https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

تطوان بعين شاعــــــرها !

كنال تطوان / الكاتب : د. يوسف الحزيمري

أدب التغني بالمدن والأوطان مسقط الرأس وريعان الشباب يكاد يكون جنسا أدبيا قائما بذاته، فما من شاعر إلا وخلف وراءه قصيدة يتغنى فيها بقريته أو مدينته أو وطنه عامة، وهذا الجنس له بعد إيماني في ارتباط الإنسان بالوطن لقوله عليه السلام: (حب الأوطان من الإيمان)، وقوله صلى الله عليه وسلم عند خروجه من مكة: (أما والله لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلي، وأكرمه على الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت).

هذا وتجد الشاعر يتغنى بالمدينة التي شرب حبها حتى تضلع منه، فما إن يغادرها ويستقر به المقام بمدينة أخرى أو وطن آخر حتى يهيم به الهوى والحنين، فيصارع بهما الغربة، بما يخرج قصائد جياشة تعبر عما يختلج به من تلك المشاعر، فإن كانا حبا وحنينا فهو كذلك، وإن كان حسرة على ما آلت إليه المدينة من تغير معالمها وعمرانها، وتبدل أناسها، عما عهده عنها، تجد القصيدة متحسرة وكأن تفاعيلها زفرات.

وكمثال على هذا التغني والحسرة نأخذ قصيدة الشاعر عمر البقالي الموسومة بـ (الحمامة بالبيضاء)، والتي تغنى فيها بمدينة تطوان مسقط رأسه، معرجا على معالمها واحدة تلو الأخرى، ومتحسرا في نفس الوقت على ما آلت إليه، وليس هو وحده، بل نجد العديد من شعراء مدينة تطوان وفنانينها، ذكروا تلك المعالم لما شكلت عندهم من هوية منطبعة في الذاكرة، فالشاعر في قصيدة، والرسام في لوحة، والمطرب في أغنية…إلخ.

ولعل المبادرة الملكية التي رامت تهيئة مدينة تطوان والتي كان من جملتها إعادة بناء الفدان، وتهيئة وادي مرتيل، وغيرها جاءت متساوقة مع هذه الحسرات، فصادفت هوى متمكنا في قلوب التطوانيين عموما.

إن قصيدة (الحمامة البيضاء) تضمنت إشارات قوية انتقادية وحميمية رائعة للشاعر الفنان (عمر البقالي) وهي ضمن ديوانه (باقات برية) إشارات جد مهمة بأسماء أماكن ومؤسسات تطوانية قد طالها الإهمال – إلى وقت كتابة القصيدة- أو التلف وهدم بعضها الآخر،  أو تعرض للنهب.

فعن وادي المحنش وما شكله في ذاكرة التطوانيين باعتباره متنزها كانت تأوي إليه الأسر التطوانية، يقول:

هذا (المحنش) في عرس الربيع زها***بالحسن و الحسنوات في حمى الخدم

فضفتاه اذا تكلمت نطقـــــــــــــــــت***بمن أقاموا عليها وا فرالنعـــــــــــــــــم

ما اجمل العيش فوق عشبه العطـــــر***مضمخح بعبير الزهر متســــــــــــــــم

تحيا النفوس به و تنتشي مرحــــــــا ***يزيح عنها هموم الكد و الألــــــــــــــم

ويقول عن متنزه رياض العشاق:

رياضك الفذ للعشاق منتــــــــــــزه*** يزهو بروعته الرواد في حشــــــــــــم

ذاك البديع اللذي أمسى به معجــــبا***ذ ووا الصبابة من عرب و من عجـــم

وكان للفدان وروائعه التشكيلية وأجوائه الحميمية نصيب وافر:

ضاعت هنا بفضا الفدان هندســــة ***عجيبة أصبحت في عالم العــــــــــــدم

كم من يد بحلى العمران قد عبثت***فأتلفت قمة الابداع في الهــــــــــــــــرم

هو التراث الذي غابت أصالتـــــــه***مع الزمان بفعل الغصب و الهـــــــــدم

روائع الفن و التشكيلي قد ذهبــــــت *** فبات احساسنا يستاء فــي ا لــــــــــــــــــم

وا حسرتاه على ما ضاع من تحـــف***بذكرها لم يزل يقر كل فــــــــــــــــــــــم

أما متحف تطوان والخزانة العامة فعبر عنهما متحسرا بقوله:

ومتحف صنف الآثار تصحبـــــه ***خزانة ضمت المحفوظ من قـــــــــــدم

واحسرتاه على ما ضاع من تحف***بذكرها لم يزل يقر كل فــــــــــــــــــــم

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.