https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

تطوان الحمامة البيضاء … انتعاشة فصل الصيف و كساد فصل الشتاء

كنال تطوان / جريدة الصباح

تقرير : يوسف الجوهري

الحمامة البيضاء تعاني بطء التنمية واختلالات النقل وركود التجارة

تتميز أيام الصيف في تطوان باختلافها عن باقي أيام السنة، ففي فصل الصيف يسود رواج يبلغ ذروته في أسابيع غشت، وما أن تنقضي أيام الصيف حتى يدخل الكثير من أصحاب المحلات الخدماتية وعدد من القطاعات في حالة من الركود، وضعف الإقبال الذي يصيب مجالات عديدة بالكساد لتعود المدينة إلى سكونها ويعود سكانها لتذكر ما يعتري مدينتهم من نقائص..

تشكل تطوان وضواحيها صيفا وجهة مفضلة للكثير من “عشاق منطقة الشمال”، فيعود هذا الإقبال بالنفع على العديد من المجالات، انطلاقا من ارتفاع حجم الرواج التجاري بالأسواق، وكذا ارتفاع مداخيل المقاهي والمطاعم، وما تدره حركة السير والجولان من مداخيل على العاملين بقطاع النقل الخصوصي، وفي هذا السياق صرح “عبد المالك”، وهو مالك لإحدى المقاهي الواقعة بوسط المدينة لـ “الصباح” أن “الكثير من التجار ينتظرون فصل الصيف للرفع من عائداتهم، التي تعيش على وقع التذبذب وعدم الاستقرار خلال أغلب فترات السنة، باستثناء بعض المناسبات التي يكون فيها حجم الاستهلاك مرتفعا”.

الحنين إلى السلع المهربة

مشاكل أخرى تطفو على سطح الأحداث بتطوان، ذلك أن الرواج الذي تشهده المدينة صيفا، جعل أسعار الكثير من السلع والخدمات تحلق عاليا، “بدون حسيب أو رقيب”، كما صرح بذلك بعض من التقتهم “الصباح” خلال جولة لها أثناء إعداد هذا الربورتاج.

وإضافة إلى هذا المشكل يرى البعض أن الأزمة “تكاد تصيب الكثير من القطاعات”، إذ تبرز تجلياتها مع انتهاء الرواج الذي تحمله أشهر الصيف، لتعود المشاكل التي يعتبرها بعض “المستثمرين”، “مشاكل بنيوية” وتحتاج إلى “حلول جذرية”، ومنها هجرة رؤوس الأموال وأصحابها من المستثمرين صوب مدن أخرى، من قبيل طنجة بحثا عن آفاق أوسع. ولعل هذا ما يكرس الأزمة التي تحتاج لتضافر الجهود من أجل تجاوزها.

ويؤكد “عبد المالك” الذي قال إنه زاول أعمالا تجارية مختلفة قبل أن يقتني المقهى التي يسهر على تسييرها بنفسه، أن “الحركة التجارية وحجم الرواج تراجعا بتطوان بفعل وقف تدفق السلع التجارية القادمة من سبتة المحتلة”، مشيرا إلى أن “التجارة التي ارتبطت بعقود بالسلع المهربة كانت تخلق رواجا يعم مدن الفنيدق، والمضيق وحتى تطوان”، إلا أنه مع “القطع مع هذا النشاط”، الذي يعترف بأنه “غير قانوني”، “دخلت الكثير من المحلات، سواء منها الفنادق غير المصنفة والمطاعم والمقاهي في مرحلة كساد أثرت على الكثير من القطاعات”.

ويؤكد المتحدث ذاته أن “الرواج التجاري بالمدينة صار مطبوعا بصبغة موسمية، تلعب فيه الشواطئ المحيطة بالإقليم الدور المحوري”.

