https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

هجرة الأجانب: إكراهات الواقع، تفعيل القانون والملاءمة الحقوقية

الكاتب : محمد لمرابط / كنال تطوان+

إستقبل المغرب خلال سنة 2012 خبيرة وخبراء أمميين دوليين في مجال حقوق الإنسان، يتعلق الأمر بالحقوق الثقافية واللغوية ومناهضة التعذيب وموضوع المناصفة المتعلق بالمرأة، وخلال سنة 2013 سيتعامل أيضا مع إجراءات الأمم المتحدة ذات الصلة بالحق في الصحة والاعتقال التعسفي ومنع الاتجار في البشر، وفي ارتباط بالمحور الأخير المتعدد الأبعاد، تطررح الهجرة الدولية في المغرب والقوانين الوطنية التي تنظمها والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني .

عمل المغرب تحت ضغط الظروف الإقليمية والدولية مع تداخل مجموعة من العوامل والمستجدات الطارئة في مجال الهجرة، على إدخال تعديلات على الترسنة القانونية المنظمة لإقامة الأجانب بالمملكة المغربية في عهد الحماية وخاصة الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 نونبر 1934 المتعلق بضبط شؤون الهجرة إلى المنطقة الغربية بالمغرب، والذي بقي جاريا به العمل إلى حدود 13 نونبر 2003 ، تاريخ تطبيق القانون الجديد المنظم لدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية، القانون 03 – 02 .

والمقصود بالشخص الأجنبي في مدلول القانون المنظم لدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية، كل شخص لايتوفر على الجنسية المغربية، سواء كان حاملا لجنسية دولة أجنبية ما، أوليست له جنسية معروفة، أوتعذر تحديد جنسيته .

وعليه فإن دراسة جميع المقتضيات القانونية المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب بالمغرب سيتم بالاستناد على هذا القانون الذي يتضمن 58 مادة تنظم دخول الأجانب، في الجانب المتعلق بالإقامة، والاقتياد إلى الحدود والطرد والاحتفاظ بالأجنبي بمنطقة الانتظار، وتعالج هذه المواد أيضا العقوبات المطبقة في حالة خرق المقتضيات المتعلقة بالدخول والإقامة والأحكام الزجرية المتعلقة بالهجرة غير المشروعة ( = غير النظامية )، والتساؤل عن شروط دخول الأجانب إلى التراب المغربي ؟ وما هي سلطات الإدارة بهذا الخصوص ؟ وما هي شروط الحصول على سندات الإقامة ؟ .

وبشأن الإقامة المنتظمة والقانونية بالمغرب، ونقيضها المتعلق بعقوبات عدم احترام شروط الدخول والإقامة والهجرة غيرالمشروعة، نقدم ما يلي :

1 –  الاقتياد إلى الحدود حسب قانون 03 . 02 إجراء قانوني تأمر به السلطات الإدارية المختصة بقرار معلل، تنص عليه المادة 21 في الحالات التالية :

 إذا لم يستطع الأجنبي إثبات قانونية دخوله إلى التراب المغربي .

 إذا بقي الأجنبي  داخل التراب المغربي لمدة تفوق مدة صلاحية تأشيرته

 إذا ظل الأجنبي الذي رفض تسليمه سند الإقامة أو تجديدها أوتم سحبها منه، مقيما فوق التراب المغربي مدة تفوق 15 يوما

 إذا صدر في حق الأجنبي حكم نهائي بسبب التزييف والتزوير أوأخذ اسم آخر غير اسمه، أو عدم التوفر على سند الإقامة ……..

– إجراءات الاقتياد إلى الحدود وتنفيذه ، حسب القانون 03 – 02  تتم كالتالي :

o إخبار الأجنبي الذي صدر في حقه قرار الاقتياد، من أجل تمكينه من ممارسة حق الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية التي يتواجد في دائرة ترابها .

 يمكن للأجنبي الاستعانة بمحام يختار من طرفه أو بمترجم، بناء على طلب يقدمه إلى رئيس المحكمة الإدارية .

