كنال تطوان / بقلم : يونس فنيش
لا تصدقوا أقوال من لا يقول شيئا.. و لا قول من لا تقول صدقا..
ليس الشاعر من يكتب الشّعر ا.. بل من يقول الحقّ ا..
ألا لا حضور بلا غياب الدجى.. و لا غياب إلا بحضور الموتى..
لا يغيب الحاضر رأفة بالأشرار.. و إنما هو غياب لإيقاظ الأبرار..
**
نطق السفيه فقال بإعدام الأدب.. و ما الأدباء سوى عشّاق رجب..
و أمّا الدّب السمين فقد سقط.. كما انكشف المزوّر و ما شاء كذب..
لقد ضاق قبر السياسة بسارق الكلم.. فالشعر المغمور قرّر أن يكتم..
و لا يحسبنّ الضبع الأسد غافلا بسذاجة.. فهل يحتاج الأسد لعابر شعاع شهرة..
**
من كان من الأخيار لا يحتاج لعرفانكم.. و المؤمن يتدخّل من أجلكم و لا يخبركم..
الأرض طيبة لا يدنّسها سوى الخبثاء.. فهل يكفي لتطهيرها الرجاء..
كيف لا يغيب الشاعر في الحاضر المنسيّ.. و كل عدّة الشّعر أضحت تخرج من فيه البغيّ..
..تغلّب الحقد على قلوب الشعوب.. فباتت تكره الشرفاء و لو بنفاق الأدب
**
يعشقون الذّل فيقدمون القربان لنيل ورقة.. و لا يساندون من لا يريد صدقة..
إذا كان قولهم بالسلم ليس نفاقا.. فلم الحقد تجاه من يتنفس صدقا..
أو يحسبون، حسدا، الشاعر كلبا.. لا و الله ولكنه يريد لهم خيرا..
أو تريدون سلما و لا تريدون رئيسا.. لا يكره النظام و يؤمن بالإصلاح منهجا..
**
أو تقولون بالإصلاح و تحسدون المصلح.. فهو وخز ضميركم الذي وأد الصحيح..
يا ليث النظام لم يكن نظامكم.. فأنتم قوم منه و منه أنتم..
و إن كان من علّة فيه.. فهي فيكم و أنتم منافقيه..
تضربون عن الكلام كلما أصبتم بضيق.. و لا تأبهون للفقير فاقد الدقيق..
**
لا تريدون حقا إدارة نظيفة.. فأنتم قوم تزدادون أنانية..
تتظاهرون بالنّضال السلميّ.. و مرادكم الوصول بالتزلف السلبيّ..
تتفاخرون بدخول السجون.. و تأملون هزيمة الشجعان..
لكلّكم المطمح الماليّ المريع.. فسبيلكم الوحيد الريع..
**
قائد مرابط صابر في العشرية.. و شعراء منافقون منغمسون في الفرية..
و كما لكل زمان كتائبه.. فلقد أصبتم بتعتيمكم ضمائره..
ليست العبرة بذكر الشجاع بعد انهزامه.. و لكن العبرة بشد أزره قبل سقوطه..
و إن الأشرار يوما غلبوه.. فلا حياة لكم إن لم تنصروه..
**
و ليست النصرة بكلام و مداد يجفّ.. بل النصرة بالانتصار بسيل أبدا لا يجفّ..
هكذا تنصرون بانتصاركم للمظلوم.. و إلا عشتم حياتكم في ظلمات الظلام..
و إن كانت تلك عيشتكم ترضونها مددا.. فلا توقظوا الشاعر مجددا..
هو الحاضر الغائب.. و أنتم الغائب الحاضر..
**
بئس الحضور السفسطائيّ.. و نعم الغياب اللؤلئيّ..
اذهبوا و راجعوا تاريخ الفرسان.. فالنضال ليس صنيع الخذلان..
يتبدلون كما تتبدل الحرباء في خريف الجبناء.. و يأتون بدروس موعظة العظماء..
يا ليت الحياة تركتني جاهلا.. فالوعي لهيب قطاره تركني متجهّما..
**
تركت لكم المرح و اللعب بمصير العباد.. فخوضوا في ملهاكم و اتركوا قدر الزّهّاد..
هذا زمان جعلتنا رذاءته.. نعتذر على كلمة حق في كل محافله..
فعذرا هذا قول لا يليق بأنانية الجبناء.. عذرا هذا مقال لا يليق بحقد الحسّاد..
**
تقهرهم الحقيقة فبمكر ينطقون.. و وحده الباطل حليفهم في ما يقولون..
فإذا كان تلوث السلطة لا يليق بالشاعر و نزاهته.. فمن يصلح السلطة غير الشاعر و كفاءته.. ؟
كانت هذه، أيها القراء الشرفاء الأعزاء، فقرة أخرى من فقرات الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة في الجزيرة العجيبة، في جزئها الخامس و الأخير مكرر، على أمل اللقاء بكم في فقرة تالية و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.