https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

المهنة.. أنثى

“نساء ضد الحركة النسوية”، قد تبدو أقرب ترجمعة لعبارتي: “Femmes contre le féminisme” أو”Women against feminism”.

الأمر يتعلق بصفحة على الفيسبوك انخرطت فيها آلاف النساء لحد الآن، في خطوة ضمن خطوات أخرى على درب سعي المرأة الأوروبية للتحرر من قبضة فكرة “التحرر” التي أدت إلى نتائج عكسية بعد حوالي نصف قرن على تكريسها.

الدعوة الجديدة التي تكسب كل يوم مساحات جديدة، لا ترفض تحرير المرأة ولا تتنازل عن حقوقها المكتسبة بعد عقود من النضال، بل تطالب فقط بحق المرأة في أن تظل انثى.

من المؤكد أن حراس معبد “حرية المرأة” عندنا لن يكلفوا أنفسهم قراءة وجهة النظر هاته، خاصة وأنها ليست مبادرة “فرنسية”، بل أنكلوساكسونية، وقد تعودنا من نخبتنا أن لا تنخرط في مسيرة ما إلا بعد سنوات من انطلاقها، وتحديدا إلى أن تتفضل جهة ما بترجمة ما جرى إلى الفرنسية، لتترجمه جهة أخرى إلى العربية، وبالتالي هناك دائما ما يشبه الـ “Decalage horaire” بين اللحظة التي يقف فيها الحاضر وبين من فاتهم قطار الاطلاع على الجديد في الوقت المناسب.

هذه المقدمة ضرورية، للتنبيه إلى ما توصلت إلى المرأة المنصفة في الغرب، بعد عقود من “التحرر” و”المساواة” التي تأكد أنها موهومة، وأن ثمنها كان عاليا جدا وغير مناسب وغير مبرر.

فـ”الحرية” التي بيعت للمرأة الغربية، كان ثمنها هو تجريدها من أنوثتها بالكامل. وهذا ما أدركته الحركة الجديدة، التي سيكون لها مستقبل كبير، بما أن الخطاب الذي تروجه يتماشى في كثير من محاوره مع متطلبات “الفطرة”.

لقد وصل الأمر في الغرب، إلى حد اعتبار الوظائف الطبيعية للمرأة (زواج، حمل، ولادة، أمومة، إرضاع..) انتقاصا من كرامتها، بل حتى ممارساتها الغزيزية (التجميل، الميل نحو الجنس الآخر..) صنفت كعلامات ضعف وتخلف وتبعية.

فالمرأة “الحقيقية”، هي التي تنسلخ من جنسها وتتحول إلى شبه رجل.. شكلا ومضمونا..

ولعل هذا الوضع هو أبرز أسباب الفوضى الجنسية التي يعيشها الغرب اليوم، ويحاول البعض أن يسوقها ضمن مفهوم “الحرية”، والحال أنها مظهر أزمة خطيرة.. لا مظهر تحرر وتحضر..

كثيرة هي مظاهر هذه الأزمة التي جعلت الإنسان الغربي -رجلا كان أو امرأة- يبحث عن الإشباع الجنسي بطرق شاذة مخالفة للطبيعة، بل بلغ الأمر حد شرعنة علاقة بين جنسين متماثلين واعتبارها “زواجا”، كما انتشرت كثير من الممارسات المنحرفة (زنى المحارم، الاستغلال الجنسي للأطفال..) فضلا عن ولادة نشاط تجاري/صناعي/ خدماتي موضوعه إشباع الرغبة الجنسية بأي ثمن..

في حالة الفوضى هذه، من الطبيعي أن تضيع اصوات العقلاء الذين يحذرون من مخاطر السير في هذا الطريق.. وهؤلاء العقلاء ليسوا بالضرورة رجال كنسية، بل هناك مفكرون وباحثون وسياسيون مرموقون يعتبرون أن الأمر سينتهي إلى كارثة اقتصادية واجتماعية… والدليل أن ألمانيا فتحت أبوابها للاجئين السوريين للتغطية على شيخوخة المجتمع..

السؤال المطروح هنا، هل علينا انتظار عقود ليدرك تجار الشعارات عندنا أن الطريق الذي يسرون فيه يقود نحو الهاوية، وان الذين ساروا فيه قبلهم أدركوا خطأهم ويحاولون حاليا تصحيح المسار بأقل التكاليف وبأدنى الخسائر؟

من المؤكد، أن المكابرة والعناد لن يسمحا لأصدقائنا “المقلِّدين” بالتوقف لقراءة الوضع حولهم، بل سيصرون على استكمال المسيرة إلى نهايتها.. فهم لا يؤمنون بأن الارض تحتهم إلا إذا وطؤوها بأقدامهم..

