العربية للطيران

هذه الدواعش التي تنتهي !

كنال تطوان / بقلم : د.العمراني عثمان

 نتذكر جميعا حينما كنا في مرحلة التعليم الثانوي، أيام الغزو السوفياتي لأفغانستان، و فورة المجاهدين، و سقوط الطائرات بمقالع حجرية و أسلحة بدائية.

كم كنا أغبياء، أتذكر حينذاك، و نحن في خضم الفورة الحماسية بالجهاد و المجاهدين و اندحار الدب الأحمر، و معها بروز الشيوخ و دعاة السياحة الجهادية، و تنظيم اللقاآت و الأنشطة لتدعيم الجهاد و المجاهدين في كل أصقاع الأرض إلا في فلسطين التي كانت تحاصر، بينما صوت محمد درويش بح من الصياح؛ حاصر حصارك.

كنا نتسائل في ما بيننا خلسة، و نحن نحاول أن نجد تبريرا يعفينا من شر الشك في نوايا الدائرة الكبرى المحركة و المخططة لكل هذا؛ ولماذا فلسطين ليس فيها جهاد؟ ولماذا هذا الحماس المنقطع النظير لتحرير أفغانستان بهذه الطريقة الهستيرية؟

بعدها سيخرج الإتحاد السوفياتي، و بعدها مباشرة ستستعر حرب ضروس بين أباطرة الجهاد، الذين كونوا ميليشيات و أسلحة ضخمة، و سيطروا على مقاطعات شاسعة يقومون بالتحكم في عائداتها. ثم كونوا علاقات جد وثيقة مع الدول التي دعمتهم، و منها الولايات المتحدة الأمريكية التي سنكتشف أنها كانت الحليف الرسمي لأمراء الجهاد و الحرب في أفغانستان، و العقل المدبر بكل أجهزتها الإستخباراتية الجبارة و بالطبع التمويل من الشرق الأوسط.

لن ينتهي المخطط عند إشعال فتيل الحرب الأهلية و الخروج من صراع لآخر، حتى ظهر للعلن فصائل طالبان و سيطرتها، بل و اجتثاتها لفصائل المجاهدين و تحالف (جهرا) هؤلاء الذين كانوا مجاهدين ضد السوفيات، ومن ثم بداية صراع مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية بتحالف عربي غربي لتقوم هذه الأخيرة بالتدخل مباشرة، و بروز القاعدة و ما حصل بعد ذلك فجميع المتتبعين يعرف ذلك.

سيأتي غزو العراق و بعدها الربيع العربي، و ما يسمى التغيير عن طريق الحركات الإسلامية، و ما وازاها ذلك من تفاجئ الشعب العربي من ضعف و ضحالة هاته الأحزاب و الجماعات الإسلامية، التي صمت ٱذاننا و جعلت شعارها الخالد (الحل هو الإسلام) يندثر أثناء تسيير دوالب الدولة، فما استطاعت لذلك سبيلا، و لاتركت الشعب يصنع مصيره بيده.

لن تطول المدة هذه المرة لتبرز في العراق و سوريا، بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها بغزو الأولى و دعم الثانية، ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق و سوريا (داعش) التي ستدشن وجودها بمذابح رهيبة فاقت ما وقع للعباسيين على يد التثار. بل و سنلاحظ، و في خضم التواجد الرهيب للولايات المتحدة في العراق و مراقبتها لسوريا، أن هاته الحركة التي أصبحت دولة تتطور نحو السيطرة التامة ك، و تحارب في ٱن فصائل المقاومة بسوريا، و استعداء الكل في صورة لم نعهدها منذ زمن طويل.

للوهلة الأولى سيتبادر لذهننا، أن داعش تستفيد من غضب المسلمين المناصرين لها، الذين فقدوا التغيير الحقيقي في بلدانهم الأصلية، و بالتالي اختاروا التواجد مع داعش ليس حبا فيها، بل كرها في ما صل إليه الحال مند ما يسمى بالإستقلال الصوري عن المستعمر و الفشل الذريع لفوضى الربيع العربي!. و الحال أن المتتبع لهذه الحركة الدموية، و التي لانجد لها مثيلا في أدبياتنا العربية، اللهم من تشابهها مع المغول في غزوهم لبغداد، أن هناك تواطئ و غض للبصر من نوع ما، حتى تقوم بالدور المناط لها القيام به لتستكمل حلقة كانت بدايتها مع المجاهدي الأفغان( أمراء الحرب)، و هذا ما يدعم فرضية هيلاري كلينتون بأن داعش صناعة أمريكية.

لكن داعش هاته المرة، و على عكس كل فصائل المجاهدين، ستتحول من الداخل لتصبح ماركة مسجلة دوليا، على غرار الشركات المتعددة الجنسيات العابرة للقارات؛ تضرب و تهدد و تسبب في أزمات ستكون عواقبها وخيمة على المجتمع الدولي.

و ستصبح البعبع، و يراد لها أن تصبح بعبعا يستعمله الكل حسب مصلحته، و الحكومات حسب مخططاتها لتمرير قرارات ما كانت لتستطيع تمريرها لولا خدمات داعش المجانية.

ستصبح فرنسا هدفا مشروعا لداعش، و بالفعل فقد ضربت في قلب باريس، و سقط هناك قتلى و حصل رعب شديد، قامت فرنسا معه مباشرة بقصف ما يسمى بمعاقل داعش في سوريا.

ستسقظ فرنسا في فخ داعش، لأنه في اعتقادي، فهذا هو هدف داعش، و في نفس الوقت سيأدي المهاجرين المسلمين، و الفرنسيين المسلمين وخصوصا من أصول مغاربية الثمن، و الثمن دائما باعتبارهم الحاضن الرسمي للجهاديين (حسب فرنسا).

و هذا خطأ ثاني تقع فيه فرنسا، التي لولا هؤلاء المهاجرين المسلمين و تضحياتهم، إبان الحرب العالمية الثانية لأصبحت فرنسا مقاطعةألمانية يتكلم سكانها باللغة الآرية.

داعش ليست وليدة اليوم، و الجهاد أو أمراء الحرب ليسوا و ليدوا اليوم حتى نقوم مذعورين و كأننا سنكتشف الغول لأول مرة و نحن الذي قمنا بخلق، و الغول سيتحول لأغوال، و ستموت داعش لتترك مكانها لمن هو أشد منها دعششة.

قصة فرانكشتاين و الغول لازالت حية تتكرر كل مرة، و هو ما يجب معه أخذ الحذر بشدة لنعيش بسلام في هذا العالم.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.