https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

كي لا تتحول الجامعات المغربية إلى مجال للتسابق على المناصب

كنال تطوان + / – بقلم : الدكتور عبد الوهاب إيد الحاج

“كي لا تتحول الجامعات إلى مجال للتسابق على المناصب الإدارية”: هذه الجملة قالها الملك محمد السادس يوم الثلاثاء 16 أبريل 2002 بمناسبة تعيين مجموعة أولى من رؤساء الجامعات، وكان ذلك في سياق كلامه عن تحصين المسطرة الديمقراطية داخل الجامعات المغربية.

إن تخوف الملك من انحراف الجامعات عن أهدافها الحقيقية كان في محله، فبعد مرور أزيد من11  سنة، بدأنا نحس بأهميته، خصوصا بعدما صرنا نشاهد داخل الجامعات المغربية تحولا خفيا من التركيز على تعليم الطلبة والمساهمة في نقل وتقدم المعرفة وخدمة المجتمع إلى التركيز على المناصب الإدارية الشاغرة، وتكوين اللجن ورؤسائها، وفروع اللجن ومسيريها إلى غير ذلك من الحيثيات الثانوية.

نحن لسنا ضد أي أستاذ جامعي له طموح لتقلد منصب إداري داخل الجامعات المغربية، فهذا شيء مشروع بل في كثير من الأحيان يكون واجبا، لكننا ضد أن يتجاوز هذا الطموح الخطوط الحمراء لأخلاقيات الجامعة وأمانة البحث العلمي، لأن هذا لن يساهم إلا في تدهور المعرفة وتراجع مستوى الطلبة وإخفاق إدماج الجامعة في محيطها السوسيو- اقتصادي. وقد تتحول الجامعة إلى مجال لصراعات حول النفوذ، وبالتالي يمكن أن تزيغ عن أهدافها الكبرى.

قال الملك محمد السادس في خطاب العرش يوم 30 يوليوز 2000، عندما تكلم عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين: “نشدد على وجوب انخراط جميع المعنيين كل من موقعه في جو من التعبئة الشاملة والتجند الكامل حول أهداف الميثاق بعيدا عن المزايدات والحساسيات قصد تفعيله”. والملاحظ مع كل أسف أن هذه الحساسيات ما زالت قائمة لحد الآن، وعملت على تعطيل مجموعة من المشاريع المهمة والنافعة، التي كانت ستفيد الطلبة وستساهم في تنمية حقيقية.

وهناك العديد من الأساتذة الذين كانت لهم ملاحظات موضوعية منذ البداية حول الإصلاح الجامعي ولم تسمع أصواتهم. ورغم ذلك تعبئوا في خفاء لإنجاح جوهر الإصلاح الجامعي وعمقه، لكن الحساسيات الجديدة وقفت سدا منيعا ضد هذا الطموح الذي كان سيساهم في تطوير البحث العلمي الحقيقي، والعمل على حل المشاكل العملية وتحسين جودة التعليم العالي.

الغريب في الأمر هو أن أصحاب هذه الحساسيات الجدد، الذين يقفون في وجه أي إبداع، هم الذين يتشدقون بأنهم من أنصار الإصلاح الجامعي. أما الذين قدموا مشاريع حية تصب في جوهر الإصلاح الحقيقي هم الذين يوصفون بأنهم ضد الإصلاح الجامعي. بل الأدهى من هذا، فقد رفضت مشاريعهم القيمة والنافعة ببشاعة لا تعكس الأصالة المغربية ولا طموح وإبداع وذكاء الجامعة المغربية، بتبرير أنهم ليسوا مع الإصلاح. لكن عندما تبحث عن حقائق الأمور تجد الصراع الخفي على المناصب الإدارية هو السبب الرئيسي.

في رأيي كي لاتتحول الجامعات المغربية إلى مجال للتسابق على المناصب، علينا أن لا نعطي امتيازات مادية ومعنوية كبيرة لهذه المناصب، ونرفع من صلاحيات مجموعات البحث والهياكل الجامعية والمبادرات الفردية.

وبهذا على الأقل نحد من الأطماع المادية ونرفع الحواجز عن المبادرات والإبداعات الصادقة. وبالتأكيد سوف لن يتقدم إلى هذه المناصب الإدارية إلا العاشقون لهذا البلد، ومن لهم رغبة قوية في تحقيق كل الأفكار والإبداعات الجديدة والمشاريع الناجحة التي تصب في مصلحة المغرب و المغاربة.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.