مشاكل التدبير المفوض للنقل

لعل من المشاكل التي تصنف ضمن “خانة المشاكل الكبرى” التي تعيشها تطوان حاليا، هي مشكلة قطاع النقل الحضري. ومن تجليات هذه المشكلة التي باتت تجعل الكثيرين يضعون أيديهم على قلوبهم كلما انتشر خبر لحادثة تتعلق بحافلة من حافلات أسطول النقل، الذي صار لا يلبي حاجيات المواطنين في مدينة من حجم تطوان، تلك الحوادث التي طفت على السطح عندما انقلبت حافلة في فبراير الماضي في حي “حجرة العروسة”، نتيجة عدم قدرة سائقها على التحكم فيها عندما كانت تقترب من خط النهاية، وأودت بحياة امرأة كانت تقترب من الوصول إلى مقر سكناها، وكذلك حادثة احتراق حافلة التي وقعت في يونيو الماضي بالقرب من مدارة الحمامة، نتيجة عطل ميكانيكي، ووحدها الأقدار الإلهية شاءت ألا يقع ضحايا في صفوف راكبي هذه الحافلة، بعد أن اضطر السائق إلى إيقافها وإنزال الركاب. 

ومن أجل التخفيف من أزمة هذا القطاع، كان الحل المؤقت هو اللجوء إلى دعم الأسطول بحافلات أخرى، غير أن مصدرا من الجماعة أكد لـ “الصباح” أن “قطاع النقل الحضري بتطوان والنواحي انتقل من التدبير المفوض، من قبل جماعة تطوان إلى تدبير مفوض من طرف مؤسسة التعاون، بعد استكمال كل الخطوات القانونية”، الأمر الذي ترتب عنه أن “جميع المسؤوليات والالتزامات المنصوص عليها في عقد التدبير لهذا المرفق تخص الشركة المسيرة للقطاع وكذا مؤسسة التعاون، انطلاقا من تفويت هذا المرفق لمؤسسة التعاون ومصادقة وزارة الداخلية على ذلك”.

وحسب مصدر “الصباح” فإن “العقد الذي ينص على فترة 10 سنوات مدة للتدبير، من المنتظر أن تنتهي في نونبر من العام الجاري، أي 2023″، مضيفا أن “العقد ينص على أنه في ختام مدة التدبير يتم انجاز دراسة لتسيير الفترة التدبيرية المقبلة”.

وفي هذا السياق فقد “تم القيام بصفقة لإنجاز الدراسة، إذ ينتظر من الشركة التي نالتها أن تعطي خلاصاتها وتقريرها في الأشهر المقبلة لتكون خريطة طريق لتطوير هذا المرفق الحيوي”، ذلك أن كل عطب يصيب خدماته يؤدي إلى توقف الحركة في عدد من القطاعات التي ترتبط به ارتباطا وثيقا.

ويرى مصدر “الصباح” أن “نهاية فترة تدبير قطاع النقل تميزت بتهالك أسطول حافلات الشركة”، وهو “ما اضطر وزارة الداخلية، في إطار الدعم والمواكبة إلى تقديم عشرات الحافلات، التي سيتم تدبيرها من لدن الشركة الحالية”.

وأوضح المتحدث ذاته أن الشركة المفوض لها قطاع النقل حاليا “أخلت بمجموعة من البنود التعاقدية، ما أثر على السير العادي لهذا المرفق ومنها: عدم الالتزام بعدد الحافلات المتفق عليها، وعدم إنجاز الخطوط المتفق حولها، وعدم إنجاز مرآب خاص بالحافلات، وعدم إنجاز محطات الوقوف بالنسبة للحافلات”، بالإضافة إلى “ضعف إعطاء المعلومات حول القطاع، وغياب إدارة قوية في الميدان، مع استعمال الحافلات الموجودة في تطوان في جماعات أخرى تسيرها الشركة والعكس صحيح…”

