كنال تطوان / تقرير : ذ محمد التهامي الوزاني
الصحافة الالكترونية والقضاء … مقاربة مدى تأثير الصحافة الالكترونية في صناعة القرار القضائي
نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدائرة الاستئنافية بتطوان يوم الجمعة 27 ماي 2016 بقاعة غرفة التجارة و الصناعة ندوة حول موضوع ” الصحافة الالكترونية والقضاء مقاربة مدى تأثير الصحافة الالكترونية في صناعة القرار القضائي ” بمشاركة الأستاذ محمد حمزة البوعبيدي قاضي بالمحكمة الابتدائية بتطوان ، الدكتور الدرداري أستاذ جامعي ، الدكتور عمر حمزة أستاذ جامعي ، كلاهما بجامعة عبد المالك السعدي ، الأستاذ محمد علي المرون محامي عضو مجلس هيئة المحامين بتطوان ، الأستاذ عبد الحق خرباش رئيس مصلحة كتابة النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بتطوان و الدكتور عبد السلام أندلوسي مدير المركز المغربي للدراسات و الأبحاث في وسائل الإعلام و الاتصال.
تميز الحضور بتواجد لافت للنظر لمختلف الأطر الإدارية لمحاكم الدائرة الاستئنافية بتطوان والسادة المحامون والقضاة من مختلف المحاكم وثلة من الطلبة الجامعيين والصحفيين والمنابر الإعلامية.
افتتحت الندوة بعد استقبال المشاركين على الساعة الرابعة بعد الزوال بآيات بينات من الذكرالحكيم تلاها الأستاذ محمد الخنيفري ثم أعقبتها كلمة ترحيبية من طرف السيد رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب الأستاذ محمد المنصوري الذي أعطى تقديما للموضوع وأبرز خصوصيته مع أهم الإشكاليات التي أصبح يطرحها، تم عرض بعد ذلك ربورتاجا صحفيا من اعداد الصحفي احمد المريني وفريق عمله حول الموضوع ضم ارتسامات مختلفة لمواطنين وبعض الفاعلين في المجال.
وبعد تقديم المشاركين من طرف السيد رئيس الجلسة العلمية أعطيت الكلمة للدكتور أحمد الدرداري في مداخلة بعنوان ” آليات تخليق الصحافة الالكترونية ” والتي أوضح من خلالها أن القضاء والإعلام يجتمعان في عدة روابط، فهي مهن محفوفة بالمخاطر، وبالتالي وجب ان يكون التعبير مسؤولا والا كان هناك خطر كبير على حرمة الأشخاص والمؤسسات وأن الفرق شاسع بين حرية التعبير والتطاول! فاذا كان التقييد المطلق لحرية التعبير غير ممكن فإنه لا يمكن كذلك أن تصبح الصحافة الالكترونية غير منضبطة فالملاحظ حاليا انها لا تخضع لأي تأطير على عكس مما هو معمول به في إطار الاعلام التقليدي وخاصة ولوج الصحفيين للمعهد العالي للإعلام، فالإطار القانوني أصبح يعطي لأي شخص حق تأسيس موقع إلكتروني وبالتالي وجب وضع مدونة لأخلاقيات المهنة كخطوة أولى. وأضاف العارض أن الفصل 27 من الدستور أعطى الحق في الوصول للمعلومة وهو تشجيع للصحافة وأن على المنتمي لمهنة الصحافة أن يشرف المهنة لا ان يتشرف بها.
الكلمة الثانية كانت للدكتور عبد السلام أندلوسي الذي حول موضوع ” الإطار العملي للصحافة في الفضاء الرقمي” حيث ركز على تحديد أسس ومرتكزات العملية التواصلية بشكل عام والصحافة على وجه التحديد.وتوقف عند مفهوم وساطة وسائل الإعلام ودور المعلومة والمعلومة المضادة وطبيعة العلاقة بينهما مبينا في هذا الصدد عدة نظريات ومحددا أركان الصحافة الالكترونية مع تحديد إطارها العلمي مشددا على ضرورة مناقشة الموضوع من قبل الجميع لإمكانية التشريع للمهنة، ومقدما عدة حالات عملية لوقائع عرفت ذيوعا سواء على صعيد التجارب الدولية أو الوطنية .
وبعدها تناول الكلمة الأستاذ محمد حمزة البوعبيدي في مداخلة حول موضوع ” إشكاليات العلاقة بين القضاء والإعلام ” الذي أبرز دور كل من القضاء و الصحافة، و أن المجالين متلازمين داخل المجتمع و علاقتهما تكاملية و أن تحقيق الديموقراطية يفترض تنظيم العلاقة بينهما، فالقضاء هو الضامن الحقيقي لحرية الإعلام و حاميها خاصة بقضاء مستقل و قوي و أن الصحافة كسلطة رابعة بدورها الرقابي هي حامية لاستقلال القضاء كذلك، إلا أن العلاقة لا تبدو دائما في صورة تكامل بل غالبا ما تطبعها المقاطعة و التشكيك. ويلاحظ احيانا ان الصحافة تؤثر في القضاء بالتشكك في نزاهته مما ينعكس سلبا على العدالة عموما، ويتسبب في نشر ثقافة قانونية خاطئة، وأن الجري وراء السبق يمكن ان يفضي الى التسرع في تكوين تصورات جاهزة عن ملف ما، كما أن نشر تفاصيل الملفات الموجودة بالمحكمة يؤثر على حسن سير المحاكمات. وخلص في عرضه إلى أن العلاقة بين الطرفين يمكن أن تتحسن إذا ما احترم كل طرف الضوابط القانونية وذلك بتكوين رجال الإعلام حول العمل القضائي مع خلق متحدث رسمي بالمحكمة لتوفير المعلومة.
