https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

أحمد إفزارن يكتب: سيدتي.. رئيسة الحكومة!

كنال تطوان / بقلم : أحمد إفزارن

– سيدتي،

طال الزمان أم قصر، تتولين رئاسة الحكومة، في رحاب “المملكة المغربية”..

وهذا ليس خيالا.. فالواقع كثيرا ما يكون أغرب من الخيال.. وهذا واقع نهار اليوم.. أو غدا.. أو بعد غد.. هذا منطق التطور.. ولا مفر من منطق التطور..

ونحن المغاربة – مثل غيرنا – قد دخلنا عصر المرأة..

وعلينا أن ننتبه للتطور الحاصل فينا، وحولنا، ليس فقط من حيث “حقوق المرأة”، بل أيضا “واجبات المرأة”..

وتعالوا نقرأ واقعنا بالأرقام: يبلغ عدد النساء في المغرب حوالي 20 مليون.. وإذن، النساء أكثر عددا من الرجال.. وإذا قرأنا خلفيات الأعداد الديمغرافية، مع حقوقها الديمقراطية، نجد أن المرأة أحق برئاسة الحكومة..

وهذه الأرقام وغيرها تعيد النظر في المفهوم المستقبلي للديمقراطية.. أرقام عددية ثابتة على الورق، متحركة نشيطة في الميدان.. أرقام لها مدلول، لمن يحسن قراءة المدلول..

وتعالوا نقرأها من زاوية أخرى: إن حوالي 30 بالمائة من الرجال المغاربة تعيلهم نساء.. يعيشون بعرق جبين النساء.. إما لأنهم عاجزون أو عاطلون أو مسنون.. أو “الغالب الله”!

20 مليون امرأة في المغرب عدد لا يستهان به.. إنه الأكثرية..

وأغلب هؤلاء النساء يشتغلن في البوادي والحواضر، وإليهن تضاف مغربيات أخريات يشتغلن في الخارج، ويبعثن بمتطلبات العيش إلى أسرهن، وفي هذه الأسر، رجال كثيرون..

وهذا هو واقعنا الاجتماعي..

وإلى هذا ينضاف رقم صادم آخر: حوالي 8 مليون عانس في المغرب.. شابات لم يتزوجن رغم أنهن تجاوزن سن الزواج..

أرقام تقرع كل الأجراس..

وأصبح من واجبات المرأة أن تخرج بنفسها إلى كل معتركات الحياة.. فتشتغل لكسب متطلبات الحياة لها ولإخوتها الصغار، وأمها ووالدها العجوزين..

والمسؤولية تجعل بلدنا يسابق الزمن لإنصاف المرأة..

وإلى هذا أرقام أخرى وصلت إلى بلدنا: عشرات الآلاف من النساء، من قارتنا الإفريقية، وعالمنا العربي، ومن أوربا وآسيا وغيرهما، هن مهاجرات إلى بلدنا من مختلف الأجناس والثقافات والديانات.. وفيهن من أنجبن أطفالا، ومن سينجبن أطفالا.. وهؤلاء الأطفال مغاربة.. من أبناء المغرب..

ولن نستغرب غدا أن تكون لنا وزيرات وقاضيات وعالمات من أصول غير مغربية.. إنهن مغربيات من أصول أخرى.. تمغربن فأصبحن مغربيات بكل ما لهن من حقوق، وعليهن من واجبات..

أجناس أخرى تتمغرب في المغرب.. وهذه أرقام تضاف إلى السابقة..

ولم يعد مستساغا أن يكون أكثر من نصف سكان المغرب مقصيا.. فعالم اليوم، ونحن جزء من هذا العالم، لا يقبل استمرار تهميش المرأة عن مراكز القرار، وعلى رأسه رئاسة الحكومة..

والعالم المتحضر، في أوربا وأمريكا، قد مكن نساءا مغربيات في المهجر من مسؤوليات عليا.. هذه وزيرة للتعليم العالي والبحث العلمي، وتلك عمدة، وأخرى وأخرى… كفاءات نسوية مغربية تشاركن، بقوة القانون العلماني، في بناء بلدان تفتح أذرعها لكل الأجناس والأعراق والأديان…

وديانات لا تتعايش بسلام في بلدانها الأصلية، لكنها تتعايش في دول علمانية، وبقوانين علمانية..

إن الدول الغربية كانت أكثر تخلفا منا في “حقوق المرأة”، وكانت المرأة عندنا لا يقتصر دورها على البيت.. كانت منتجة فعالة في الجبال والسفوح، وفي التاريخ الوطني، والمقاومة، وذات مكانة في التنوير المعرفي..

واليوم، عندنا نساء مغربيات ذات صيت وطني وعالمي، في كل المجالات، بالداخل والخارج.. وهن مؤهلات لقيادة كل قطاعاتنا الحيوية..

المرأة المغربية تستطيع إنقاذ بلدنا من الانحرافات التي أوقعتنا فيها “حكومة الظلام”.. وسليفاتها حكومات الانتهاز.. والنميمة.. والمنزلقات..

وما دمنا بصدد “التعثر الحكومي”، عندنا سيدة مؤهلة لقيادة الحكومة.. وسيدة مؤهلة لقيادة وزارة الصحة.. وسيدة لوزارة التعليم والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي.. وسيدة لوزارة العدل.. وسيدة للفلاحة.. وسيدات كثيرات، مؤهلات.. فعالات.. جادات.. وطنيات..