المعارضة: اختلالات وإنجازات

أكد حميد أبولاس، رئيس لجنة المرافق والبنيات الأساسية والمشاريع الكبرى بجماعة تطوان، في ما يخص “ملف النقل الحضري” الذي أثيرت بشأنه العديد من التساؤلات والملاحظات،التي سجلها المجلس الجهوي للحسابات ولجان التفتيش التابعة لوزارة الداخلية، أن هذا المرفق “لا يرقى لانتظارات سكان تطوان من خلال المؤاخذات التي يتم تسجيلها بخصوصه، نتيجة مجموعة من الاختلالات التي رافقت تدبير هذا القطاع على المستويين القانوني والتقني”، معتبرا أن “موضوع مرفق النقل الحضري فتح نقاشا ساخنا بين كل الفاعلين بتطوان، بسبب الخروقات المرتكبة من طرف الشركة الحالية المفوض لها قطاع النقل الحضري، والتي كان آخرها احتراق حافلة وسط المدينة، التي كادت أن تتسبب في كارثة. ما يفيد حسب المستشار الجماعي أن “هناك تقصيرا من الشركة على مستوى مراقبة الحالة الميكانيكية للحافلات، وغياب لاحتياطي الأسطول الذي يمكن أن يعوض الحافلات، التي أصبحت في وضعية مهترئة ولم تعد قادرة على الاشتغال”.

الأمر الذي يعتبر بحسب المتحدث ذاته “مخالفا لدفتر التحملات المتعلق بتنظيم النقل الحضري، الذي يلزم الشركة بتوفير الأسطول الكافي لتأدية الخدمة وفق الشروط المطلوبة”، و”القيام بالاستثمارات اللازمة”.

وقال عضو الجماعة المحسوب على المعارضة إن هذا “التقصير من قبل الشركة، جعل مجموعة من الأصوات تنادي بضرورة التدخل لإيجاد حلول مناسبة لهذه المشاكل، التي تعانيه المدينة بخصوص النقل الحضري، كما تمت الدعوة إلى ضرورة تحسين وتجويد الأسطول حتى يستجيب لاحتياجات السكان، فضلا عن التركيز على ضرورة ضبط آليات التدبير لهذا القطاع والعمل، من أجل ضمان نقل حضري يليق بمدينة تطوان.

من جانب آخر أكد أبولاس، أنهم، انطلاقا من موقعه في المعارضة تعاملوا “إيجابيا مع مجموعة من المشاريع التي قدمتها الأغلبية المسيرة”، لأنهم “اعتبروا أنها ستكون لها فائدة على المواطنات والمواطنين بمدينة تطوان”، معتبرا أن “المجهودات التي تبذل على مستوى مدينة تطوان بمواكبة دقيقة للعامل والسهر بكل تفاني على تطبيقها والتنسيق المستمر مع رئيس المجلس”، “جعل تطوان تحافظ على رونقها وجماليتها وهذا بشهادة كل الوافدين على المدينة”.

واعترف العضو الجماعي المحسوب على المعارضة أنه “بالإضافة إلى ما تم إنجازه على العديد من المستويات، منها حل مشكل ترقية الموظفين، وتجديد عقد التدبير المفوض المتعلق بالنظافة، وتوقيف، نسبيا، نزيف الأحكام التي أثقلت ميزانية الجماعة، وإعداد برنامج عمل الجماعة وتضمينه للعديد من المشاريع الطموحة”، مع “الانخراط في مشروع الحكومة المنفتحة، وغيرها من المشاريع الأخرى، سواء تلك المتعلقة بالتنمية المستدامة، كسقي المناطق الخضراء بالماء المعالج، وتعميم استعمال إنارة الليد، الإنارة صديقة البيئة”.

المجلس الجماعي …الحلول الممكنة

عندما حملت “الصباح” أسئلة التنمية المستدامة التي يفترض أن تعرفها تطوان، كان جواب ناصر الفقيه اللنجري، النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي لتطوان، الذي يرى أن المدينة على عكس الآراء التي تقول إنها “تعيش كسادا وتراجعا في عدد من الأنشطة”، “تعرف تطورا ونموا ملحوظا يشهد عليه زائرو المدينة من داخل المغرب وخارجه”، مؤكدا أن “عوامل عديدة ساعدت على هذا التطور خلال الولاية الحالية من عمر المجلس الجماعي” .

