https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

العثماني .. السياسي الفقيه الذي خذلته رياح “الخريف العربي”

كنال تطوان / هس. ب ـ عبد المغيث جبران

خلق الحدث وهو عضو في النسخة الأولى من الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، والتي تم تعيينها في 3 يناير عام 2012، شهورا قليلة بعد اندلاع الاحتجاجات في العديد من مناطق البلاد جسدتها حركة 20 فبراير، وأفضت إلى الانتخابات التشريعية في 25 نونبر من 2011.

وخلق الحدث أيضا يوم 10 أكتوبر من سنة 2013، عندما غاب اسمه من لائحة الوزراء في النسخة الثانية من الحكومة التي يترأسها “أخوه” في حزب “المصباح”، عبد الإله بنكيران، حيث تضاربت التعليقات والتخمينات حينها ولا زالت حول الأسباب التي دفعت بالتضحية بهذا الوزير.

إنه الدكتور سعد الدين العثماني، الذي شغل الطبقة السياسية بالمغرب عندما كان وزيرا للخارجية والتعاون في النسخة الأولى من الحكومة التي كانت تضم حزب الاستقلال، مثلما شغلها عندما وجد نفسه خارج حسابات بنكيران، في النسخة الثانية عندما التحق “الأحرار” بها عوض الاستقلال.

بين الربيع والخريف

سنة واحدة وتسعة أشهر وسبعة أيام، لعلها المدة الأقصر لوزير خارجية في تاريخ المغرب، تلك التي قضاها العثماني، بعد أن حملته نسائم “الربيع العربي” التي شهدتها بعض البلاد العربية، وأدت إلى سقوط أنظمة تونس ومصر وليبيا، فيما أفضت إلى إصلاحات دستورية وسياسية بالمغرب.

ومثلما حملته نسائم “الربيع العربي”، الذي اتسم بانتفاضات بعض شعوب المنطقة طلبا للحرية والكرامة، خذلته رياح “الخريف العربي” التي أسقطت حسابات الإسلام السياسي في بعض بلدان الحراك، وأولها مصر بتهاوي جماعة الإخوان من الحكم، فدفعته تلك الرياح بعيدا خارج الحكومة المغربية.

انتخابات 25 نونبر، التي مرت عليها ثلاث سنوات بالتمام والكمال، وجاءت بحكومة نصف ملتحية ضمت بين دفيتها كرسيا وزرايا للعثماني، أتت في سياق جيوسياسي استثنائي في المنطقة العربية، وهو ما دفع النظام للتجاوب بطريقته مع تلك التحولات، أفرزت تشكيلة حكومية بوجوه إسلامية.

ويرى مراقبون أن الاستغناء عن العثماني وزيرا للخارجية لم يأت أبدا من أخطاء قد يكون ارتكبها السياسي الفقيه، بقدر ما أن ذات المرحلة التي حملته إلى منصبه الحكومي الرفيع هي التي دفعت الماسكين بزمام الأمور في البلاد إلى استبعاده كوزير للخارجية، الذي يعتبر المرآة الدبلوماسية لكل بلد.

الاستغناء عن فقيه السياسة

وبحسب محللين كثر تابعوا مسار الرجل، الذي يُنعت بالنزيه، على رأس الدبلوماسية المغربية، فإن ضغوطات يكون قد تعرض لها رئيس الحكومة أثناء تشكيل النسخة الثانية من حكومته، بعيد انسحاب حزب الاستقلال، حتى يزيح وزيرا إسلاميا من واجهة الدبلوماسية المغربية.

بنكيران لم يُفصح في تلك الأيام، عن أية ضغوطات، وإن لمح لذلك في تصريحات صحفية قال فيها إن مغادرة العثماني للحكومة كانت “مؤلمة” لحزب العدالة والتنمية، مؤكدا أن “العثماني يحظى بالاحترام والتقدير، واسمه لم يكن مطروحا بتاتا لمغادرة الحكومة”.

وبعد أن تم الاتفاق على مغادرة العثماني لمنصب وزير الخارجية، اقترح عليه بنكيران منصبا آخر من باب الترضية، غير أنه يبدو أن أنفة الرجل لم تسمح له بذلك، كما أن رئيس الحكومة بدوره أقر بهذا المعطى “ليس من الطبيعي أن يأتي العثماني في مرتبة أقل من مرتبة وزير الخارجية”.

ويتذكر الكثيرون أن العثماني بدأ مساره وزيرا للخارجية بحماس كبير، بدا أحيانا كأنه قد تجاوز صاحبه، فيما أعاب عليه البعض “نيته الحسنة” التي لا توافق خبث السياسة ومراوغات السياسيين، ومن ذلك زيارته في بداية ولايته الحكومية للجزائر، وكانت أول زيارة لوزير خارجية المغرب للجزائر منذ 2003.

ويُحسب للعثماني، أيام كان رئيسا لدبلوماسية المملكة، أنه اقتحم قلعة جبهة البوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي، بفضل حركيته وأنشطته ولقاءاته مع مسؤولين أفارقة، وهو ما لم يرق للمخابرات العسكرية الجزائرية، كما بصم على أول زيارة لوزير خارجية لتركيا منذ ربع قرن.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.