 إذا قام الأجنبي بطلب إلغاء قرار الاقتياد إلى الحدود الصادر في حقه يتم الاحتفاظ به في أماكن غير تابعة لإدارة السجون طبقا للمادة 34 من القانون 03 . 02

ولكن المشرع المغربي نص على أنه لايمكن تنفيذ قرار الاقتياد وإبعاد شرائح معينة من الأجانب، إذا كان ذلك يؤدي إلى تهديد حياة الأجنبي أو المس بحريته، وهي حالات محصورة :

o الأجنبي الذي اعترفت له الدولة الأجنبية بصفة لاجئ سياسي، أو كان طلبه قيد الدرس أو لم يتخذ فيه قرار.

o المرأة الحامل، بسبب ظروفها الصحية، وتلافيا للانعكاسات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن عملية الترحيل .

o الأجنبي القاصر، الذي يتخوف أن يترتب عن اقتياده للحدود تعرضه للتشرد، وتعريض حياته وصحته للمخاطر .

o إذا ثبت أن الأجننبي ستتعرض حريته وحياته للتهديد، أو أنه سيتعرض لمعاملات قاسية، لا إنسانية ومهينة .

2 -الإجراء الثاني : الـــــــــــطــــرد :

إ جراء الطرد تلجأ إليه السلطات الإدارية المختصة في مواجهة الأجنبي، ويختلف عن إجراء الاقتياد إلى الحدود، لأن الأسباب التي تدعو إليه ترتبط بصفة عامة بحفظ النظام العام حسب المادة 27 من القانون المذكور، وتتلخص الأسباب التي تبرر للسلطة هذا الإجراء في الآتي :

 الأسباب السياسية

 الأسباب الاجتماعية والأخلاقية

 الأسباب الصحية

غير أن هناك أشخاص لا يمكن اتخاذ قرار الطرد في حقهم، ويتعلق الأمر بالفئات التالية :

 الأجنبي الذي يقيم بصفة اعتيادية فوق التراب المغربي لمدة تزيد عن 15 سنة

 الأجنبي الذي أقام إقامة قانونية لمدة عشر سنوات إلا إذا كان ينتمي لفئة الطلبة فالمدة يجب أن تصل إلى 15 سنة، وإذا لم ينتم لفئة الطلبة، فيجب أن لا يكون قد تعرض لعقوبة حبسية تقل عن سنة واحدة .

 الأجنبي الذي تربطه علاقة الزوجية بمواطن مغربي منذ سنة واحدة على الأقل، أو أن يكون أبا أو أما لطفل مقيم فوق التراب المغربي ومكتسبا للجنسية المغربية طبقا للفصل 9 من قانون الجنسية .

ونص القانون من جانب آخر على أن الأجنبي غير المرخص له بدخول التراب المغربي يحتفظ به في أماكن غير تابعة لإدارة السجون، وحدد القانون منطقة الانتظار في الميناء أو المطار، ونص القانون على أن فترة الاحتفاظ بالأجنبي بمنطقة الانتظار، لا يمكن أن تتجاوز 48 ساعة بقرار كتابي معلل من الإدارة مع تبليغه فورا إلى علم وكيل الملك المختص، ويمكن تجديد ذلك وفق نفس الشروط ونفس المدة، ولا يمكن قانونا أن تتجاوز الفترة ثمانية أيام بمنطقة الانتظار بترخيص من رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات بناء على طلب السلطة الإدارية المختصة، وعند انتهاء هذه المدة، وفي حالة عدم التمديد، يمكنه أن يسوي وضعيته بتأشيرة محددة خلال ثمانية أيام، أو يحصل على رخصة مؤقتة للإقامة أو على وصل لطلب بطاقة التسجيل .

3- كما تضمنت عدة قوانين وطنية، الإشارة إلى عدد من التدابير الإجرائية التي تطبق لصالح أو في حق الأجانب الموجودين بالمغرب، منها القانون الجنائي، مدونة الشغل، قوانين الأسرة، قانون الجنسية .

 الأحكام الزجرية المتعلقة بالهجرة القسرية وغير النظامية التي لا تحترم شروط الدخول والإقامة بالمغرب يعاقب عليها القانون المغربي بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 294 من القانون الجنائي .

 تشغيل الأجراء الأجانب بالمغرب تنطبق عليها مقتضيات مدونة الشغل المغربية من المواد : 516 –  517 – 518 – 519 – 520 – 521 .

