كنال تطوان / متابعة
يلقي عالم الجماليات محمد المطالسي محاضرة حول “حدائق الإسلام حدائق المغرب”، في المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، يوم الجمعة 10 نونبر الجاري، في الساعة الخامسة مساء.
في هذه المحاضرة الاستثنائية، سوف يقودنا محمد المطالسي، عميد الكلية الأورو-متوسطية بفاس، إلى القيام بجولة عبر حدائق المغرب، لنعبر من مختلف الجوانب التاريخية والجمالية لهذه الحدائق. فمن أكدال، الحديقة الفسيحة الأرجاء بأحواضها المترامية التي تنعكس على صفحاتها المائية الأجنحة المنذورة لمتعة الأمراء ومباهجهم، إلى الرياض، تلك البساتين الداخلية بنافوراتها التي تتنفس ماء زلالا، تنبسط فضاءات مخضرة متناغمة والعمارة المغربية بمنطقها القائم على ثنائيات الداخل والخارج والحميمي والعمومي. وفي ملتقى السبل الرابطة بين إسبانيا الموريسكية والمشرق العربي، بقول المطالسي، نمت وتطورت تقاليد فنية تبهر الناظرين، من حواضر وحدائق شاهدة على عبقرية فذة ومهارات فنية لا نظير لها.
في العالم العربي الإسلامي، خاصة المغرب، تواصلت الجهود، في إصرار عجيب، من أجل تشييد المدن والبنايات الخلَّابة، ومواجهة الرمال وإيقاف زحفها. ولم يتوان الإنسان في هذا الفضاء الصحراوي عن حفر الآبار واستخراج الماء ومد القنوات والجداول، كي يفلح أخيرا في خلق البساتين والحدائق الخصبة الغناء التي تزخر ببديع الزهور والنباتات.
من هنا، يتساءل الباحث عن كيف تسنى لفن الحدائق أن يزهر وينتعش في مثل هذه الظروف؟ متوقفا عند عمل مختلف السلطات المركزية التي تمكنت من التحكم سياسيا وتقنيا في تدبير الماء، بما انعكس إيجابا على نمو المدن وازدهار الحدائق البديعة التي طالما تغنى بجمالها الأدباء المسلمون. ويندرج اختيار مواقع العواصم ضمن هذا المنظور، هي بالأحرى حواضر مائية تنتشر في جنباتها قنوات مثل شرايين تضخ فيها دماء الحياة. ولا ننس أيضا دور التراث الديني وصورة الجنة والأنهار والحدائق الفيحاء التي سينعم بها المؤمنون في الآخرة. كلها عوامل متضافرة حثت المسلمين على السعي الدؤوب والشغوف بخلق جنات أرضية على غرار الجنة الموعودة. هذا إلى جانب تأثير التراث المشرقي أيضا، وهو ما أثمر آثارا خالدة أحكم المغرب إبداعها في إطار حضارة موريسكية مزدهرة، ما انفك يمدها بأسباب التفرد والبقاء.
ومحمد المطالسي مختص في التعمير. وهو حاصل على الدكتوراه في علم الجمال. تنصب أبحاثه، على وجه الخصوص، على مدن العالم العربي وحدائق العالم العربي الإسلامي. سبق له أن شغل منصب مدير الأعمال الثقافية بمعهد العالم العربي من 1984 إلى 2015. وإليه يعود الفضل في إطلاق مجموعة من الأنشطة والمواعيد الثقافية الهامة بمعهد العالم العربي. هو عضو لجان تحرير العديد من المجلات الثقافية الأوروبية، وخاصة مجلة قنطرة، والمجلة الدولية مركز التوثيق الموسيقي بالأندلس، وخبير لدى اليونسكو في مجال التراث.
ألف المطالسي عدة كتب في مجال التعمير والمجال الحضري والمدن والقصور والحدائق. كما أشرف على إنجاز عدة مؤلفات، وساهم في تحرير مقالات علمية حول فن التعمير والمعمار وفن الحدائق والفنون التشكيلية والموسيقى.