https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

حافلات من “عصر هتلر” تنقل الناس بين طنجة وتطوان

كنال تطوان / طنجة 24 – محمد سعيد أرباط

 بين طنجة وتطوان حركة دؤوبة يقوم بها المئات من المسافرين بين المدينتين ووسيلة نقلهم الأولى هي الحافلات التي تنطلق من وإلى المحطتين بين ساعة وأخرى.

هذه الحركية الدائمة والقائمة بين طنجة وتطوان أصحابها موظفون وعمال بالدرجة الأولى أجبرتهم لقمة العيش على هذا التنقل اليومي. وبما أن هذه الفئة غالبا ما تكون مشاكلها متعلقة بظروف العمل أو الأجر فإن هذه المرة مشكلتها مختلفة، وتتعلق بالحافلات التي يتخذونها كوسيلة للتنقل.

في هذا الربورطاج نركب إحدى الحافلات نحو تطوان رفقة (رضوان،ش) الذي ينتقل كل يوم بين طنجة وتطوان حيث يقطن في الأولى ويعمل في الثانية ويكشف لنا جملة من المشاكل المتعلقة بنوع “خاص” من هذه الحافلات.

حافلات “كتعقل على الأيام دهتلر”

وأنت في محطة طنجة أو محطة تطوان ترى مجموعة من هذه الحافلات. رؤية واحدة عن بعد تكفي لتعرف أنها حافلات هي أقرب من خردة حديدية من وسيلة نقل تنقل الناس كل يوم.

يقول رضوان “الكيران لكيخدموا ما بين طنجة وتطوان تلاتة منهم لي مزيانين الباقي كاملين حالتهم حالة”. وبالتالي فإن التنقل اليومي في هذه الحافلات هو معاناة حقيقية لا يعلم حقيقتها إلا من يعيشها، فهذه الحافلات تجعل الرحلة غيرة مريحة اطلاقا رغم أن المسافة لا تزيد عن ساعة من الزمن.

وهذه المعاناة تزداد كثيرا مع الظروف المناخية الصعبة، مثل فصل الشتاء عندما تنهمر الأمطار أو في فصل الصيف عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة فهذه الحافلات غير مقاومة لأي عامل مناخي لأنها مجرد خردة قديمة “كتعقل على الايام د هتلر” كما يصفها رضوان ساخرا.

الكرسي ولا شيء غيره

يقول رضوان أن المسافر في هذه الحافلات لا يملك إلا ذلك الكرسي الذي يجلس عليه وكفى, فجميع أجهزة الحافلة مخربة أو ربما كانت كذلك منذ البداية.

التلفاز يزين مقدمة أغلب هذه الحافلات لكن ” عمري فحياتي شفت شي تلفزة خدامة فشي كار مغربي” يعلق صاحبنا. أما الأجهزة التي تقبع فوق رأس المسافر والتي تعمل كمبردات في أيام الحارة أو العكس، فإنها لا تعمل أيضا، بل أن بعضهم لا يعرف مهمتها أصلا.

وحتى المصابيح الصغيرة التي يمكن أن تتحكم فيها حسب هواك وتقع في سقف الكرسي الخاص بك، هي أيضا لا تعمل، وبالتالي لا يجب أن تنزعج إذا كنت راكبا هذه الحافلات ليلا وأطفأ السائق المصابيح وأنت تقرأ جريدة أو كتابا.

أما نوافذ الإغاثة فحالتها حالتين، فإما أن تجد الواحدة منها مفتوحة لا تريد أن تُغلق، أو تجدها مغلقة ولا تريد أن تُفتح، وبالتالي فكل ما في استطاعتك هو أن يكون حظك حسنا ويتوافق مع هوى النافذة.

وبالنسب للكراسي التي هي كل ما تملكه هذه الحافلات، هي نفسها مشكلة في بعض الأحيان، فقد تجد وضعها غير سوي، أو غير ثابتة، وفي أحيان أخرى تجد أن كراسي بعض هذه الحافلات قريبة من بعضها البعض فتجلس جلسة أشبه بجلسة القرفصاء، في حين أن الشخص الذي يفوق طوله 180 سنتميترا لا يمكنه أن يجلس عليها. لكن المشاكل لا تقف عند هذا الحد يعلن رضوان.