 وقع المغرب مع مجموعة من الدول عددا هاما من الاتفاقيات الثنائية بشأن حقوق الطفل المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة والحضانة وحق الزيارة وإرجاع الأطفال .

 تضمن قانون الجنسية المغربي عدة مجالات هامة يسمح بموجبها للأجانب بحقهم في الحصول على الجنسية المغربية سواء منذ الولادة، أو في الحالات الأخرى ….

4 – ولابد من الإشارة في هذا الصدد، إلى أن التزامات المغرب الدولية والاتفاقيات التي صادق عليها تفرضان عليه بشكل مستمر واجب ملاءمة هذه المقتضيات الدولية مع التشريعات والأحكام الوطنية، وتلزمه أن يراعي كلا من:

 الاتفاقيات الدولية و لاسيما منها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والتأكيد على أهمية المبادئ الواردة في اتفاقية مناهضة التمييز في ميدان التعليم، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية المبرمة مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بشأن ظروف الحرب والاقتتالات الأهلية والاستبداد والمجاعة، وما ينجم عنها من نزوحات وتدفقات للمهاجرات والمهاجرين .

 بالإضافة إلى الملاءمة مع الأوفاق الدولية ذات الصلة بالهجرة، يستلزم الأمر الاهتمام بآليات الأمم المتحدة التعاقدية والأجهزة المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية من أجل وضع حماية هذه الفئة موضع التنفيذ، من خلال المجموعتين اللتين تتفرعان عن الآليات التعاقدية .

 التعامل الإيجابي مع برامج وأجهزة ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة التي تتعامل مع القانون الدولي لحقوق الإنسان،وتطرح بجدية ضمن اهتماماتها موضوع الهجرة والمهاجرين، مثل : ( مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان – منظمة اليونسكو – منظمة العمل الدولية – منظمة الصحة العالمية – صندوق الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسيف ” …. )

 الالتزام بآلية مجلس حقوق الإنسان في مجال الاستعراض الدوري الشامل خاصة على مستوى الأهداف التي ترمي إلى تحسين حالة الإنسان على أرض الواقع، والنهوض بقدرة الدولة والمساعدة التقنية المقدمة لها، وتبادل أفضل الممارسات فيما بين الدول والجهات الأخرى والوفاء بالتزامات الدولة وتعهداتها الحقوقية، وتقييم التطورات الإيجابية والتحديات التي تواجهها الدولة .

 وجوب مراجعة بعض مقتضيات القانون الجنائي المغربي، وملاءمته لمبدأ مكافحة الكراهية والميز والعنف، خاصة وأن الدستور المغربي الجديد تبنى في محتوياته قيما إنسانية وحقوقية سامية مضادة للسلوكات المشار إليها، ولا يخفى أن بعض مقتضيات هذا القانون قد تم تعديلها بمقتضى مشاريع قوانين صادق عليها البرلمان المغربي تتعلق بتعديل بعض الفصول أو تجريم بعض الأفعال .

 يستلزم الوضع بالنسبة للأجانب أثناء تواجدهم بمنطقة الانتظار أن يتمتعوا بحقوقهم الإنسانية المكفولة لهم بالقانون، وبمقتضى المواثيق الدولية من حيث وجود مكان أو أكثر مهيأ للإيواء ومجهز بالخدمات الضرورية، واستفادتهم من الحماية الجنائية والاجتماعية والمدنية والحريات العامة المرتبطة بمجموع الحقوق والحريات الفردية والجماعية التي تعترف بها الدولة، كالتمتع بحرية السكن وحرية التنقل وحرية التفكير والاتصال بالغير .

وختاما، ومن أجل الحقيقة، فإنه لايمكن اعتبار الهجرة جريمة استثنائية ، بل هي ظاهرة إنسانية كونية ، لها جذورها وأسبابها العميقة، فقط يجب أن نراعي فيها المصلحة العليا للبلد وإمكاناته، وتوفير حقوق الإنسان الأساسية للمهاجرين، في حين أن الإجرام في هذا الصدد نطلقه على شبكات المافيا والعصابات التي تستفيد من هذه المأساة وتتاجر في البشرة و أوضاع المهاجرين القاسية .

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.