https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

للمعاناة عنوان … بين أزقة تطوان !

كنال تطوان / الكاتب : عبد السلام إفروان.

كان الطقس ربيعيا، إلا أن الرياح كانت شديدة و بدا الجو خانقا ذو رائحة دخانية كدرة،الزحام شديد في شوارع تطوان و خصوصا الطريق المؤدية إلى شارع محمد الخامس،حيث ينشط أصحاب رياضة اﻷصابع بكثافة على مرءى الكل..المقاهي مملوءة عن آخرها..أخذت مكانا منزويا “بمقهى الفدان” حاولت أن أطلب قهوتي المعتادة،لكن إجابة الناذل تلاشت في هدير أصوات الزبائن..جلس بجانبي زبونا أشعل أرذل أنواع السجائر،فغيرت مكاني و سعالي يتلاحق مع أنفاسي المتقطعة..عيناي تتوزع بين الشارع و الناس و الباعة المتجولين،أرقب مرورها،شعرت أنني كإناء مثقوب يستنزف الإنتظار صبري.. و فجأة لمحتها ..كانت تنظر إلي من بعيد و في عينيها نصف رغبة في الحديث،بقيت في مكاني واجما أتتبع خطواتها حتى توارت عن اﻷنظار،أذكر تماما يوم أن رأيتها تمر قرب “سيدي علي بن ريسون” لم أنم ليلتها و أنا أسترجع تلك الإبتسامة التي خصتني بها دون أي مقدمات..طوقتها بنظراتي متفرسا ملامحها الأندلسية..تركت شعرها اﻷسود ينسدل على كتفيها..نفذ عطرها الى خياشمي..وعيناها الملونة جعلتني استحضر قول الشاعر: (حبيبتي طاغية الجمال خضراء العيون..تعلم أني بها مفتون،حالي عجيب و الناس من حولي حائرون..هل نهاية هذا الحب الجنون؟). تركتني فاغرا فاهي وامتدت يدي إلى علبة السجائر في غفلة مني،حينها تمنيت أن تقف عقارب الساعة..كنت أبحث عن لحظة خالدة،فسألت القابع في صدري:ماذا بك؟ماذا بعد؟فتذكرت حينها أنني أقف على أعتاب عامي السابع بعد العشرين،ليس في حياتي مايميزها أو يميزني عن الآخرين..بل أكاد أكون صورة كربونية لشاب في سني..هيكل أجوف.. قتله الملل و الفراغ ..فعزمت أن أروض قلبي و أرغمه على الصمت قبل أن يذلني..

تركت المقهى عائدا أدراجي إلى “سبعة لواوي” حيث أسكن بغرفة استأجرتها من أم فؤاد بعد أن اقتطعتها من بيتها،كانت غرفة عجيبة فبعد أن أغلق الباب أصير وحيدا في الظلام كأنني في زنزانة بسجن انفرادي،من المتعذر أن أرى شيئا،مع مرور اﻷيام تحول الظلام لصديق أتقاسم معه الوقت،وهكذا تكيفت عيناي على العتمة. يأخذ نصف مساحة الغرفة سرير معدني عليه استقرت بطانية واحدة كان علي إما ان أجعلها غطائي أو فراشي،وضعت رأسي على سروالي الذي استعملته كوسادة وقلت لنفسي ليس السرير الوثير الذي يوفر نوما هادئا..لم أستطع إغماض عيني،فجلست على طرف السرير أحدق في عتمة الظلام أترقب طلوع الصباح من ثقب صغير في الحائط المقابل حيث يتسرب ضوء ضئيل يخفف حدة الظلام،فذلك الكم من الضوء يعادل كمية الأمل بداخلي..

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.