 مشاكل اخرى

يقول رضوان كاشفا عن مشاكل أخرى، في فصل الشتاء عندما تسقط الأمطار فإن ركوب هذه الحافلات لا يجنبك البلل. إذ أن أغلبها تتسرب إليها مياه الأمطار عبر شقوق النوافذ الزجاجية أو سطحها. وبالتالي فالمسافر يكون عرضة لهذا المشكل، خاصة أولئك الذين يجلسون على الكراسي المحاذية للنوافذ الزجاجية.

أما في فصل الصيف عندما تشتد الحرارة فإن تلك قصة أخرى ” ها الايام د الحرارة قربت وأجي تفرج أخاي، الروايح أنواع و ألوان” فدرجة الحرارة عندما ترتفع في الأيام المشمسة لا ترتفع وحدها بل ترتفع معها روائح عديدة داخل هذه الحافلات.

وبما أن الحافلة من هذا النوع نادرا ما يتم تنظيفها فإن رائحتها النتنة تلتقي بك عندما تضع رجلك الأولى داخلها، فتقضي رحلتك -التي تصبح طويلة- مخنوقا تبحث عن هواء نقي أو رائحة عطر نفاثة تريح بها صدرك وصبرك قليلا. هذا دون ذكر للروائح التي يكون مصدرها بني جنسك من البشر كالقيء والعرق.

لكن أهم مشكل يبقى هو درجة الحرارة نفسها، فالأجهزة التي كان من المفروض أن تعمل كمبردات أو ملطفات لدرجة حرارة الجو لا تعمل ولهذا فإن المعاناة لا تنتهي حتى تنتهي أيام الحرارة.

أثمنة متساوية والخدمات مختلفة

الغريب في الأمر يقول رضوان أن أثمنة التذاكر لهذه الحافلات أصبحت مؤخرا متساوية مع أثمنة التذاكر بالنسبة للحافلات الجيدة رغم أن الفرق بينهما واضح.

ولا يعرف هو وغيره من المواطنين الذين ينتقلون كل يوم بين طنجة وتطوان لماذا هذه الزيادة غير المفهومة، هل هي زيادة بسند قانوني أم أنها مجرد سرقة من طرف العاملين بشبابيك التذاكر في كلا المحطتين. وهو سؤال من العديد من الأسئلة التي تُطرح على الخروقات الكثيرة التي تعرفها محطة طنجة وكذا محطة تطوان.

للمسافرين آراء

“كنحشم من راسي ملي كانشوف شي كاوري جلس فهاد العفن” هكذا صرح أحد المسافرين معبرا عن حسرته كلما شاهد أجنبيا يركب هذا النوع من الحافلات مؤكدا أنها تشوه صورة المغرب بطريقة مخجلة.

ويقول أخر بأن هذه الحافلات ليست حافلات من صنع شاركات حقيقية بل تم تركيب أجزائها من هنا وهناك في الدار البيضاء ويضيفون إليها المحرك ثم ” يعطيو لعباد الله يركبو وهما يربحو الفلوس بلا حتى شي خسارة”.

مسافر أخر كان له رأيا مختلفا ” حنا المغاربة اخاي مهمجين بنادم كايطلع لكار وياكل الزريع ويرمي الزبل حشاك، وملي كيتقي (التقيء) مكيطلب البلاستيكة حتى كايكون فات الفوت، وشلا عجب اخر، هذا علاش صحاب الكيران مكايبغويش يصلحوهم”.

وصلت “الحافلة” إلى محطة تطوان وانتهت رحلتنا، والخلاصة هي أن هذه الحافلات لا تصلح مطلقا أن تكون وسيلة النقل الرئيسية لهذه الحركية الدؤوبة القائمة بين طنجة وتطوان، كما أنها لا تخدم القطاع السياحي لهذه الجهة التي تعد نقطة عبور مهمة للسياح. ولا يبدو في الافق أي اهتمام بهذا الامر بل أن المسؤولين ربما لا يعرفون بهذه المشكلة كما صرح أحد المسافرين الذي أضاف منهيا كلامه بطريقة حالمة “أنا كنحلم نرجعو شي نهار فحال أوربا تركب الكار فشتا تلقاه سخون ودافي تركبو فالصيف تلقاه مبرد والجلسة فيه مريحة”.

رأي واحد حول “حافلات من “عصر هتلر” تنقل الناس بين طنجة وتطوان”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.