https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

هكذا وقفت إسبانيا وراء صنع دميَة اسمها “البوليساريو”

استطاع المغرب في السبعينات من القرن الماضي تحرير الصحراء من الاحتلال الإسباني، لكن هذا الأخير لم يبرح أراضيها إلا بعد أن دق على حائطها مسمار جحا.

عندما اقترب المغرب من استرجاع صحرائه من الاستعمار الاسباني ثارت ثائرة كل من اسبانيا والجزائر لأن إرادتهما التقت في عدم استرجاع المغرب لأراضيه. فاسبانيا لم تستسغ الخروج من الصحراء والجزائر تمني النفس بالتوسع على حساب الجنوب المغربي. هكذا بدأ التنسيق بشكل جدي بين الدولتين عند زيارة وزير خارجية إسبانيا للجزائر “لوبيز برافو” في فبراير من سنة 1972، وزيارة وزيرة خارجية الجزائر بوتفليقة لمدريد في يونيو من نفس السنة.

عقب هذه الزيارة بدأ الوزير الجزائري يصرح بأن الحل العادل والنهائي لمشكل الصحراء لن يتم إلا بـ”تقرير المصير” وهي نفس العبارة التي تداولتها الصحافة الإسبانية آنذاك.

خطة الاستقطاب

كان هناك جماعة من الشباب العديد منهم درسوا في المدارس الثانوية في المغرب.. كان أبرزهم الولي بن مصطفى من “ركيبات الغرب”.. ودأب الولي على التنقل بين بعض دول أوربا الغربية سنة 1971.. ويذكر عبد الكريم غلاب في كتاب “الحركة الوطنية” أن من بين الأسباب التي جعلت الولي ناقما على المغرب المضايقات التي تعرض لها رفقة العديد من الطلبة المغاربة نظرا لافكارهم الثورية.

كان للولي أفكار يسارية ثورية وكان يبحث عن مستقر لهذه الأفكار، وهو ما وفرته له الجزائر صيف سنة 1972. لقد كثفت الاستعلامات الجزائرية من عملها من أجل استقطاب بعض الشباب الناقمين عن الأوضاع في بعض الدول الإفريقية. فالتجأ لها بعض الشباب المغاربة بدعوى أنهم معارضون. وكانت غاية النظام الجزائري من هذا الاستقطاب هو تأطير الشباب واستخدامه، عندما يلزم الأمر، في تهديد أي بلد لا يسير في نفس توجهات الجارة الشرقية للمغرب.

كان الولي من من بين الطلبة الذين استطاعت الجزائر أن تستقطبهم. في صيف سنة 1973 أرسلوا به إلى تندوف. وهناك وجد الكوماندان داريا وهوفمان وعبد القادر الزرقيني. وهؤلاء هم الثالوث المهتم بالعلاقات مع المغرب وهم الذين رسموا له الخطة التي ينبغي سلكها لتأكيد عدم مغربية الصحراء. كانت الجزائر تضع الخطط وتنفذها على الميدان في انسجام تام مع اسبانيا، لأنها واثقة من أن تثبيت فكرة عدم مغربية الصحراء لا يتم إلا بالتنسيق مع اسبانيا ومساعدتها. من جهتها كانت إسبانيا في حاجة إلى من يساعدها على تحقيق مبتغاها: وهو منح “حكم ذاتي” للصحراء على أن تبقى مرتبطة بإسبانيا.

يقول عبد الكريم غلاب أن إسبانيا لا يمكن أن تحقق هذا الهدف ما لم تستبعد المغرب من أن يسترجع صحرائه. وهي في ذلك لا تستطيع، حسب غلاب، أن تعتمد على السكان الذين تعرف تعلقهم بالمغرب، ولا على بعض المتحمسين الذين بدأوا يبدون رغبتهم في فصل الصحراء بإيحاء من إسبانيا وكان القاسم المشترك بينهم وبين المتعلقين بمغربية الصحراء هو كرههم للاستعمار الاسباني. لذلك كانت الدبلوماسية الإسبانية تستغل الموقف الجزائري لتسخير صوت الجزائر في سبيل إبعاد المغرب من الميدان وتكوين دولة ستعرف هي كيف ستجعلها مرتبطة بإسبانيا.

إسبانيا تصنع الجبهة

أخيرا اتجهت إسبانيا إلى الإيحاء لمجموعة من الشباب الناقمين على الأوضاع في المغرب، لتكون منهم ما سمي بجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “البوليساريو” . بدأ عمل هذه المجموعة يستمد الشرعية الإدارية من إسبانيا التي كونت هذا الكيان. أما التوجيه والتمويل والتجهيز ثم التسليح فكان من الجزائر. وكان الولي صلة الوصل بين الجماعة التي كونتها إسبانيا والنظام الجزائري.