و أعطيت الكلمة للدكتور عمر حمزة الذي أوضح من خلال مداخلته بعنوان ” الإعلام الرقمي بين الإطار التشريعي و تحديات الممارسة ” أن الإعلام عرف تطور ملفتا للنظر فبعدما كان يخضع للتحكم أصبح حاليا وخاصة منه الالكتروني هو المؤثر و” المتحكم ” ، كما أوضح أن العلاقة بين الإعلام التقليدي و الرقمي تكاملية وانه في جميع الأحوال يبقى الإعلام التقليدي هو الإعلام الحقيقي وخاصة تميزه عموما بالتحقق من المعلومة قبل نشرها، فلإعلام التقليدي ” إعلام دفع يفرض ما يعرض من معلومة أما الإعلام العصري فهو إعلام سحب يعطي للمتلقي ما يحب أن يسمع “. ومن خلال العرض أوضح ان المشرع لم يعر اهتماما للمسؤولية المدنية في قانون الصحافة وأن حجم الاستثمارات في الإعلام الالكتروني ضعيفة، مبرزا مختلف تحديات القطاع وأن يتعين توفير حماية للملكية الفكرية، وإقرار أخلاقيات المهنة والنهوض بالتكوين، بالمقابل أبرز صعوبة إثبات الجريمة الالكترونية وخلص إلى ضرورة الإعداد لترسانة قانونية وخلق قضاء متخصص في الصحافة.
و عن هيئة المحامين بتطوان تناول الكلمة الأستاذ محمد علي المرون حول موضوع ” الصحافة الالكترونية على ضوء ضوابط مهنة المحاماة ” و التي أبرز فيها دور الصحافة الالكترونية في صنع القرار القضائي و أن استقلال مهنة المحاماة جزء من استقلال القضاء ، فالمحامي في غير حاجة للجوء للصحافة الالكترونية لكي يؤازر موكله مادام أن المشرع منح له عدة ضمانات لأجل ذلك، كما ان المحامي مقيد بعدم إفشاء السر المهني و عليه أن يحترم سرية الأبحاث و لجوؤه للصحافة يعتبر مخالفة مهنية حسب قانون المحاماة ، و أن المحامي له من الضمانات أثناء سير المحاكمات بما يسمح له للتأثير في المحاكمات دونما لجوئه للصحافة.
وفي عرضه تناول الأستاذ عبد الحق الخرباش موضوع ” الصحافة الالكترونية ونشر الأخبار القضائية ” والذي أوضح من خلاله أن قضايا المحاكم تعتبر مادة خصبة للنشر وهو ما يشكل في حد ذاته نوعا من الرقابة على القضاء، إلا أن هذا النشر يمكن ان يحمل في طياته جانيا سلبيا مؤثرا على القضاء، فالتنافس على السبق يدفع الصحفي دون قصد الى انتهاك حقوق الغير في عدة حالات. كما أبرز العارض مختلف الأدوار المنوطة بكتابة الضبط والجهاز الإداري للمحكمة كمشارك في عملية انتاج العدالة والقرار القضائي: فكاتب الضبط هو شاهد على ما يروج في الجلسات، والإدارة القضائية هي ممسكة الملفات وهي المكلفة بتلقي التصريحات القبلية لفتح ملفات الصحافة ومن ضمنها المواقع الإلكترونية، الا انها مقيدة بمبادئ دستورية باعتبارها جزء من الإدارة أهمها التجرد والسرية، وبالتالي عليها الحفاظ على سرية الملفات الموجودة بين يديها في نطاف ما يسمح به القانون. وأن المشرع لا زال متشددا في نشر المعلومة القضائية مع امكانية نشر الأحكام، في حين سمح بنشر الخبر القضائي إلا أنه مقرون بعدم المس بالأطراف مشددا على ضرورة إحداث خلية شؤون إعلامية .
وبعد ذلك تم فتح باب المناقشة والتي عرفت تدخلات طرحت أفكارا قيمة من طرف الحاضرين، أبانت عن عمق النضج في تناول موضوع ذو راهنيه وحساسية.
وفي الختام تم تكريم الأستاذ عبد العالي بوحمالة القاضي بالمحكمة الابتدائية بتطوان وعضو المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب خلال ولايته الأولى 2011-2014، ثم قدمت له هدية رمزية عن المكتب الجهوي سلمها له الأستاذ محمد جلال الموساوي عضو المجلس الأعلى للقضاء ملقيا كلمة في مناقب الأستاذ المكرم.
كنال تطوان / تقرير : ذ محمد التهامي الوزاني