كنال تطوان / الكاتبة : فوزية البيض
الى السيد وزير السكنى،
يعيش المواطن دوخة اقتناء العقار خاصة منه الذي في طور الإنجاز بين مطرقة ضمانات القروض، التسبيق بوصل، “النوار”، انتظار إنجازات قد تتحقق أو لا تتحقق، قد تفي أو لا تفي بدفتر التحملات، الغش في مواد البناء وفي المساحة، وسندان عجزكم على بلورة قوانين حمائية. بين كل هذا تظل مصالح المستهلك للعقار مهزوزة في مواجهة غول المنعش العقاري. هذا القطاع الذي يتفنن أصحابه في التملص الضريبي، أنتج لنا برجوازيون جدد يزيدون في تكريس الهوة بين الفقراء والأغنياء.
في إطار انفتاح المؤسسة التشريعية، الموضوع نوقش داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق والإنسان خلال يوم دراسي حول اشكالية بيع العقارات في طور الإنجاز على خلفية مشروع قانون رقم 107.12، بحضور كل الشركاء منهم : الكاتب العام لوزارة السكنى، رئيس غرفة بمحكمة النقض، جيش من المنعشين العقاريين، ممثلي جمعيات حماية المستهلك، المجلس الوطني للموثقين، مجموعة عمران، ممثل للدراسات التشريعية ( إدارة الضرائب سابقا)، ممثل عن إدارة التسجيل، ممثلة وافا ايموبليي، وكلاء الاعمال، ممثلوا الهيئة الوطنية للعدول والمحررين، البنك الشعبي، اليونس دارنا، إدارة الضرائب…
السيد وزير السكنى؛ في ظل ضغوط اقتصادية تعيشها فئة كبيرة من المواطنين، نقول لكم إن تواجد ترسانة قانونية محنية تراعي حقوق المواطن الكائن الإنسان، وتطبيقها على أرض الواقع هي التحدي الحقيقي الذي يضمن استقرار البلاد والإحساس بالأمن والأمان. ودور التشريع هو العمل على ضمان الأمن التعاقدي. يجب على المشرع في المغرب التخلي على المحاباة والرضائية وعن الخضوع لضغط اللوبيات التي تتكثل لحماية مصالحها متى ما سمعت بمشروع قانون وضع على مكتبكم، على حساب المواطن البسيط الذي يعتبر أكبر متضرر في عملية اقتناء سكن يضمن كرامته.
أمام جمود قانون العقود والإلتزامات، النص تشريعي الذي ولد مبثورا ولا زال يعمل به منذ 12غشت 1913، يظل المواطن الراغب في اقتناء مسكن تائها بين العقد الابتدائي، بين ضرورة الخضوع الى وضع ضمانة بنكية من أجل طلب قرض بفوائد تمتد الى 25 سنة، ووضع 30 الى 50% من المبلغ الاجمالي للعقار تحت الطاولة بدون وثيقة، بين غياب حرية اختيار الموثق، بين البيع الجزئي بعقد عرفي وتقديم دفعات وتأدية واجبات التسجيل.
السيد وزير السكنى؛ ماهي الحلول التي تقترحونها من أجل وضع حد للتضارب وفوضى المعاملات العقارية؟ ضد التشوه العمراني في غياب سياسة للمدينة ؟ ضد المخالفات بالجملة في قطاع البناء الذي يتفنن أصحابه في الغش في مواده، وتقزيم مساحات الشقق والمحلات، والفضاءات الخضراء ؟ ضد الرشوة عند بعض من فوض لهم إعطاء التراخيص وبعض المراقبين ؟ ضد تبلور تجارة وسوق سوداء ينشطها وسطاء موسميون، ومكاتب تبيع العقارات على دفعات على أوراق فانية في إطار تفويت الملكية التدريجي.
في ظل عجز الحكومة أمام لوبيات المال والأعمال، وأمام المبلغ غير المصرح به “النوار”، وعدم قدرتها عن بلورة مقتضيات حمائية تحترم حقوق جميع الأطراف، تظل المحاكم تعج بملفات مشاكل العقار نتيجة هروب المنعش العقاري أو إفلاسه. ذات المنعش الذي يلجأ غالبا، من أجل تقوية موارده الذاتية، الى طلبات القروض وفرض “التسبيق” دون تأمينه، من المشترين والمالكين الافتراضيين، مادام البيع النهائي لم يتم وأنه لم يتسلم المفاتيح التي لا يعني تسلمها دائماً نهاية الأشغال. أما إذا لم يتم استكمال البيع يخصم من التسبيق 10%، وفي حالة عدم قدرة المقتني على استكمال الأداءات البنكية يعرض العقار في المزاد العلني ولا يستفيد من هذه العملية غير السماسرة هواة الإفلاس.
صحيح أن قطاع السكن يساهم بنسبة 8% في الإنتاج المحلي الإجمالي، وفي تشغيل اليد العاملة وفي ترويج مواد البناء، لكن عليه السيد وزير السكنى، أن لا يكون الشرارة التي يمكن أن توقد نار الفتنة النائمة.