كانت إحدى سبل الجزائر لفصل المغرب عن صحرائه دعم مجموعة من الشباب الذين أخذوا يترددون بين مدينة العيون وتندوف، وكانت اسبانيا كذلك تساعدهم على الحركة والنشاط والتأهب. لكن الجزائر رسمت لهذه المجوعة خطة تعتمد على ثلاث مقومات: أولها: الإلتحام باليسار المغربي للحصول على التأييد نظرا لاشتراكهما في الإيديولوجية. وفعلا كانت بعض المنظمات الطلابية تؤيد كل حركة تمردية على النظام. أما ثاني هذه المقومات التي اعتمدتها خطة الجزائر فكان: التحام المتعاونين هؤلاء داخل الصحراء بالضباط ورجال الكنيسة. وعلى هؤلاء أن يقوموا بدورهم في تمتين الصلة بين الانفصاليين والنظام الإسباني. أما المقوم الثالث لهذه الخطة فتمثل ضمن: استقطاب الطلبة الصحراويين في الجامعات وتمتين الصلة بهم، ومساعدة بعضهم بالمال وتذليل الصعوبات أمامهم ومن ثمة السيطرة عليهم وتوجيههم.

كان الشعار الذي يردده أنصار “البوليساريو” هو “تقرير المصير” انطلاقا من قرار الأمم المتحدة.. لكن الجزائر وإسبانيا تلاعبتا به حيث أعطي من كل منهما المعنى الذي يراد له.. لذلك أضافت إليه “البوليساريو” بتعليمات من الجزائر كلمة ” الاستقلال” ليصبح الشعار: “تقرير المصير والاستقلال”.

في الوقت الذي كانت فيه إسبانيا تسعى وتخطط لتكوين كيان ناتج عن “تقرير المصير” مرتبط بها، كانت الجزائر هي الاخرى تسعى إلى تحقيق نفس الهدف على أساس أن يكون هذا الكيان غير مفارق لها.. واعتُمد في تحقيق هذا الهدف على ثلاثة محاور: خروج إسبانيا من الصحراء، إبعاد الصحراء عن العودة إلى الوطن الأب، ثم الارتباط مع الجزائر بالطريقة التي تمكنها من السيطرة على هذا الكيان.

اختراق الإدارة

أثناء مرحلة تكوين شباب الكيان الوهمي ” البوليساريو” عملت الجزائر على أن يظلوا مرتبطين بالحكم الإداري المغربي. وقد استغلوا هذا الارتباط في استقطاب المزيد من الطلبة الصحراويين إلى صفوفهم.. فكانوا يقومون بالوشاية ضد الطلبة الذين لا يتبعون توجيهاتهم، فكان النظام الإداري ينتقم منهم رغم تشبثهم بمغربيتهم، لا لشيء إلاّ لأنه مضلل بالولي وجماعته. لذلك اصطف العديد من الطلبة في صف الإنفصاليين اتقاء لشر الولي. وفي ظل استمرار دعم الحكومة الجزائرية للبوليساريو، استطاعت مجموعة الإنفصاليين التسلل إلى تندوف ومنها إلى موريتانيا، وفتحت حكومة ولد دادة في نواكشوط، تحت ضغط الجزائر، أراضيها وأجهزتها الإعلامية للتنظيم الانفصالي.

كان تأطير الجارة الشرقية للبوليساريو محكما، حيث لم تكن التعبئة بشرية فقط، بل تخطتها للتنظيم والتجنيد وتدريب. وقد وفرت الجزائر أساتذة من مختلف البلدان الاشتراكية لتكوين الانفصاليين إيديولوجيا وحثهم على العداء للنظام المغربي والثورة عليه. ناهيك عن توفير بعض التقنيين من المحاربين لتدريب الشباب الانفصالي على استخدام الأسلحة السوفياتية. ثم جماعة من المقاتلين منهم المتطوعون ومنهم المرتزقة الذين فروا من الجوع في مناطق القحط ليبيعوا أرواحهم في سوق القتال.

وقبل هذا التأطير كانت الجزائر قد عبأت بعض الشباب المغاربة والموريتانيين وحتى الصحراويين الجزائريين والماليين وضمتهم إلى البوليزاريو، بعد أن أنشأت لهم مخيمات في ضواحي تندوف، قرب “مغارة جبيلات”.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.