https://www.facebook.com/MoroccoTravelAgencySARL

هذه الدواعش التي تنتهي !

كنال تطوان / بقلم : د.العمراني عثمان

 نتذكر جميعا حينما كنا في مرحلة التعليم الثانوي، أيام الغزو السوفياتي لأفغانستان، و فورة المجاهدين، و سقوط الطائرات بمقالع حجرية و أسلحة بدائية.

كم كنا أغبياء، أتذكر حينذاك، و نحن في خضم الفورة الحماسية بالجهاد و المجاهدين و اندحار الدب الأحمر، و معها بروز الشيوخ و دعاة السياحة الجهادية، و تنظيم اللقاآت و الأنشطة لتدعيم الجهاد و المجاهدين في كل أصقاع الأرض إلا في فلسطين التي كانت تحاصر، بينما صوت محمد درويش بح من الصياح؛ حاصر حصارك.

كنا نتسائل في ما بيننا خلسة، و نحن نحاول أن نجد تبريرا يعفينا من شر الشك في نوايا الدائرة الكبرى المحركة و المخططة لكل هذا؛ ولماذا فلسطين ليس فيها جهاد؟ ولماذا هذا الحماس المنقطع النظير لتحرير أفغانستان بهذه الطريقة الهستيرية؟

بعدها سيخرج الإتحاد السوفياتي، و بعدها مباشرة ستستعر حرب ضروس بين أباطرة الجهاد، الذين كونوا ميليشيات و أسلحة ضخمة، و سيطروا على مقاطعات شاسعة يقومون بالتحكم في عائداتها. ثم كونوا علاقات جد وثيقة مع الدول التي دعمتهم، و منها الولايات المتحدة الأمريكية التي سنكتشف أنها كانت الحليف الرسمي لأمراء الجهاد و الحرب في أفغانستان، و العقل المدبر بكل أجهزتها الإستخباراتية الجبارة و بالطبع التمويل من الشرق الأوسط.

لن ينتهي المخطط عند إشعال فتيل الحرب الأهلية و الخروج من صراع لآخر، حتى ظهر للعلن فصائل طالبان و سيطرتها، بل و اجتثاتها لفصائل المجاهدين و تحالف (جهرا) هؤلاء الذين كانوا مجاهدين ضد السوفيات، ومن ثم بداية صراع مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية بتحالف عربي غربي لتقوم هذه الأخيرة بالتدخل مباشرة، و بروز القاعدة و ما حصل بعد ذلك فجميع المتتبعين يعرف ذلك.

سيأتي غزو العراق و بعدها الربيع العربي، و ما يسمى التغيير عن طريق الحركات الإسلامية، و ما وازاها ذلك من تفاجئ الشعب العربي من ضعف و ضحالة هاته الأحزاب و الجماعات الإسلامية، التي صمت ٱذاننا و جعلت شعارها الخالد (الحل هو الإسلام) يندثر أثناء تسيير دوالب الدولة، فما استطاعت لذلك سبيلا، و لاتركت الشعب يصنع مصيره بيده.

لن تطول المدة هذه المرة لتبرز في العراق و سوريا، بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها بغزو الأولى و دعم الثانية، ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق و سوريا (داعش) التي ستدشن وجودها بمذابح رهيبة فاقت ما وقع للعباسيين على يد التثار. بل و سنلاحظ، و في خضم التواجد الرهيب للولايات المتحدة في العراق و مراقبتها لسوريا، أن هاته الحركة التي أصبحت دولة تتطور نحو السيطرة التامة ك، و تحارب في ٱن فصائل المقاومة بسوريا، و استعداء الكل في صورة لم نعهدها منذ زمن طويل.

للوهلة الأولى سيتبادر لذهننا، أن داعش تستفيد من غضب المسلمين المناصرين لها، الذين فقدوا التغيير الحقيقي في بلدانهم الأصلية، و بالتالي اختاروا التواجد مع داعش ليس حبا فيها، بل كرها في ما صل إليه الحال مند ما يسمى بالإستقلال الصوري عن المستعمر و الفشل الذريع لفوضى الربيع العربي!. و الحال أن المتتبع لهذه الحركة الدموية، و التي لانجد لها مثيلا في أدبياتنا العربية، اللهم من تشابهها مع المغول في غزوهم لبغداد، أن هناك تواطئ و غض للبصر من نوع ما، حتى تقوم بالدور المناط لها القيام به لتستكمل حلقة كانت بدايتها مع المجاهدي الأفغان( أمراء الحرب)، و هذا ما يدعم فرضية هيلاري كلينتون بأن داعش صناعة أمريكية.

لكن داعش هاته المرة، و على عكس كل فصائل المجاهدين، ستتحول من الداخل لتصبح ماركة مسجلة دوليا، على غرار الشركات المتعددة الجنسيات العابرة للقارات؛ تضرب و تهدد و تسبب في أزمات ستكون عواقبها وخيمة على المجتمع الدولي.

و ستصبح البعبع، و يراد لها أن تصبح بعبعا يستعمله الكل حسب مصلحته، و الحكومات حسب مخططاتها لتمرير قرارات ما كانت لتستطيع تمريرها لولا خدمات داعش المجانية.

ستصبح فرنسا هدفا مشروعا لداعش، و بالفعل فقد ضربت في قلب باريس، و سقط هناك قتلى و حصل رعب شديد، قامت فرنسا معه مباشرة بقصف ما يسمى بمعاقل داعش في سوريا.

ستسقظ فرنسا في فخ داعش، لأنه في اعتقادي، فهذا هو هدف داعش، و في نفس الوقت سيأدي المهاجرين المسلمين، و الفرنسيين المسلمين وخصوصا من أصول مغاربية الثمن، و الثمن دائما باعتبارهم الحاضن الرسمي للجهاديين (حسب فرنسا).

و هذا خطأ ثاني تقع فيه فرنسا، التي لولا هؤلاء المهاجرين المسلمين و تضحياتهم، إبان الحرب العالمية الثانية لأصبحت فرنسا مقاطعةألمانية يتكلم سكانها باللغة الآرية.

داعش ليست وليدة اليوم، و الجهاد أو أمراء الحرب ليسوا و ليدوا اليوم حتى نقوم مذعورين و كأننا سنكتشف الغول لأول مرة و نحن الذي قمنا بخلق، و الغول سيتحول لأغوال، و ستموت داعش لتترك مكانها لمن هو أشد منها دعششة.

قصة فرانكشتاين و الغول لازالت حية تتكرر كل مرة، و هو ما يجب معه أخذ الحذر بشدة لنعيش بسلام في هذا العالم.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.