المرأة المغربية قادرة على إصلاح ما أفسده فاسدون “سياسيون” ما زالوا ريعيين متريعين، لا يعرفون إلا مصالحهم..

– المرأة هي الحل.. إلى جانب الرجل المؤهل المقتدر النزيه..

وعندنا رجال ونساء من المستوى العالي، من حيث حسن التسيير والتدبير..

وبلدنا يبتعد أكثر فأكثر عن “الدولة التقليدية” للانخراط في المفهوم الحضاري لدولة العصر: “دولة الحداثة”.. تقبل الجميع.. ولا تستثني أحدا..

ولم يعد مستساغا أن تأتي حكومة متخلفة، لتسيير بلدنا بطريقة تقليدية باهتة ظالمة، ونحن بلد يتطور عقليا وعلميا وتكنولوجيا وحضاريا..

المغرب يتحرر أكثر فأكثر من عصور الظلام الفكري، وينخرط في عالم الإنتاج.. والاختراع.. والابتكار.. والإبداع..

بلدنا يتحرر أكثر فأكثر من “النموذج الاستهلاكي” الذي فرضته علينا أسواق “متعددة الجنسيات”.. وأصبحنا نحن أيضا منتجين.. ننتج في “الأوراش الكبرى” التي يقودها ملك ذو رؤية استراتيجية حضارية.. وتطلعات وأبعاد كونية..

“المغرب الجديد” بحاجة إلى تشغيل سكتين فاعلتين: المرأة والرجل.. من أجل استخدام قطار التنمية.. بكيفية أنجع وأفيد..

والتعليم الجيد يستطيع تقويم المفاهيم، وإعادة النظر في تقاليدنا المهترئة، لكي ندخل كلنا، في العصر الجديد الذي لنا منه مطالب، وله علينا واجبات..

والمرأة لم تعد ذلك الكائن الذي يقتصر النظر فيه على ما هو بيت وإنجاب ومطبخ.. المرأة هي الأم والمربية والعالمة والمخترعة والمبدعة..

وهذا الرهان يتطلب تغيير عقلية “ذكورية” تطرفية تجاوزها الزمن.. وإذا عدنا إلى الخلف، نجد أن كل الحضارات لم تعتمد في تألقها على الرجل وحده..

المرأة حاضرة.. دائما حاضرة.. مشاركة.. وهي أيضا تخطط وتدبر وتقود الأسرة والمجتمع..

وفي وقتنا الراهن، تتولى المرأة مسؤوليات صغيرة وكبيرة.. هي طبيبة.. مهندسة.. أستاذة.. قاضية.. عالمة.. أديبة.. ربانة طائرات.. ومشاركة في وكالات الفضاء…

هذه نماذج للمرأة المغربية الفعالة.. تشتغل.. وتحمي الأسرة.. وتحمي المجتمع.. وتحمي حقوق الأجيال الحالية والقادمة..

وهذه المرأة تحمي السلام في ربوع بلدنا، وتدافع عن السلام العالمي..

وعن قضايا البيئة الطبيعية.. وعن حق الحياة في الأوكسيجين..

– فأن يطول الزمن أو يقصر، تتولى المرأة تدبير الشأن العمومي في بلدنا..

وبلدنا سائر في هذا الاتجاه.. اتجاه التساوي التام في الحقوق والواجبات.. والمناصفة التامة على كل الأصعدة..

وليس مقبولا أن يعتبر أحدهم هذه المرأة “مولودة من ضلع الرجل”.. فهل شاهد أحد منا امرأة خرجت إلى الحياة من ضلع رجل؟

كل المستشفيات تعرف كيف يكون الإنجاب..

و”تأويلات الدين” يجب ألا تعارض العلم.. الدين ليس موسوعة علمية.. إنه خطاب روحي..

فكفى من استغلال الدين لأهداف سياسية.. وتجارية!

وكفى من تبخيس المرأة.. المرأة شريك الرجل في الحياة.. وفي بناء أوراش الحياة.. شريك بكل ما لهما من حقوق.. وما عليهما من واجبات..

وعلينا بإصلاح قوانيننا، وفق القوانين الدولية، لتمكين كل المغربيات، ذوات الأصول المختلفة، من كل الحقوق… فلا يعقل أن نكون نحن أقل حقوقا من دول علمانية.. نحن أحق بأن نكون دولة حقوق كونية..

والمرأة مسؤولة، تماما مثل الرجل، في كل ما يخل بتوازنات حياتنا المشتركة..

ومن حقنا جميعا، في بلدنا، أن تتولى المرأة، مثل الرجل، تسيير وتدبير الشأن المحلي والعمومي، عبر انتخابات غير صورية.. انتخابات بلا رشاوى.. وبدون تدخلات.. ولا استغلال للدين.. انتخابات حقيقية.. ديمقراطية حقيقية..

وفي انتظار أن تتحقق كل هذه المطامح، من حق المرأة من الآن، وبقوة الديمغرافية العددية، أن تكون رئيسة للحكومة..

ومهما يكن، ففي ظلال “المغرب الجديد”، ستتولى المرأة قيادة الحكومة..

– تحية إليك سيدتي.. رئيسة الحكومة!

ifzahmed66@gmail.com

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.