https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

في المقهى … !

كنال تطوان / بقلم : ذ : عبد السلام افروان

في الزقاق الضيق على كراسي مقهى خلف اسوار تطوان العتيقة رجال جالسون في صمت لا تدركهم الا خيوط رقيقة من أشعة الشمس..يحدقون في الأشياء طويلا و أحيانا يحطون بأنظارهم على الطاولة الخشبية المتآكلة،قد يحدث أن يحركوا ذراعهم قصد طرد ذبابة فقط..ينحط النظر من جديد على الطاولة ثم يتلاشى في ضباب فكرة ما،الجسم مسترخ،رجال نحتت التجاعيد طريقها على وجوههم و عيونهم أصبحت مرافئ للذباب..أشلاء بشرية،عظام نخرة،أفكاك دون أسنان..شباب مغلفون بالكهولة تعبث بهم المخدرات،يتجرعون مرارة كأس البطالة و الفقر و البؤس ..شباب مضروبة عليهم أسوار التعتيم و التجهيل. الشارع خال الا من بعض المارة الذين يتبضعون و الزبائن منتشرين على كراسي المقهى يدخنون الكيف بشراهة،يحشى السبسي بالسبابة و يضغط على الكيف ثم يشعلة و يعب منه النفس الأول و الثاني ثم يسلم السبسي لمن بجواره..تضيع الذبابة في دخان الكيف ثم تطير. الكل يشاهد التلفاز،قنوات اخبارية ترصد ما يجري في العالم ..نفس آخر يعقبه النقاش في السياسة و الثقافة و الدين..تتعلق النحلة بكأس الشاي البارد في اللحظة التي تلقي بمراشفها في الشاي تنزلق في المساحة المحلاة،تحاول النحلة أن تطير لكنها تركت نفسها تتأرجح على ورقة النعناع..الزبائن يغتالون وقت زمنهم المغصوب..زحام في الرأس،المستقبل،العمل،الزوجة،الأولاد؟!!بين الحقيقة و الحلم يشرد الذهن،تنام الذاكرة فيخيم التقطيب على الوجوه التي يتخللها بين الحين و الآخر ضحكة رمادية..تموت النحلة ببطئ في كأس و تهب ريح تبعد الذبابة .

امام هذا الوضع المؤسف أستحضر أشياء كثيرة،كفانا من تدبيج الخطب الرنانة و رفع الشعارات الفضفاضة،لا تشيدوا لنا قصورا من الرمال..

3 رأي حول “في المقهى … !”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.