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه “في شتنبر من 2021، تم انتخاب فريق وأغلبية جديدين على مستوى جماعة تطوان بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، وبمشاركة طيف من الأحزاب السياسية بالمدينة”، مضيفا أنه “يمكن القول إن سر نجاح هذا الفريق هو التخلي عن اليافطة السياسية ونهج سياسة العمل الجماعي المشترك، من أجل حل مشاكل المدينة والبحث في مختلف سبل تطورها”.

وأردف نائب الرئيس قائلا إن أعضاء المجلس “وضعوا نصب أعينهم مجموعة من الأهداف، منها البعد عن السياسة الضيقة والصراعات الهامشية، والتعاون والشراكة المفتوحة مع السلطات وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا، والبحث عن عقد شراكات مع القطاعات الوزارية المختلفة، وكذلك مع القطاع الخاص والاقتصاديين المحليين ومع مختلف فعاليات المجتمع المدني، والانفتاح على المؤسسات والفعاليات خارج الوطن”.
وأكد ناصر الفقيه اللنجري، في تصريحه لـ “الصباح” على أن “عمل المجلس تركز على اختيار الحلول الواقعية والممكنة، وكذا القابلة للتمويل، والتي تكون لها آثار واضحة وأولوية لدى السكان”.

واعترف المتحدث ذاته بأنه “إذا كانت جماعة تطوان قد ورثت اختلالات وديونا كبيرة في قطاعات مختلفة، من أجور الموظفين والمشاكل التي كانت تسود بقطاع النظافة، والإنارة، إضافة إلى الغرامات التي فرضتها الأحكام المختلفة، وديون الموردين وغيرها…”، والتي قال إنها “بلغت مئات الملايين من الدراهم”، “فقد باشر الفريق المسير للجماعة مع شركائه البحث عن سبل لحل هذه الاختلالات والديون منذ الأيام الأولى لهذه التجربة”، مضيفا أنه “اليوم وبعد مرور سنتين من هذه التجربة تم التغلب على النصيب الأوفر من هذه الديون”.

أداء الديون وبرمجة مشاريع جديدة

يقول نائب الرئيس إن “الجماعة تمكنت من أن تحل مشاكل ديون الموظفين كاملة وجزءا كبيرا من الديون الأخرى المتراكمة على ذمتها”، كما استطاعت “تجديد وتوحيد مرفق النظافة بالمدينة لتصبح أكثر جمالا ونظافة، وتوفير أكثر من 80 مليون درهم للقطب الغذائي، بفضل الإمكانات الذاتية ودعم الشركاء ليرى النور في أواخر 2023، مع البدء في مجموعة من المشاريع التي تهم مجالات الإنارة العمومية وتكسية الطرقات، وتيسير سبل توسعة مطار تطوان وغيرها”.

إكراهات المجلس الجماعي

خلص نائب رئيس جماعة تطوان إلى التأكيد على أن “العمل داخل الجماعة تتخلله بعض الإكراهات”، التي “يحاول المجلس حلها في الأشهر والسنوات المقبلة، بشراكة مع مختلف الفاعلين، ومنها قطاع النقل الحضري والسير والجولان بالمدينة”، مضيفا أن العمل يتركز كذلك على “دعم وتنمية التشغيل بالمدينة، من خلال توسعة المنطقة الصناعية لتطوان وإنشاء منطقة أنشطة اقتصادية جديدة وغيرها”، مع العمل على “إعادة هيكلة وترميم أحياء المدينة، التي لم ترمم منذ وقت طويل، والبحث عن السبل الكفيلة لمواجهة الفيضانات وآثار التغيرات المناخية”.

تقرير : يوسف الجوهري

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.