https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

نقطة مادة التربية البدنية ومحيطها تحث المجهر

كنال تطوان / بقلم : ذ. الحسن تسـتاوت

هذا هو حال أغلبية ، إن لم أقل كـــل ، المؤسسات التعليمية الإبتدائية بالمغرب . إذ لا توجد بها ملاعب رياضية . حتى وإن وُجدت فهي في حالة يُرثى لها أولا تـُستغل لأنه لا وُجود لأساتذة متخصصون في المادة . ولا تلقن المادة كمادة تَعـلُّمِيَّة . ومع ذلك تمنح للتلميذ نقطة التربية البدنية .
فهل هذا منطقي ؟ ومن خلال هذا الوضع تطرح أسئلة نفسها وهي كالتالي :
ـــ على أي مقياس توضع هذه الإتـــاوة ؟
ـــ هل توضع النقطة بالتساوي بين التلاميذ أم تبقى حسب مزاج واضعها. مستندا على مشاركة التلميذ أو عدمه في القسم .أو على علاقته به أو بأسرته ؟

وفي كل هذه الحالات لا تكون العملية مُنصفة ، ولا علاقة لها بالمنطق أو التربية .فالأسباب التالية تلقي الضوء على الأجوبة :
*تكون غير منصفة إذا وُضِعت حسب مزاج واضعها. بغض النظر عن نيته . وتبخس من قيمة تكافئ الفرص .
* لا علاقة لها بالمنطق ،لأنها أصلا لا قيمة لها إذا وُضعت بالتساوي ولا يُرجى منها فائدة ،اللهم نفخ المعدل . وهذا أيضا موضوع آخر يُخل بصدق المنظومة التعليمية .
* غير تربوية لأن التلميذ عندما يتصفح مجمل نتائجه سيلاحظ أنه حصل على شيء لم يبدل فيه أي جهد،وتتسرب إليه الحيرة والشك .هذا إذا فطن بالعملية . وغالبا لا يلاحظ التلميذ شيئا . حتى وإن لاحظ الزيادة فإنه يحاول ألا يخبر أحدا بذلك خوفا من النقصان إذا كانت النقطة ممتازة”امْكمْحَة”.(3نقط فوق ك ).وإذا كان العكس سيحس التلميذ ب”الحُكرَة”(3نقط فوق ك )تم الإحباط والسخط والتذمر…فتتكون لديه عـقد نفسية يصعب التخلص منها لاحقا. وربما يكره الأستاذ أو المادة أو هما معا .
والغريب في الأمر، أن أفراد العائلة لا يعيرون للموضوع أي اهتمام. وكذلك جمعيات أمهات وآباء و أولياء التلاميذ. علما أن هؤلاء يؤدون واجب (ضريبة) الجمعية الرياضية المحددة في 10دراهيم كل سنة. وتبقى هذه الجمعية حبرا على ورق . إذ تُحول مداخلها لتُصرف في مجالات لا يعلمها إلا أولي الحكمة .
ومن المضحك أنه تم قبل أعوام تكوين بعض الأساتذة لمدة خمسة أيام صُرفت فيها أموال كثيرة من ميزانية البرنامج الإستعجالي (الكوكوتي ) ــ الذي ذهب هدرا ــ أغلبهم من السيدات تم اختيارهن عبثا .ودون الإرتكاز على ضوابط مؤهلة لهذه المهمة المتعبة . وكونهن تجاوزن العقد الخامس . ويشتكين من أمراض شتى ومختلفة : الروماتيزم وداء المفاصل والسمنة من جهة والسكري والأعصاب من جهة أخرى. بغض النظر عن أمراض الشيخوخة المعروفة لدى الجميع… فكيف يمكن لمثل هؤلاء أن يلقنوا حصص التربية البدنية لتلاميذ في أوج هيجانهم الطفولي وحيويتهم المندفعة ونشاطهم المتدفق ؟ وهذا يُوجبُ تكوين أساتذة شباب متخصصين في مادة التربية البدنية . كما هو الشأن في الثانوي بشقيه. رغم أن هذا المجال لم يستوف شروطه والإرتقاء به ،هو أيضا ، إلى المكانة المحمودة المتوخاة .
فلا احد ينكر مدى حب الطفل للعب وممارسة كل أنواع الأنشطة التي يصب فيها كل اهتماماته. ويفرغ كل طاقاته. وبالتالي تمسكه بفرض نفسه بين الأقران . إن للعب دور فعال وإيجابي في حياة التلميذ. ومن هنا وجب فرض مادة التربية البدنية في الأقسام الأولى والسن الأول للطفل على أسس من الحق والقانون والإحترام.
ومند السبعينيات ، والمطالبة بإقرار مادة التربية البدنية في المدارس الإبتدائية كانت مطلبا وموضوعا لأطروحات أساتذة خريجي المراكزالجهوية للتربية البدنية . لكن إلى اليوم ،لم تجد طريقها إلى اهتمام المسئولين عن هذا القطاع الذي يحاولون إنقاذه… بالشفوي فقط .
وعلى ذكر سِلكيْ الثانوي ،فإن مادة التربية البدنية بهما أيضا قد فقدت مكانتها التي كانت سبب تبوء المغرب الصفوف المرموقة رياضيا ،على الصعيد العالمي قبل ثلاث عقود.واليوم ،لم تعد تـُمارس كما كانت من قبل . لأن استعمالات الزمن قلصت من ساعات تدريس مادة التربية البدنية .وألغت بصفة أو أخرى الجمعية الرياضية المدرسية يومي الجمعة والأربعاء.حيث كانت مصدرا لتفجير طاقات الطلبة ،وإبراز مواهبهم المكبوتة . الشيء الذي أثر سلبا على النتائج الرياضية بصفة عامة.إذ كانت المؤسسات التعليمية هي المورد الوحيد والمهم لتطعيم الأندية الوطنية بعناصر في كل الفروع من ألعاب القوى إلى الألعاب الجماعية… مع العلم أن التلاميذ يؤدون مساهمة مالية كل سنة ،لهذه الجمعية ولا يستفيدون منها .
إن الإصلاح المنشود لمنظومة التعليم ،يجب أن ينطلق من المؤسسة الأولى وهي المدرسة الإبتداية ،أو ما قبلها. خاصة من الناحية التربوية والأخلاقية والوطنية والرياضية . إذ يجب تهيئ النشء على القوة البدنية والعقلية عملا بالمثل القائل :”العقل السليم في الجسم السليم “. وتربية الطفل على حب الصدق وجعله ينبذ الغش ويكره الكذب والتحايل والخداع . لا على مبادئ خاطئة كما سبق ذكره.
ولا يفوتني أن أنوه بالسادة الأساتذة مديرات ومديري المدارس الإبتدائية على الجهد المبذول في تسيير مؤسساتهم لوحدهم دون معين في الإدارة في غياب حراس عامين ومعيدين .

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.