https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

أهل تطوان يخضعون لمنطق السوق ويتخلون عن عادات رمضانية عريقة

كنال تطوان / و م ع – عبد العزيز حيون

التسحر بطبق الكسكس المبخر المسمن والمرشوش بماء الزهر، وتناول وجبة الفطور بالباكور (التين الطري) من بين العادات الرمضانية التطوانية الاصيلة، التي بدأت في الأفول لأسباب ترتبط بتغير طقوس الأكل لدى الأسر وبروز مواد استهلاكية أخرى فرضها منطق السوق.

فقد كان من عادة الأسر التطوانية عند وجبة فطور رمضان أن “تؤثث” مائدتها بالضرورة بالتين الطري بشتى أنواعه (الباكور ) و(الغدان) و(اليحمدي) و(المساري) و(القوطي ) و(الحرشي) و(الباغي) و(الحمامي) ،الذي كانت حقول ضواحي تطوان مثقلة به قبل ان تتوارى هذه الحقول الى الوراء لتترك مكانها للعمارات ودور السكن والمعامل.

وليس من باب الصدفة ان يقبل أهل تطوان وضواحيها خلال وجبة الفطور على التين، بل الامر يرتبط بقدرة هذه الفاكهة المتوسطية على تسهيل الهضم بعد يوم الصيام وغنى هذه الفاكهة بكل الفيتامينات والبروتينات التي يحتاجها  الصائم لاستعادة نشاطه وحيويته، وهي على عكس حلويات مائدة الافطار لا تثقل معدة الصائم الذي يحتاج الى توازن خاص في مأكله حتى يمر شهر رمضان في ظروف صحية مناسبة.

كما ان هذه الفاكهة تميزت في وقت ما بثمنها البخس والمناسب لكل الاسر على اختلاف مستواها المادي وكذا تواجدها الكبير في كل أسواق المدينة، خاصة منها المتواجدة في أطراف تطوان، التي يقبل عليها سكان مدينة تطوان للتسوق وأهل البوادي المجاورة لتصريف منتوجاتهم ،قبل ان تتوارى هذه الفاكهة الى الوراء وتصبح من الفواكه الباهظة الثمن التي لا يقوى على شرائها محدودو الدخل والاسر الفقيرة.

كما أنه وأمام قلة حقول أشجار التين وجنوح فلاحي المنطقة الى زراعات اخرى قد تدر عليهم أرباحا كثيرة دون بذل جهد كبير، اضحت هذه الفاكهة تستورد من مناطق أخرى من المغرب، وهو ما كان السبب في غلاء ثمنها وبالتالي تخلي أهل تطوان عن عادة اقتناء هذه الفاكهة بكثافة وتغير جغرافية ومكونات مائدة الاسر التطوانية .

وكما لم تستطع فاكهة التين مواجهة تغير العادات ،فإن عادة التسحر بطبق الكسكس المبخر المسمن والمرشوش بماء الزهر لقيت نفس المصير ولم يعد الحديث عنها الا ناذرا جدا،حتى أن القليل من ساكنة تطوان من يعرف عن هذه العادة شيئا أو يتذكرها .

وبتحليل علمي بسيط ،فإن طبق الكسكس المبخر المسمن والمرشوش بماء الزهر ،الأندلسي الأصل ،هو وجبة خفيفة لكنها تتكون من مواد تساعد الصائم على قضاء يومه بشكل عادي وتحتوي على بروتينات بطيئة الهضم عالية الفائدة .

كما ان هذا الطبق يلائم الصائم ولا يتسبب في مضاعفات او ثقل على المعدة  ،إضافة الى كونه يترك رائحة زكية في فم الصائم،الذي يتوجه عادة بعد وجبة السحور الى المسجد لأداء صلاة التراويح وصلاة الفجر، وكذلك يبقى عليه حال الصائم لوقت الطويل.

كما ان ماء الزهر الذي يحتوي عليه الطبق هو مادة منعشة يمكن للصائم أن يواجه بها حرارة الطقس وارتفاع درجات الحرارة كما يكون عليه شهر رمضان حين تزامنه مع فصل الصيف .

وميزة هذا الطبق أيضا أن مكوناته رخيصة وفي متناول كل الأسر ،كما أن هذه المكونات هي من صنع النساء أنفسهن، سواء تعلق الأمر بالكسكس أو السمن  المنزلي المستخرج من حليب الغنم أو البقر وكذا ماء الزهر، الذي كانت تعده نساء تطوان خلال فترة إزهار شجر الليمون والبرتقال والليمون البري (اللرانج) ،وهو الماء الذي يضفي نكهة خاصة على الاطعمة وفي نفس الوقت يساعد الجهاز الهضمي على العمل المتوازن خلال شهر الصيام .

واذا كانت عادات الأكل تتغير عند أهل تطوان وضواحيها بحكم الاحتكاك المجتمعي وتطور وتغير أنماط الاستهلاك، فغالبا ما يكون هذا التغيير ليس نحو الأفضل، وإنما نحو عادات قد تثقل كاهل الأسر كما تثقل المعدة وتمحو تقاليد جميلة ميزت المغاربة عامة عن شعوب كثيرة.

بقلم : عبد العزيز حيون (المدير الجهوي لوكالة المغرب العربي للأنباء)

6 رأي حول “أهل تطوان يخضعون لمنطق السوق ويتخلون عن عادات رمضانية عريقة”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.