كما أطرها جلالة الملك في الخطاب الملكي و متطابقة مع المعاهدات الدولية الموقعة من طرف المغرب.
بدوره أعطى ممثل وزارة العدل القاضي محمد الرزاقي نبذة عن قانون 02-03 المتعلق بالهجرة، معرباً عن اهتمام وزارة العدل و الحريات بالموضوع و مشيراً إلى المرتكزات التي انبنت عليها السياسة الجديدة للهجرة، و مؤكداً على أهمية استغلال الضمانات القضائية التي يخولها القانون للأجانب بالمغرب.
و قد كان موضوع اللجوء و اللاجئين حاضراً بعد إثارته من طرف ممثل المندوبية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب بجاغط فاندفيك النرويجي الأصل الذي أعطى إحصائيات دقيقة عن اللاجئين بالمغرب محدداً عددهم هذا الشهر ب 5251 طالباً للجوء مسجلاً بالمندوبية، منهم 3653 يحتاجون للحماية الدولية، و 1598 حالة في طور الدراسة، موضحاً أن السوريين هم أكثر الجنسيات طلباً للجوء بعدد 2385، يليهم اليمنيون ب449 ، ثم القادمين من ساحل العاج ب 276 حالة.
في سياق آخر نبه السيد أسامة البارودي ممثل المنظمة العالمية للهجرة إلى خطورة الإتجار بالبشر واضعاً هذا الموضوع في إطاره الدولي و شارحاً طرق عمل الشبكات الدولية لتهريب البشر و مؤكداً على ضرورة التسريع بوضع آليات تشريعية للقضاء على هذه الآفة.
كما تطرق الحاضرون في النقاش إلى دراسة مشاريع معينة عن طريق العرض الذي قدمه الأستاذ محمد السوعلي ممثل الإتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر و الهلال الأحمر بالمغرب الذي قدم مشروع “إعمال حقوق المهاجرين” الذي هو مشروع ممول من الإتحاد الأوربي ينجز في 17 دولة مختلفة، منها المغرب حيث يُفعل هذا المشروع عن طريق ثلاث جمعيات منها جمعية الأيادي المتضامنة المنظمة للقاء، حيث نوه السيد السوعلي بكفاءتها و قوة مشروعها الذي تم اختياره من طرف الإتحاد الأوربي على المستوى الدولي من بين 40 مشروعاً مقدماً من 15 دولة مختلفة، و هو ما يوضح قوة الجمعيات المغربية و حضورها الفاعل على المستوى الدولي.
و قد كانت لمسة المجتمع المدني حاضرة في اليوم الدراسي بواسطة الحضور المتميز للجمعيات المغربية و العرض المقدم من طرف السيد سعيد البقالي ممثل جمعية اللقاء المتوسطي للهجرة و التنمية الذي ربط موضوع الهجرة بحقوق الإنسان و أكد على ضرورة انخراط المغرب بكافة مؤسساته لإنجاح سياسة الهجرة في قالبها الإنساني و الشمولي و التغلب على المعيقات التي تعترض إنجازها.
و قد نظم هذا اللقاء بتعاون مع الإتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر و الهلال الأحمر و بدعم من الإتحاد الأوربي الذي كان ممثلاً بالسيدة تاتيانا رومون التي أكدت على الإهتمام الكبير الذي يوليه الإتحاد الأوربي لمثل هذه اللقاءات، و التي تعتبر فضاءً للنقاش الجدي و التحليل الهادئ و تبادل الأفكار كما نوهت بالتنظيم المحكم لهذا اليوم الدراسي من طرف جمعية الأيادي المتضامنة و قدرتها على الجمع بين خبراء ينتمون لميادين مختلفة. كما قامت السيدة تاتيانا رومون بزيارة مركز التوجيه و الإرشاد للمهاجرين و هو المركز الذي وضعته الجمعية أمام المهاجرين بمدينة تطوان لتسهيل عملية إدماجهم بالمجتمع المغربي و تنسيق مختلف الأنشطة الموجهة إليهم.
بالإضافة للنقاش الجدي و العلمي الذي أطر اللقاء فقد تميز بإدخال بعض التقنيات المتطورة في الإتصال عن طريق وضع شاشة تفاعلية مكنت الحاضرين من إبداء آرائهم مباشرة و التفاعل المباشر مع المداخلات عن طريق تويتر، حيث كانت التدخلات تعرض مباشرة على الشاشة على شكل البرامج التلفزيونية.