https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

حاجتنا إلى التعاقد مع القراءة لا مع هجرانها

كنال تطوان / الكاتب : عبد اللطيف مجدوب

طفرة المعرفة لا ترحم

يمر إنسان القرن الواحد والعشرين بطفرة دقيقة ؛ موسومة بالانفجار المعرفي Explosion in Knowledge الذي تتمفصل محاوره حول “بنك المعلومات/البيانات” Data Bank ، ورقمنة حياة الإنسان في مختلف المجالات ؛ حتى لا أقول المواطن الذي أصبح ؛ بالمفهوم المعرفي/الرقمي ؛ المواطن العالمي Universal Citizen . وغني عن البيان بأن هذا المجتمع المعرفي أو المجتمع الذكي Knowledge People/Smart People ، يمر من بوابة أولية ؛ كمسار طبيعي لنشدان المعرفة ؛ تتلخص في القراءة والمطالعة والاستبيان . فإلى أي مستوى قرائي ينتسب إليه المغاربة ، وما حظهم من المقروءات ؟ . ما مدى المنافسة الشرسة للصورة في حياتهم ؟ هل هناك وئام أو بالأحرى تساكن بين الكتاب والصورة في حياتهم اليومية ؟ وكيف يمكن خلق الرغبة في القراءة ، رغم طوفان الصورة ؟

أرقام ذات دلالة مخيفة

هناك تقارير ودراسات ، إلى جانب الملاحظة الأمبريقية ..وكلها محملة بأرقام قاتمة ؛ تشهد على انحطاط المستوى القرائي لدى معظم المغاربة ، وتضع خطوطا حمراء تحت نسبة 45% منهم لم يصلوا بعد إلى التعرف إلى الأحرف الأبجدية ، إلى جانب عادة القراءة المناسباتية و تشمل فقط 18% ممن تتخطى أعمارهم 35 سنة ، أما الذين يعرفون القراءة وتحتجز أوقاتهم الصورة ، وأشرطة الفيديو Videos فيتجاوز 35% من فئة الشباب من الطلبة بالخصوص . لكن وعلى المستوى العام فنكاد نصعق بحقيقة مرعبة حينما نعلم أن 6 دقائق/السنة هي حظ القراءة عند المواطن العربي/الأمازيغي بصفة عامة ، و8 دقائق/السنة لدى المواطن المغربي بخاصة !

استقراء هذه الأرقام

سنحاول ؛ فيما يلي ؛ استقراء هذه الأرقام ودلالاتها الوظيفية في حياة المواطن المغربي ، عبر استعراض مواصفات أصحابها وما تتسم بها سلوكاتهم :

* الشخص الأمي يعتبرا عائقا في وجه كل بناء وتنمية ترومها الدولة ؛

* ارتجالية في حياة الشخص ، تجعله في مصادمات يومية ؛

* حاجياته معرضة للنصب والاحتيال لجهله بالواقع ؛

* مواطن متشبع بثقافة القطيع لعجزه عن التفكير المنطقي من تحليل ومقارنة .. ؛

* يسعى دوما إلى إدراك غاياته بغض الطرف عن الطرق والوسائل ؛

* كثيرا ما يتخذ أشخاصا معينين كمرجعياته في تواصله ومساعيه ؛

* يغترف من الصورة وأشرطة الفيديو ليتخذ منها مصادر قناعاته ؛

* يتحرك في الشارع أشبه بفرد داخل قطيع ، وأحيانا لا يحس بوجوده إلا إذا احتك بالآخر ، وإن كان راجلا ؛

* إذا امتلك المال فقد يحسسه بانتسابه إلى قارون ، وما شاكله من الطغاة والجبابرة ؛

* غير قابل للردع إلا بواسطة القانون الذي يحتال عليه بوسيلة أو أخرى ؛

* غير قابل للتهذيب ، حتى ولو خالط أقواما ليسوا من أبناء جلدته ؛

* الدولة تخسر مليارات الدولارات سنويا تجاه هؤلاء الأشخاص في العديد من المرافق العامة ( المحاكم ؛ المستشفيات ؛ حوادث السير ؛ الإجرام والعنف المضاد ؛ الاقتصاد العشوائي ؛ الرشاوى .. ) كمعيق لكل مساعي البناء والتطور ؛

