العربية للطيران

انتخابات طنجة تطوان تعادل فيها ميزان الهيئات السياسية الكلاسيكية والقوة الجديدة

كنال تطوان / و م ع 

لم تفرز نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية بجهة طنجة تطوان ، التي جرت اول امس (الجمعة)، خريطة سياسية جديدة بقدر ما تعادل فيها ميزان تزكية حضور الهيئات السياسية الكلاسيكية وتصاعد قوة اخريات جديدة او ظلت لسنوات طويلة على هامش تدبير الشأن العام المحلي.

فمن جهة كرست هذه الانتخابات بنتائجها، التي لم يتوقعها العديد من المحللين السياسين ومتتبعي الشأن السياسي العام، هيمنة بعض الهيئات السياسية التي اثبتت وجودها في السنوات العشر الاخيرة لاسباب تنظيمية وجيو سياسية وتجاوب ساكنة المنطقة مع خطابها وبرامجها وتبنيها لطروحاتها.

ومن جهة اخرى اثبتت تصاعد قوة هيئات سياسية منها الحديثة النشأة، والتي ما لبتت تفرض وجودها السياسي في فضاء الجهة، الذي كان حكرا في زمن ما على احزاب سياسية بعينها، ومنها القديمة التي استطاعت في السنوات الاخيرة ان تقلب موازين القوى السياسي بالمنطقة رغم مشاركتها في تدبير الشان العام الوطني.

وقد تختلف القراءات والتحليلات حول اسباب تراجع حضور بعض الاحزاب ”الكلاسيكية” (بالمفهوم الزمني للكلمة) بجهة طنجة تطوان وتنامي حضور احزاب “جديدة” واخرى لم تسعفها ارقام النتائج المحلية لسنوات طويلة وظلت على هامش تدبير الشان العام المحلي، الا ان ما يجمع عليه العارفون بخبايا المشهد السياسي الجهوي هو ان الخريطة السياسية بالمنطقة تخلخلت بشكل بين وواضح ومحت من الاذهان  “الهيمنة السياسية لاحزاب بعينها ” ليتوسع بذاك وعاء الحضور الميداني للاحزاب السياسية الجديدة او الصاعدة.

ورغم ان بعض المحللين قد توقعوا قبل الانتخابات الجماعية والجهوية سقوطا مذويا لبعض الاحزاب التي مارست تدبير الشان الحكومي ،الا ان النتائج اثبتت عكس هذه التكهنات وحصلت هذه الاحزاب من خلال النتائج المفرزة على “تزكية سياسية إضافية”، في وقت تراجع حضور بعض احزاب المعارضة البرلمانية الى مستويات لا تشرف تاريخ وماضي بعض هذه الاحزاب التي كانت الى حدود الماضي القريب المهيمنة على المشهد السياسي الجهوي .

واسباب تراجع الاحزاب التي كانت قوية بالامس القريب قد تختلف فيها الاّراء، الا ان ما هو ثابت هو مراهنة هذه الاحزاب على اسماء معروفة لكنها غير ذات حضور سياسي متميز، او مراهنتها على وجوه سياسية شابة ما زالت تبحث عن مكان لها ضمن فضاء المتمرسين السياسيين المحليين، او لأن خطاباتها وبرامجها قد تجاوزها الزمن الحالي الذي لربما لا يعترف الا بالواقعية ومدى امكانية نقل القول الى الفعل او لتبني بعض الهيئات السياسية لخطاب نخبوي”متعالي يقترب من المثالية اكثر منه من الواقع” .

ولا يفوتنا القول ايضا ان نتائج هذه الانتخابات الجماعية والجهوية كرست ايضا مفاهيم قديمة جديدة تتعلق بتصويت بعض الناخبين على بعض الاشخاص بعينهم دون النظر الى لونهم الانتخابي وعلى اختلاف تموقعهم السياسي لاسباب قد يضعها البعض في خانة &”شخصنة الانتخابات ” او في “القبلية الضيقة، والاخر في عدم نضج القاعدة الناخبة سياسيا وعدم اكتراثها للبرامج والخطابات السياسية، او لان تلك الاشخاص كانت قريبة من الناخبين وذات الحضور المتميز وبالتالي ساعدها هذا الحضور على فرض ذاتها السياسية مجددا.

ومع ان الترحال السياسي لم يكن الحدث البارز في فترة ما قبل الانتخابات، الا ان هذه الظاهرة الجديدة القديمة كان لها التاثير البالغ في تصاعد بورصة بعض الاحزاب على حساب أخرى، بعد ان استقطبت اليها اسماء “مجربة ومحنكة في عالم الانتخابات”، واكتسبت بعد سنوات من الممارسة “المناعة السياسية” التي جعلتها دائما حاضرة رغم تقلبات المشهد السياسي الجهوي والمحلي.

ورغم ان الاحزاب السياسية تبنت في السنوات الاخيرة خطابات مدعمة لمقاربة النوع الاجتماعي، الا ان المرأة ليس لها بعد بجهة طنجة تطوان حضورا كميا وازنا، وهي الحقيقة التي أفرزتها نتائج انتخابات الرابع من شتنبر بالجهة، رغم ان هذه المرأة ساهمت بحضورها المتميز خلال الحملة الانتخابية بفوز بعض اللوائح ووصول الخطاب السياسي الى قلب المجتمع عبر عملها الجمعوي الدؤوب والتصاقها بقضايا المجتمع في مختلف تمظهراتها.

كما ان الشباب لم تثبت النتائج حضوره القوي في المشهد السياسي المحلي والجهوي، لاسباب من جهة تتعلق بموقع هؤلاء الشباب في خريطة اهتمام الاحزاب المشاركة في الاستحقاقات، ومن جهة اخرى عدم اقدام الشباب على فرض ذاتهم السياسية او عدم اكتراثهم لما يحيط بهم من عوالم سياسية مختلفة قد تكون مشجعة لهم للانخراط في الممارسة السياسية ضمانا لتجدد النخب والرغبة في ايصال تطلعات ومواقف وآمال الشباب الذين يشكلون القاعدة المجتمعية العريضة.

واذا كانت بعض الاحزاب منتشية بنجاحها وتفوقها في انتخابات الرابع من شتنبر وتعزز موقعها المحلي والجهوي ،فان احزاب اخرى على صعيد جهة طنجة تطوان مطالبة بضخ دماء شابة بها ومراجعة الذات والاعتماد على مناضليها سواء قي الترشح للانتخابات او في قيادة الحملات الانتخابية او في ايصال خطابها الذي يحتاج بدوره الى “نفس جديد” خاصة وانه لازالت تنتظرها استحقاقات قادمة لا تقل اهمية عن الاستحقاقات الجماعية والجهوية.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.