إن مما يثر الأسى، أن اصحاب الشعارات الكبيرة عندنا، يرفضون مجرد الاستماع للآخر، ويعتبرون انفسهم ظواهر فوق النقد، ويظنون أن الصوت العالي، وتوفر المنصات لقرع الطبول، يمكن أن يغطي على حقائق الواقع العنيد.

في الغرب المتحرر، هناك اليوم اصوات كثيرة تتعالى للمطالبة بأن تظل الأنثى أنثى والذكر ذكرا، حتى تستمر الحياة بشكل طبيعي..

في هذا الغرب المتطور أدى التطرف في فهم وتنزيل “تحرير المرأة” إلى تحويلها إلى مجرد أداة للمتعة، ووسيلة للترفيه.. بل انحدرت إنسانيتها إلى أسوأ مما كانت عليه في القرون الوسطى..

ألا تباع اليوم المرأة وتشترى في محلات مرخص لها؟ ألا تعرض عارية في “فترينات” كأية بضاعة لها ثمن؟ واي فرق بين نظام الجواري الذي كان سائدا في عصور الظلام، ونظام شركات “الإمتاع والمؤانسة” التي توفر لزبنائها أي “نوع” وأي عدد من النساء، اللواتي يمكن “استعمالهن” بأية طريقة، ولزمن غير محدد مادام العداد يعمل بالدقيقة أو الساعة او اليوم؟

وأي فرق بين اسواق النخاسة التي كانت تباع فيها النساء مباشرة، وبين مواقع الانترنيت التي تعرض اليوم صور “بضاعتها” المرصوصة، حيث يكفي استعمال البطاقة البنكية لتظهر “الجارية” الشقراء أو السمراء بين يدي الزبون ليفعل بها ما يشاء؟

لقد أدرك العقلاء والمنصفون في الغرب، أن شعارات التحرير والمساواة انحرفت عن مسارها، وان التطرف والمغالاة في تنزيلها قادا في النهاية إلى تحويل المرأة إلى مجرد “شيء”.

كما ادرك هؤلاء أن المرأة لا يمكن ان تكون ندا أو بديلا للرجل، كما لا يمكن ان يكون هو ندا ولا بديلا لها، بل إنهما معا يكملان بعضها، شرط ان يحتفظ كل منهما بخصوياته.

قد يبدو غريبا، ان يكون أحد مبررات الجماعة أعلاه، هو الدفاع عن حق المرأة في أن تتجمل وفي ان تطيل شعرها، وفي أن “تتمكيج”، وتصبغ أظافرها، وتتزوج وتنسج مع زوجها وترضع أولادها، لكن هذا هو الواقع، ذلك ان تطرف الحركة النسائية في الغرب، بلغ درجة أصبح معها الجلوس أمام المرآة “جريمة”، بل يكفي استعراض وجوه عينة من وجوه هذه الفئة للوقوف على أنها نجحت فعلا في التخلص من معالم الأنوثة.

خلاصة الكلام..

تسويق الشعارات البراقة، لا يمكنه أن يلغي أحكام الطبيعة.. وكل محاولات الالتفاف على مقتضيات الفطرة ستتكسر على صخرة الواقع العنيد الذي لا يجامل..

وأتمنى ان يستفيق بعض “سكارى الشعارات” الذين يفضلون وضع التابع على وضع المبدع.. فالذين سبقوهم إلى رفع هذه الشعارات بدأوا في العودة إلى الأصل، لأنهم أيقنوا ان الطريق الذي سارت فيه مجتمعاتهم لا يمكن أن يؤدي سوى إلى الكارثة..

ولا أنتظر طبعا ان يعجب هذا الكلام من يعتبرون أن الأنوثة عيب.. مع أنها أشرف وأغلى شهادة أهلت المرأة لأن تكون أما واهبة للحياة.. والأم مدرسة كما قال الشاعر.. وكما يدرك ذلك جيدا من يريدون تحويل هذه “المدرسة” إلى “مزبلة”..

رأي واحد حول “المهنة.. أنثى”

  1. عليهم الانتظار مائة سنة حتى يعرف الحداثيون ودعاة الحرية البهائمية عندنا أنهم كانوا خاطئين وبعد ذلك سيكون القطار قد فاتهم فدرهم في خوضهم يلعبون ويتفلسفون

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.