* لما كانت ثقافة القطيع المتعفنة هي السائدة بين السواد الأعظم من المغاربة ، تغدو الحياة اليومية في ظلها مؤرقة لدى الجمهور المغربي عامة ؛

* المواطن ؛ من هذه الطينة ؛ سريع الغضب نزّاع إلى الانفعال والعنف لأتفه الأسباب ؛

* نراه يرتاد الأماكن الراقية مصحوبا بثقافته المتعفنة ، يفرضها ويروج لها ؛

* من السهولة بمكان بالنسبة للمغاربة من هذا الصنف استدراجهم للانضواء تحت لواء التنظيمات والجماعات المتطرفة ؛

اليوم الوطني للقراءة !!

من فرط انغماس أكثرية المغاربة في مدارج الأمية الأبجدية ، يمر هذا اليوم ( اليوم الوطني للقراءة 23 أبريل من كل عام ) بسرعة البرق ، ولا نكاد نعرف عنه شيئا .. وقد يكون مناسبة لوزارة الثقافة أن تستخرج من أدراجها بعض الدريهمات لصرفها في منتديات “ثقافية” مصحوبة بكؤوس الشاي .. لتكون بذلك قد أحيت يومها الوطني . وهذا لعمري هو عين التخلف ، حينما نرى المغرب لا يرصد للثقافة والقراءة سوى الفتات من ميزانياته القطاعية ، علما أنه يدرك أن الشعب المغربي يعاني الأمرين من هذا الجانب الحيوي ؛ والذي يفرض إيجاد سياسة بديلة لخلق عادة القراءة وترسيخ أدوارها لدى الجمهور المغربي ، وهذا لن يتم إلا بنهج استراتيجة تشاركية مع قطاعات وزارية ومهنية ذات صلة بالقراءة والكتابة والنشر .

إحياء مراكز محو الأمية

يصبح من الضروري الحيوي إعادة النظر في هذه المراكز ، والعمل على توسيع أدوارها ، وتقريبها من المواطن سواء في المدن أو القرى ، وذلك بشراكة مع الجماعات المحلية ، وبتنسيق مع المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية ، والأوقاف والشؤون الإسلامية ؛ من خلال برامج ومنوعات وتبادل الزيارات ، تصب في اتجاه غرس عادة القراءة وتحبيبها إلى الحضور مع رصد جوائز كحوافز للمضي قدما في هذا الاتجاه .

مكافحة التصحر القرائي وكسب المليارات !

هناك مقاربات عديدة تنهجها بعض الدول لغرس عادة القراءة لدى شعوبها ، يمكن أن نجتزئ بعضا منها في المؤشرات التالية:

* تعيين مستخدم عند بوابة كل مرفق عمومي ؛ يدعو زواره إلى قراءة سطر من كتاب أو جريدة ؛

* نشر ملصقات في المقاهي والمرافق والتلفزة ـ ولم لا لوحات أو وصلات إشهارية ـ بتركيزها على حب القراءة ـ ؛

* خصم مبلغ 0,20 درهم من فاتورة أداء الماء والكهرباء لصاحبها إذا قرأ سطرا من الفاتورة ؛

* تأسيس جمعيات ووداديات وأندية ” حب القراءة ” ، في أحياء المدن والقرى ؛

* رصد جوائز للمتقدمين في القراءة والكتابة ، وربطهم ببعضهم عبر شبكة التواصل الإلكتروني .

هناك يقين راسخ في أن المغرب ؛ لو انتهج هذا السبيل لمكافحة آفة الأمية الأبجدية ؛ سيكسب الرهان حتما ، ولاكتسب من ورائه المليارات من الدولارات ، كان يصرفها هباء في مجتمع تقود معظمه الأمية العمياء في كل مناحي الحياة ، ولأمكنه حينها تبوأ مجتمع المعرفة والقطع مع مجتمع الفوضى والصدمات .

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.